تقريرات موجزة: درس (الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة) - الشيخ الحرُّ العاملي (قدِّس سرُّه) {9}.
الأستاذ: السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي.
المقرِّر: محمود أحمد سهلان العكراوي.
أبواب الكلِّيات المتعلِّقة بأصول الدين وما يناسبها - ب 12 - أنَّ كلَّ ما سوى الله سبحانه فهو مخلوقٌ حادثٌ مسبوقٌ بالعدم:
{59} الرواية الثامنة عشر: عن الدقَّاق، عن محمَّد بن يعقوب، رفعه، قال: سأل ابن أبي العوجاء أبا عبد الله (عليه السلام)، فقال: ما الدليل على حَدَثِ الأجسام؟ فقال: إني ما وجدت شيئًا صغيرًا ولا كبيرا، إلا إذا ضُمَّ إليه غيره صار أكبر وفي ذلك زوالٌ وانتقالٌ عن الحالة الأولى، ولو كان قديمًا ما زال ولا حال، لأن الذي يزول ويحول يجوز أن يُوجدَ ويَبطلَ، فيكونَ بوجوده بعد عدمه دخولٌ في الحدث، وفي كونه في الأزل دخولٌ في القِدم، ولن يجتمع صفة الأزل والحدث في شيءٍ واحد.
قال (عليه السلام): "إني ما وجدت شيئًا ... أكبر"، وهذا استدلالٌ حِسِّي، انتقل بعده فقال: "وفي ذلك زوال ... الأولى"، وهو الحدوث.
قال (عليه السلام): "ولو كان قديمًا ما زال ... ويبطل"، ومسألة الحجم مُنتزَعة، فلا يكون صغيرٌ ولا كبيرٌ إلا بالنسبة، فعندما نأتي بشيئين متجسِّمين يمكن أن ننتزع منهما الكِبر والصِغر بعد مقارنتهما بالنظر للحجم، وبالتالي التحوُّل من حالةٍ إلى أخرى، ولو كانت الأجسام أحجامها واحدة لما انتزعنا مفهومي الكِبر والصِغر، وهذه الانتزاعات من الأمور التي حيَّرت البشر، ولا زالت تُبحث، فهل هي حقائقٌ أم انتزاعاتٌ أم ماذا؟..
الإمام (عليه السلام) في هذه الرواية يُريد أن يُثبت أن لهذه الأجسام أكثر من مَظهر، ويمكن إثبات هذه الدعوى بالرجوع للأصل، فهذا الجسم أصله ذرَّة، وضُمَّت ذرةٌ إلى أخرى وهكذا حتى صار بهذا الحجم، وقد يتناقص لو أخذنا منه شيئا، وأصل الاستدلالات هو التحليل وإن لم تكن مضطرًّا لتبيينه حال الاستدلال، لكنك في الواقع تقوم بالسبر والتحليل والحصر وهكذا.
بالنتيجة، الشيء إما أن يكون أزليًّا -وهي صفة القديم- أو لا، وهي صفة الحادث، ولا قديم غير الله عزَّ وجل، وكلُّ موجودٍ غيره فهو حادث.
{60} الرواية التاسعة عشر: وعن الدقَّاق، عن الكليني، عن علَّان، عن محمَّد بن عيسى، عن الحسين بن خالد، عن الرضا (عليه السلام) أنه قال: اعلم علَّمك الله الخير، أن الله قديم، والقِدم صفةٌ دلَّت العاقل على أنه لا شيء قبله ولا شيء معه في ديموميته، فقد بان لنا بإقرار العامَّة معجزة الصفة أنه لا شيء قبل الله ولا شيء مع الله في بقائه، وبطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شيء، وذلك أنه لو كان معه شيءٌ في بقائه لم يجزْ أن يكون خالقًا له، لأنه لم يزل معه فكيف يكون خالقًا لما لم يزل معه؟! ولو كان قبله شيءٌ لكان الأول ذلك الشيء لا هذا، وكان الأول أولى بأن يكون خالقًا للثاني من الثاني للأول، الحديث.
