اختلف الفقهاء -بعد اتفاقهم على جزئية البسملة في سورة الفاتحة وسورة النمل، وعدم جزئيتها في سورة براءة-، في جزئية البسملة لسائر السور، والمشهورُ جزئيتها.

وعلى أيّ حالٍ فإنّ المسألة قابلةٌ للنظر، والأدلّة عليها متنوّعة، وقد طرح شيخنا الوالد (أطال الله بقاءه) في بحثه أدلّتها مناقشًا لها، ومبينًا نظرهُ فيها.

وقد تضمن بحثه نقاشًا لما أفاده القمي في مباني المنهاج، وما ذكره العلّامة في المختلف، وما نقله الحكيم في المستمسك عن جماعة.
وأورد على ما استدلّ به السيد الخوئي على ما حرّر عنه في المستند، وناقش دلالة الأخبار التي ادعى الشيخ يوسف في الحدائق دلالتها على القول المشهور.

وعمدة الأدلّة عنده هو الأخبار، مخالفًا في ذلك للقمّي حيث اعتمد السيرة، ومختلفًا مع العلّامة، وما نقله الحكيم عن جماعة، حيث استندوا إلى ثبوتها في المصحف.
واتفق مع الشيخ البحراني والسيد الخوئي في دلالة الأخبار على ذلك، لكنّه اختلف معهم في تقريب الاستدلال، والجمع بين الأخبار، وتعيين الأخبار الدالّة على مدعى المشهور.

وبعد الأخذ والردِّ فيما ذكروه واعتمدوه يبيّن وجهة نظره، فيختارُ من الأخبار ما رواه صفوان الجمال عن أبي عبد الله (ع) قال: (ما أنزل الله من السماء كتابًا وإلا وفاتحته بسم الله الرحمن الرحيم، وإنّما كان يُعرف انقضاء السورة بنزول بسم الله الرحمن الرحيم ابتداءً للأخرى).
فهذا الخبر أظهر الأخبار في الدلالة على الجزئية، وتقريبها: أنّ انقضاء سورةٍ وابتداء أخرى بتلقي الرسول (ص) من جبرائيل (ع) وإيحائه البسملة، فظاهر الوحي هو جزئيتها للسورة لا أنّها تلقى للتبرّك أو لمحض التمييز بين السور.

وبعد تقريب دلالة هذا الخبر تتضح دلالة الأخبار الأخرى ووجه الحمل فيها، وينفتحُ بابُ الفهم لسائر الأخبار، وقبل الوقوف على دلالته لا يكونُ الاستناد إلى غيره مفيدًا لذلك، حيث اختصّ بعضها بإفادة جزئيتها للفاتحة، وبعضها بالدلالة على أصل قرآنيتها، على خلاف ما ذهب إليه جماعة من العامّة.
نعم، ما رواه الكليني عن يحيى بن عمران الهمداني قد دلّ على وجوب قراءة البسملة في الصلاة في كلٍّ من الفاتحة والسورة، ولمّا كان الوجوب النفسي لها لا معنى له كان ذلك لأجل جزئيتها في السورة، ودلالة هذا الخبر بالالتزام لا بالمطابقة، كما أشار الباحث لذلك.

ثمّ إنّه بعد ذهاب الباحث لمذهب مشهور الأصحاب، يُبيّن الآثار المترتبة على هذا القول، ويحصي ثمانية آثار وأحكام فقهية، وبذلك ختامُ بحثه.