"ولا تكونوا علينا شينا"
روي عن سليمان بن مهران قال: "دخلت على الصادق عليه السلام، وعنده نفر من الشيعة وهو يقول:
معاشر الشيعة كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً، قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم، كفّوها عن الفضول وقبيح القول". (أمالي الصدوق ره)
إن الإنتماء للنّبي ص وعترته الطاهرة ع ليس تميمةً تستوطن الأعناق، ولا دعاوى فارغة جوفاء، وليس تشريفًا زائفًا من غير غاية وهدف، بل هو تكليف ديني رسالي تعبديّ سنُساءل عنه بين يدي الله العظيم، وسنقفُ طويلا في ساحة حساب قيامة ذي الجلال الكبرى لنستجوب عنه مليّا ودون هوادة.
هذا ما أراد بيانه الإمام جعفر الصادق ع وهو يُخلّق شيعته بأدابه وسجاياه خلال الخبر الشريف آنف الذّكْر.
إنّ التشيّع الحق رساليّةٌ ومبدأ، ونظامُ إعداد أخلاقي بنّاء، ومشروعُ عمل يتجسد خلاله الدين؛ كلّ الدين بكلّ ما تحمله منظومته الإخلاقيّة والفكريّة والثقافيّة وإنتاجيّة الذّات الملتزمة المتزنة فيه من ثقل ورصانة ومتانة ووعي.
فتشبّهوا إنْ لم تكونوا مثلنا
إنّ التّـشبّهَ بـالـكرامِ فـلاحُ
يجدر بنا جميعا أن ننطلق من هذه الرؤية العميقة لنرقب مكاننا من العترة النّبويّة الكريمة ع، ومن إمامنا صاحب العصر والزّمان أرواحنا فداه، وأنْ نَزِنَ أنماطَ سلوكياتنا وطبيعةَ أفعالنا وممارساتنا من هذا المنطلق دومًا.
لن نكون زينًا لهم إلا من خلال هذا لا سواه، والحذر كلّ الحذر أن نكون شينا عليهم، فنسم بذلك غير إبلنا، ونرد غير مشربنا، فنخسر بذلك خير دنيانا وختام آخرتنا والعياذ بالله.
لنعلم أنّ الله من فوقنا، والحسابَ ينتظرنا، والأئمةَ ع ومهديّهم الصاحب بقيّة الله الشهود علينا.
فإن الإمام المنتظر ع يقول فيما كتبه في رسالته للشيخ المفيد ره حول مراقبته لشيعته وعنايته بهم، وتوجيهه لهم:
"فإنا نحيط علما بأنبائکم، ولا يعزب عنّا شيءٌ من أخبارکم...، إنّا غير مهملين لمراعاتکم، ولا ناسين لذکرکم، ولولا ذلک لنزل بکم البلاء". (بحار الأنوار للعلامة المجلسي ره)
لنحفظَ هذه الرّقابة، ونقدر هذه العناية المهدويّة المعصومة، ولنقرأ قول الله في مُنيف خطابه الكريم:
(وَقُلِ ٱعۡمَلُوا۟ فَسَیَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ) [سورة التوبة 105]
عمّار الشّهاب
21/4/2019
مولد الحجة ع
15شعبان1440