ورحل الشيخ العكري
رجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
في يوم الجمعة الموافق 18 من محرم الحرام 1432هـ، الموافق 24 ديسمبر 2010م، أعلن نبأ وفاة الشيخ محمد علي العكري، أحد الرجالات الذين ساهموا في النشاط الديني الملحوظ في الفترة بين السبعينات والثمانينات، وقد كان سبباً لتدين الكثير من الشباب وهنا محاولة لترجمته بما توفر لدي من معلومات:
1- اسمه ونسبه:
هو الشيخ (محمد علي) بن ملا منصور بن محمد بن منصور العكري، وقد رأيت له في بعض مخطوطاته يكتب اسمه هكذا (محمد علي جعفر مهدي) بن الحاج منصور العكري، وهو إضافة منه _ رحمه الله _ حيث كان محباً لأسماء أهل البيت صلوات الله عليهم ويرغب في إضافتها لاسمه، والله تعالى العالم، أصل هذه الأسرة من قرية العكر ولذلك التصق اللقب بهم حتى بعد انتقال والده المرحوم الملا منصور إلى قرية الديه واستيطانه فيها فأصل هذه الأسرة من قرية العكر، وكانت الديه سكناً ومنشأ لشخصية صاحب الترجمة.
2- والده:
والد الشيخ شخصية لها ارتباط بالجو الديني وهو الملا منصور بن محمد العكري خطيب، وشاعر معروف وله ديوان هم المرحوم الملا محمد علي الناصري بطباعته، ولم يطبع لليوم لضياعه وقد عثر عليه مؤخراً وهو يضم لوناً جيداً من الشعر الشعبي الحسيني، كان والده أحد أشهر قارئي المنتخب للطريحي، امتهن الفلاحة وصيد السمك فترة من حياته ولازم الخطابة سنوات من عمره وقرأ في الكثير من قرى البحرين، وترك الخطابة قبل وفاته بعشرين أو خمس وعشرين عاماً، مؤسس حسينية العكري في الديه، وأحد قارئي المراثي والمدائح في الأعراس وله فيها أطوار خاصة حدثني عنها بعض كبار السن والشيخ الفقيد أيضاً، توفي الملا منصور في 30 أكتوبر 1984م الموافق، 6 صفر 1405هـ عن عمر يناهز الخامسة والتسعين وله خمسة أولاد، وأربع بنات. منهن معلّمة القرآن الحاجة فاطمة بنت ملا منصور، وقد امتهن من أولاده اثنان مهنة الخطابة وتتلمذا على أبيهما وهما (صاحب الترجمة) وأخوه الأكبر (ملا حسن) وهو والد الناشط الحقوقي عبد النبي العكري.
3- ولادته:
ولد الشيخ محمد علي العكري في العام 1941م، في حدود العام 1360هـ تقريباً، في قرية الديه حيث سكنى والده في بيت متدين عرف عنه انتماؤه للحسين عليه السلام والحسينية، وبالخصوص في جوار حسينية (العكري في الديه) التي أسسها والده في نهاية الستينات، مما وفر لنشوء شخصيته في جو ديني ملتزم ظهر أثره على الولد فيما بعد.
4- تحصيله العلمي:
بدأ حياته العلمية بقراءة القرآن وتعلمه ، وتعلم الخطابة أيضاً على يد والده بأساليبها وطرقها (التصنّع) ولازم والده لسنوات، ثم توجه للعمل حيث كان يعمل في وزارة الصحة بجانب توجهه لطلب العلم، والجدير ان الشيخ يجيد اللغة الإنجليزية وقد أفاد منها في تبليغه، وقد دأب على تحصيله في مدرسة الشيخ عبد الحسن عند بعض مشايخها لسنوات، وفي حدود اطلاعي لم يرتبط بحوزة النجف الأشرف أو قم المقدسة في تلك الفترة _ والله تعالى العالم _ كما أن الشيخ رحمة الله عليه كان متواضعاً من الناحية العلمية والتحصيل، إلا أنه يمتلك اطلاعاً لا بأس به في الدين، رأيت له مراسلات لعلماء النجف في استفتاءات للبحرين تعنى بالشأن الاجتماعي وشؤون الناس والموظفين، ومسائل ابتلائية من السبعينات.
