يقدّم الشيخ حسن السعيد (حفظه الله) بمقدمة تعريفية بالموضوع الذي هو في وارد بحثه وهو مثبتات الأمارة والأصل، فيُحدد المسألة المبحوثة أولًا، وهي: هل الأمارة والأصل حجة فيما يترتب عليهما من الآثار العقلية أو العادية إذا ترتب عليها حكم شرعيٌّ أو لا؟
و بعد ذلك يحددُ موقعها في البحث الأصولي منهجيًا وهو وقوعها في تنبيهات الاستصحاب عند بحث الأصل المثبت، وحجيته في إثبات الأثر الشرعي المترتب على استصحاب الأثر العقلي أو الأثر العادي.

وأشار إلى أنّ البحث هناك قد انجرّ من خصوص الأصل المثبت إلى كل المثبتات في الأمارات والأصول على حدٍّ سواء، فالمقصودُ من (المثبت) هو ترتيب الأثر الشرعي على اللازم غير الشرعي للملزوم سواءً كان إثباته بالأمارة أم بالأصل.

ومن ثمّ يذكر الباحث أن شأنيّة هذه المسألة أن تبحث في مقدمات البحث الأصولي لعمومها سائر البحوث، كما ذهب إلى ذلك بعض الأصوليين، وهو الشيخ محمد باقر الأيرواني، كما أشار إليه في الحاشية.

وبعد تعريفه بالبحث يبيّن الرأي المشهور عند العلماء مع مقابله توطئةً لاستعراض النظريات في المسألة.

والمشهور هو حجية المثبتات أي الآثار غير الشرعية المنكشفة بالأمارات دون الأصول، ووجود الفرق بينهما في ذلك.
ومقابل المشهور قولان:

الأول: عدم الحجية في جميع الأمارات والأصول سوى المثبتات في باب الإخبار.

الثاني: عدم الحجية مطلقًا، كما يشي به نقدهُ لكافة الأدلة المفيدة للحجية فيهما.

ومن ثمّ يبدأ الباحثُ بذكر النظريات والمناقشات التي أوردت عليها، وقد ذكر ست نظريات:

الأولى: ما اختاره الآخوند الخراساني في كفايته من اختلاف دلالة الأمارات والأصول.

الثانية: ما اختاره الميرزا النائيني من اختلاف المجعول في الأمارات والأصول.

الثالثة: اختلاف وجه الحجية في الأمارات والأصول، وهو ما ذهب إليه الإمام الخميني.

الرابعة: ما ذهب إليه السيد الخوئي من عدم الفرق بين مثبتات الأمارات والأصول.

الخامسة: ما ذهب إليه الشهيد الصدر من اختلاف الحكم الظاهري فيهما.

السادسة: التفصيل في حجية مثبتات الأمارة، وهو ما ذهب إليه السيد السيستاني والشيخ مكارم الشيرازي على اختلافٍ بينهما في التفصيل.

وفي ختام البحث يبيّن الباحث وجهة نظره العامّة في المسألة، فيقترحُ اقتراحين مرتبطين بالمنهج:

الأول: أنّ بناء الأصوليين في البحث عن العلاقة بين الأمارة والأصل هو بناءٌ نظريٌّ، بينما يمكنُ بحثها من وجهةٍ أخرى بتحليل واستقراء الأدوات الفقهية الأساسية، أي الكتاب والسنّة وما يقتضيانه من إطار عام ينتظم فيه سلك التكليف والحكم الشرعي والأدلة والعلاقة بينهما.

الثاني: أن بناء النصوص الشرعية من الآية والرواية على الفهم العرفي، والتعاطي العقلائي، وبناءُ النظريات المذكورة على التحليل الفلسفي، ومن الضروري الالتجاء في تحديد مدى دلالات النص إلى الأول.

وأخيرًا يشيرُ الباحث إلى أن هذه المسألة لم تعطَ حقها من البحث بنحوٍ مستقل يبين فيه مقدار الدلالات الإلتزامية للدليل الشرعي، وهو ما يشترك مع مسائل أخرى مثل مسألة المفاهيم بمعناها المنطقي.