جليلٌ من أجلّة علماء الإماميّة، حسنةٌ من حسنات نجف عليّ أمير المؤمنين "عليه السّلام"، وبركة من بركات زواياها المعطاء، رقمٌ من أرقام دنيا العلم والمعرفة، تشهد له آثاره وموسوعته اللّامعة العملاقة؛ كتاب الذريعة.
وهي سفرٌ جليلٌ في الفهرسة، وهو أعجوبة الاختصاص في هكذا علم، في زمن عزّت فيه أدوات البحث، ووسائل استيعاب المعرفة، واقتناص المعلومة، والوصول للكتاب ومادته، ولكنّه المتتبع الثّبت، والموسوعي الملهم المهيمن!
أكبره العارفون له، والمثمّنون لمنهجه، تناول فيه مؤلفه المبدع إثبات الكتب التّي ألّفها الشيعة عبر العصور، من الإماميّة وغيرهم، حتّى عام 1370هـ، منحه كاتبه المُعْجِب -كما يقول أحد مقرّبيه- جلّ أوقاته، وشمله بعواطفه، ورعاه براحته وصحته.
وكان السبب في تأليف هذا الكتاب القيّم هو استهانة المؤرخ جرجي زيدان بالطائفة الشيعيّة عند حديثه عنها في كتابه المشهور:
تاريخ آداب اللغة العربية، حيث قال ما معناه: أن الشيعة طائفة صغيرة ليس لها آثار يعتد بها وأنّهم الآن في خبر كان.. .
فجاء هذا الأثر الجليل يردّ بأرقامه وأدلته العلميّة، وبراهينه المحكمة على مثل ذلك الإدعاء غير المسؤول، ويشجب عمليّا عواهن الكلم، وسفاسف القول، ومنحول القول.
إنّه رجل القلم والعلم، والتّواضع ونكران الذات، والزّهد والعبادة والفضيلة؛ العلامة الحبر آغا بزرك الطهراني "ره".
مآساةٌ أن يغيب عن ذاكرة أجيالنا مثل هؤلاء الأفذاذ، وفجيعةٌ أن لا تنعم هذه الصفحات المشرقة بشيء من اهتمامهم، أم أنّ توفيقنا قعد بنا عن التّطاول لمثل هذه القمم الشامخة في زحمة ملهيات التّرف والتّوافه؟!
كتبه: عمّار الشّهاب
2/12/2020