5- وكان خطيباً:
وكان رحمة الله عليه خطيباً بارعاً، إلا أنه لم يهتم بجانب الخطابة في حياته كثيراً ولم يوله اهتماماً بسبب انشغالاته الكثيرة، وقد استمعت إليه وهو يملك صوتاً شجياً وطرقاً في الخطابة قديمة مندثرة كطريقة (النهامة)، حكى لي أكثر من واحد ان والده كان يدأب على قراءتها وأما موضوعاته ومحاضراته فقد كان يسلط فيها الضوء على الأمور الاجتماعية، فكانت مجالسه ومحاضراته مفيدة لا تخلو من توجيه النقد السياسي والاجتماعي.
6- إمام في الجمعة والجماعة:
دأب الشيخ على إمامة الجماعة لسنوات في قرية الديه في بعض مساجدها، ولكنه بجانب ذلك كان إماماً للجمعة أيضاً في مسجد الشيخ درويش في الدراز لسنوات، وكان يقيمها على رأي الشيخ يوسف العصفور الذي لا يشترط اجتهاد وفقاهة الإمام في الجمعة، ورغم قلة الحضور عنده فقد لا يتجاوزون أصابع اليدين _ اي بأدنى ما تنعقد به صلاة الجمعة _ فكان يأتي بشروطها، إلا أنه لكثرة احتياطاته كان يعيد الصلاة ويأمر من معه بالإعادة، وكانت خطبه حماسية وملتهبة ثم انقطع في فترة الأحداث وبعد عودة الشيخ عيسى أحمد قاسم للدراز إماماً للجمعة.
7- نشاطه في التبليغ الديني:
كان عطاء هذا الرجل في مجال التبليغ الديني بلا حدود فقد أوقف نفسه وماله ووقته في تبليغ الدين ونصح المؤمنين فجزاه الله خير الجزاء، ويمكن ان نلخص دوره الريادي في مجتمع متواضع وبسيط وبقدرات متواضعة، قد أنتجت وأثمرت جيلاً يحفظ الدين متديناً متمسكاً بأهل البيت عليهم السلام، حتى على صعيد العمل المؤسساتي.
لقد كان الشيخ بمفرده مؤسسة متنقلة للتبليغ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مارس هذه الشعيرة على كل الأصعدة في المجتمع فتراه في القرية ينصح هذا ويأمر تلك المرأة بالحجاب، ويدعو للطاعات وبحسب اطلاعي الشخصي وسؤال بعض معارف الشيخ والمقربين منه فقد كان شعلة نشاط في الحفاظ على الجو الديني ويمكننا أن نلخص دوره في التبليغ في عدة نقاط:
1- التحرك الشخصي للقضاء على بؤر الانحراف في قرية الديه وبعض المناطق المجاورة بالنصح والإصلاح والتدخل ولو كلفه ذلك إهانات الناس له، وقد تعرض للإيذاء ودخول مراكز الشرطة مراراً بسبب توجهه للقضاء على الانحراف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد أثمر هذا الجهد الكثير وهو مخزون في ذاكرة الكثير من فتيات البحرين وشبابهم من الأجيال المعاصرة له. وله يد وباع في دحر جماعة ممن دأب على الترويج للمخدرات وهدم شباب القرى فكانت بينه وبينهم مواجهات مشهودة. ولم يأل جهداً في توعيتهم ونصحهم حتى أدى دوراً في هذا المجال.
2- التعليم الديني في قرية الديه وبعض القرى، لقد ركز الشيخ على ضرورة تثقيف الشباب وتوجيههم وربطهم بالدين عبر الدروس التي كان يهيئ لها وبالخصوص للفتيات الصغيرات حيث أعانته في ذلك بعض بناته جزاهم الله خير الجزاء، واهتم بتعليم الصغار الدين وتلقينهم مبادئه، ودروس تعليم الصلاة، مازالت عالقة في أذهان الكثيرين حيث كان معلم الصلاة لهم هو سماحة الشيخ رحمه الله، وكان نشاطه التبليغي قد بلغ ذروته في المنتصف من الستينات والسبعينات، والثمانينات.
3- مقاومة المد والفكر الشيوعي في السبعينات، ولقد كان له دوراً رحمة الله عليه في مواجهة النشاط الشيوعي والأفكار الإلحادية التي انتشرت في أوساط الشباب في تلك الفترة، فكان يلقي المحاضرات ويتخذ من منبره سلاحاً لمواجهة تلك الأفكار الملحدة التي انتشرت تلك الفترة في بعض الأوساط في البحرين.
4- تأسيس (الجمعية الحسينية التعاونية) في قرية الديه، في مبنى الحسينية المعروفة بمأتم العكري، مارس خلالها نشر الوعي الديني في أوساط الشباب حيث كان يؤمها الكثير منهم يتلقون المعارف الدينية من فقه وسيرة وتفسير ودروس في العقيدة وكان بها جماعة من المدرسين. ومن أهداف الجمعية بجانب نشر الفكر الديني، جمع الأموال والتبرعات لغير القادرين على الزواج وقد ساهم بدعم الكثيرين في هذا المجال. وقد جاء في بعض المنشورات التي كانت توزع في العام 1975م ما يلي كإعلان ما نصّه: [الجمعية التعاونية الإسلامية الحسينية، لنشر المعارف الإسلامية وإقامة الشعائر الحسينية وإحياء الحفلات الدينية والقيام بالأعمال الخيرية، تعتمد جمعيتكم هذه على تعاونكم معها مادياً ومعنوياً في منطقتكم هذه (جد حفص والسنابس والديه) وتهيب بالمسلمين جميعاً في القرى وخارج البحرين للتعاون معها مادياً ومعنوياً.
* تزاول القيام بأعمالها ابتداءً من أول شهر رمضان المبارك بتلاوة القرآن المجيد ونشر المواعظ والإرشاد والقراءة الحسينية وستستمر بعد شهر رمضان المبارك مباشرة في تدريس القرآن الكريم وتعليم المعارف الإسلامية الضرورية وتعليم الصلاة اليومية والأمور المهمة وتقوم بأعمالها الأخرى إن شاء الله تعالى.
* تستلم التبرعات لها والاشتراكات الشهرية وتعطى وصولات استلام ممن يعينهم القائمون على خدمتها والإشراف عليها.
* من القائمين على خدمتها والمشرف عليها خصوصاً (محمد علي الحاج منصور العكري).
* تهيب الجمعية بكم وكلها ثقة ان تدفعوا تبرعاتكم واشتراكاتكم إلى المختصين دون الحاجة إلى التجوال على البيوت والحوانيت].
خادم الإسلام الحنيف وأهل البيت المطهرين (ع)
محمد علي الحاج منصور العكري
5- تأسيس جمعية _ أخرى _ مختصة بشؤون الزواج والتزويج، حيث كان من المحرضين على الزواج لمكافحة انحراف الشباب، ولم أستطع معرفة كون هذه الجمعية قد مارست دورها أم لا وهل أُشهرت أم لم تشهر والله تعالى العالم.
6- إصدار المنشورات وتوزيعها يذكر فيها أفكاره ودفاعه عن الدين، ويحث فيها الناس على الخير ونبذ بعض الظواهر الاجتماعية الخاطئة.
وكثيراً ما يستوقف الناس منظر ذلك الشيخ الذي يعتمر العمامة الكبيرة الحجم على غير الحجم العادي ويدلي بحنكها ويمسك بيده العصا، تراه في الأسواق، والمقابر، وأي تجمع يخطر على بالك ليلقي كلمة أمر بمعروف وينهى عن منكر ذلك هو (العكري).
8- النشاط السياسي للشيخ العكري:
كل من يعرف الشيخ عن قرب يعلم يقيناً أن الشيخ ليس منتمياً سياسياً لجهة معينة بقدر ما هو ناقم بشدة على تردي الوضع السياسي والذي يصحبه تردي الوضع الاجتماعي وانتشار الانحراف فكان يلقي الخطب الحماسية الداعية للتصدي لموجة الانحراف رابطاً لها بالسياسة، كما كان يذهب لرأس السلطة السياسية كالأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان ويكلمه عن الكثير من التجاوزات والأخطاء التي كان يراها في المجتمع، وكان معروفاً لدى رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان حيث كان يحضر إلى مجلسه ولا يخلو حضوره من قضاء حوائج المؤمنين وإيصال الرسائل وبعض المطالبات للسلطة، وأما مشواره السياسي فقد كان أشهر من أن يذكر حيث تم اعتقاله في الفترة بين (1980 م _ 1984م) حيث كانت البحرين تعيش فترة احتقان أمن الدولة، وقد قاد الشيخ رحمة الله عليه حركةً سياسية في العام 1979، من خلال ندوة جماهيرية كبرى في قرية الديه، مع الشيخ علي العصفور، وطرح من خلالها عدة مطالب سياسية واجتماعية، ودخل على إثرها بتنسيق مع العلماء للمطالبة بتصحيح الأوضاع العامة وإيجاد حل لمشكلة البطالة والغلاء، وعلى إثر تحركه آنذاك اعتقل في العام 1980 وطبق عليه قانون أمن الدولة، وبقي في المعتقل لأكثر من 50 شهراً. ونقل لي الكثير ممن عاصره في سجن (جدا) حيث قضى فترة اعتقاله، أنه كان شديد الكلمة، لا تأخذه في الله لومة لائم، حتى ان الشرطة يعاملونه معاملة خاصة وتكون أبواب السجن أمامه مفتوحة اتقاءً من لسانه وجرأته، في فترة التسعينات كان الشيخ أحد الوجوه الفاعلة وقد تعرض للكثير من الإيذاء، وقد رأيته يتحرك على الكثير من العرائض الشعبية التي يحرص على إيصالها بنفسه للحكومة وأمير البلاد في ذلك الوقت، ورغم كون أكثرها لا يصل فمع ذلك كان الشيخ يقوم بدوره، ذكرني بقصة أبي ذر الغفاري رحمة الله عليه. كما أن وجه الشيخ كان مألوفاً في اكثر التجمعات السياسية منذ الثمانينات على رغم تكرار سجنه وإطلاقه، ففي اكثر التجمعات في مسجد مؤمن كان أحد الوجوه المعتاد رؤيتها وكذلك في التسعينات.
9- مؤلفات وكتابات:
لم يهتم الشيخ كثيراً بالتأليف إلا أنه قام بجمع بعض المسائل الفقهية بشكل إعداد لها وما وجدته له رحمة الله عليه
- (رسالة الصلاة) وهي بمثابة رسالة عملية لمقلدي الشيخ يوسف العصفور، حيث كان الشيخ رحمة الله عليه ينتهج المسلك الأخباري ومن المتشددين فيه، جمع الرسالة وقام بمراجعتها الشيخ سليمان المدني والشيخ علي المخلوق وغيرهم وطبعت في البحرين العام 1990م الموافق 1410هـ، وكان قد وضعها كمنهج دراسي للمرحلتين الإعدادية والثانوية. رغم كونه قد كلفه في طباعته ستة آلاف دينار أصبحت ديناً عليه فيما بعد وقد قام بتوزيع الكتاب مجاناً. والجدير بالذكر ان الشيخ قد كتب في خاتمة الكتاب بعض العبائر التي انتقد فيها المدرسة الأصولية مما أثار حفيظة الكثير من العلماء، وقد انتقد هذا الأمر المرجع الخوئي قدس الله روحه.
- (موجز رسالة الصلاة) وهو مختصر للسابق وهو على ضوء فتاوى الشيخ يوسف رحمة الله عليه راجعه الشيخ سليمان المدني رحمه الله، وقد وضعه للمرحلة الابتدائية فيه بعض مقدمة عن أصول الدين، وكانت هذه الأمور في تلك المرحلة تؤدي دوراً كبيراً في المجتمع.
- كتاب (البشرى لمن يريد الذكرى) ويحتوي على مقدمة موجزة في أصول الدين، ومجمل أحكام الطهارة والصلاة وأحكامها ومستحباتها مجملة على آراء المشايخ الثلاثة الذين يرجع لهم أهل البحرين من الأخباريين وهم الشيخ يوسف والشيخ حسين والشيخ عبد الله، وكلها مسائل ابتلائية قام بتحقيقه والتعليق عليه الشيخ علي العصفور ، ومضموم إليه أيضاً (المسائل الدهلكية) 32 مسألة، للشيخ حسين العلامة، وكذلك كتاب (مسائل مختلفة) وهو مجموعة فتاوى للشيخ حسين قدرها 10 مسائل ، والكتاب مطبوع في العام 1975م في مطبعة بيروز/ قم المقدسة، وفي ختامه إجازة استلام حقوق من الشيخ زين الدين (قدس سره).
10- مميزات من شخصية الشيخ:
لقد حاولت أن أقف على هذه الشخصية مؤبناً لها بهذه الكلمات المتواضعة أمام العطاء اللا محدود وأذكر من مميزات شخصيته رحمة الله عليه:
1- الجرأة، وهي عنصر افتقدته الكثير من الشخصيات المجتمعية وساهم فقدان هذه الخصلة على أن يدب الوهن، وبلا شك ندعو لجرأة موزونة عاقلة، فنحن نتعلم من الشيخ هذه المسألة لقد كان جريئاً على التفوه بكلمة الحق ونقد المجتمع بدون تردد.
2- النفس الطويل، كان يمتلك نفساً طويلاً في العمل الرسالي وقد افتقدت البحرين وكل المشاريع هذه الميزة فترى الكثير من المشاريع تعلن عن فشلها منذ البداية بسبب عدم وجود النفس الطويل في العمل والتخطيط. فرغم المحبطات ورغم اليأس رأيت الشيخ منتجاً، ورغم نظرات الاستهزاء تراه يزأر ويواجه الناس بكلمته ويقولها مهما كلفه الثمن.
3- يلقن الناس المبادئ، مع الكبير ومع الصغير كان رحمة الله عليه مثالاً حياً لقوله تعالى (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) وكأنه، حمل على عاتقه توجيه المجتمع، وربما يقول البعض هل اثر الشيخ العكري أم لم يؤثر بأسلوبه، فأقول لقد أثر والله، فجزاه الله خير الجزاء.
11- نص إجازة الشيخ محمد أمين للشيخ العكري:
هذا نص إجازة آية الله العظمى الشيخ محمد أمين زين الدين للشيخ العكري في استلام الحقوق ننقلها كاملة:
[بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد النبيين محمد وآله المطهرين وبعد، فقد أجزت حضرة الكامل المهذب الخطيب الأديب الحاج محمد علي بن الحاج منصور العكري البحراني حفظه الله ووفقه، أن يقبض من حق الإمام عليه وعلى آبائه الطاهرين أفضل الصلاة والسلام مقدار حاجته مما يسد به مؤنته ومؤنة عياله ويعينه على مهمته من القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتثبيت عقائد الضعفاء وإرشادهم إلى مناهج الإسلام وتعريفهم محاسنه وأحكامه، شدّ الله أزره وكثّر في المؤمنين من أمثاله ، وأوصيه بتقوى الله والأخذ بالاحتياط، وأوصي إخواني المؤمنين باحترامه وإعانته على اداء مهمته وفقهم الله جميعاً لما يحب ويرضى والسلام عليه وعليكم ورحمة الله وبركاته حرره في 5 جمادى الثانية سنة 1394هـ الفقير إليه تعالى محمد أمين زين الدين / الختم الشريف]، وتاريخها بالميلادي25 / يونيو / 1974م.
12- وفاته:
بعد عمر مديد بالعطاء وبعد صراع مع المرض لازم الشيخ الفراش منذ العام 2007م تقريباً، وقد اهتم رئيس الوزراء بحالته وعرض على عائلته علاجه في الخارج كما سمعت بذلك، إلا ان الله قد اختار أمانته فجر الجمعة وشيع الشيخ في ظهر الجمعة تشييعاً مهيباً شارك فيه المئات من محبيه وصلى عليه العلامة الشيخ محمد صالح الربيعي، ودفن في مقبرة جد حفص المعروفة بمقبرة الإمام، 24 ديسمبر 2010م الثامن عشر من المحرم 1432هـ، فرحمة الله عليك أيها الشيخ العامل الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وجزاك الله عن البحرين وأهلها خير الجزاء.
13- قالوا في حقه:
هنا أنقل كلمتين مهمتين مدونتين من جريدة الوسط عن شخصيتين عاشتا مع الشيخ العكري سنوات المحنة وشاطراه العمل في ساحة البحرين فترة السبعينات والثمانينات إلى جانب الكوادر البحرانية وهاتان الشخصيتان غنيتان عن التعريف وهما:
سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم _ حفظه الله _ حيث يقول:
[لاحول ولا قوة إلا بالله العظيم، الشيخ رحمه الله رجل عرفته الساحة، رجل أمر بالمعروف ناهياً عن المنكر، مستميتاً في ذلك، شديد الغيرة في دين الله، له إرادة صلبة وقوية ويتمتع بدرجة عالية من الجرأة والإقدام، ويخوض معاركه الإيمانية بكل ثقة واطمئنان، لخلفية ثابتة كانت عنده، هدفها قيمة الإسلام والدور الدعوي ودور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لذلك يعد افتقاد الساحة له افتقاد رجل صنّاع ورجل كبير ورجل تغيير في الحدود التي كان يستطيع بها].
وقال عنه السيد عبد الله الغريفي _حفظه الله_ ما نصّه:
[فقدنا شخصاً كان يشكّل تاريخاً من العمل والجهاد والعطاء والمواقف الصلبة في سبيل إيصال كلمة الحق والدفاع ومواجهة الفساد ومواجهة المنكر، وكان قوياً في ذات الله، كان صلباً في ذات الله فيما يعتقد أنه حق، وأنه في دفاع عن الإسلام وعن قيم الدين، كان لا يجامل ولا يساوم، كان جريئاً، كان صلب المواقف، كان شديد الوطأة على المنكر وعلى الفساد، وكان مخلصاً للمبادئ التي آمن بأنها تمثل الحق ومبادئ الدين والإسلام في محاربة الفساد، القضية التي آمن بها وكان متحركا دائماً، كان لا يسمح لنفسه أن يستريح إلا قليلاً، كان يخدم الناس، كان له دور اجتماعي وله حضور إسلامي وحضور اجتماعي، حشره الله مع النبيين والصديقين].
وهكذا رحل الشيخ العكري وترك تاريخاً ناصعاً في صفحات البحرين دونه بجهاده ومواقفه وحاشا لهذه الأرض أن تنسى هذا الابن البار بها وبأهلها فجزاك الله يا شيخ عن البحرين وأهلها خير الجزاء.
وكتب بيده بشار العالي البحراني
18 محرم 1432هـ