ورواه في عيون الأخبار كذلك.
نُلاحظ أن الإمام (عليه السلام) بدأ كلامه بالدعاء للمخاطَب، وربما نستفيد من ذلك أن الخطاب في الأمور المهمة يستدعي الدعاء للمخاطَب.
كلامٌ في الآداب العامة للمنقاشات:
ينبغي أن نلتزم بما جاء في الروايات في مقام المناقشة، فتُكنِّي المخاطَب -مثلًا- إن كان جالسًا معك، وتذكره باسمه لو كان غائبا، ولم تستثنِ الروايات أحدًا من هذه الآداب، فالروايات الواردة في الآداب العامة ممَّا ينبغي أن ننقاد إليها كغيرها من الروايات، ولا ينبغي أن نغفل عن كون حالةِ المناقشة محضرٌ للشيطان، لذلك لا بدَّ أن نراعي الآداب ونهذِّب النفس فيها، ويكفينا أن نتأسَّى برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنجد في بعض الروايات أنه إذا كان يُحدِّث أحدًا أقبل عليه، وكذا الروايات التي تُرشِد لحسن الاستماع وغيرها من الآداب.
المراد من قوله (عليه السلام): "العامَّة" هو كلُّ الموجودات العاقلة وغير العاقلة بحسب ما فهم المازندراني في شرحه للكافي، قال: "أي بإقرار عامَّة الموجودات كلِّها بلسان الحال والإمكان وبعضها بلسان المقال والبيان والإقرار".
(معجزةَ) أو (معجزةُ): إمَّا أن يكون المراد من (الإقرار) أقرَّ بالحقِّ إذا اعترف به، أو أقرَّ الحقَّ في مكانه فاستقر هو به، وعلى الأول تكون (معجزةَ) منصوبةً بنزع الخافض وهو الباء، وإن شذَّ نزعه في مثله، وعلى الثاني تكون منصوبةً على المفعولية، والمعجزة اسم فاعلٍ من أَعجَزْتُه، أو أَعْجَزَتْه، بمعنى جعلته عاجزا، أو بمعنى أعجزه الشيء أي بمعنى فاته الشيء، فهي منصوبةٌ على هذا.
ولعل الأقرب أن يقال: استقرَّت الصفة فاستقرت العامَّة.
القاعدة الكلية في هذه الرواية:
وجود القديم عِلَّةٌ تامةٌ لاستقرار الممكن. هذا إذا حلمنا (الإقرار) على الاستقرار، و (قَرَّ) هنا في قبال العدم لا في قبال الاضطرار.
قوله (عليه السلام): "ولو كان قبله ... للأول"، يؤكد أنه ما دام هذا الوجود مستقِرًا يثبت وجود قديم، وإن قلتَ قبله شيءٌ لكان ذلك الشيء هو القديم، وهذا كبرهانِ التسلسل، وإن كان الاستدلال من خلال استقرار هذه الموجودات.
{61} الرواية العشرون: وروى الطبرسيُّ في كتاب الاحتجاج، قال: سُئِل أبو الحسن العسكري (عليه السلام) عن التوحيد؟ فقال: لم يزلِ الله وحدَهُ لا شيء معه ثم خَلَقَ الأشياء، الحديث.
أجاب الإمام بما لازمه الإقرار بقول (لا إله إلا الله)، وهي مرحلةٌ سابقةٌ على الإقرار، والإقرار يأتي متأخرًا عن مرحلة الجواب.
أما التوحيد فهو أصل الوجود أو فقل مبدأ الوجود، وهذا المورد ممَّا نعاني فيه مع الألفاظ وضيق العبارة، وبسبب وفاء اللفظ أو عدم وفائه بالمعنى المراد تنشأ الكثير من المناقشات.
حقيقة التوحيد أن أعرف أنه كان ولا شيء معه، وهذا التوحيد له لوازم ومترتباتٌ بعد المعرفة.
ثم الذي خلقه يحتمل أن يكون دونه من كل الجهات، أو أن يكون دونه من بعض الجهات، وبعضها يكون أقوى من الخالق، كما لو خلق إنسانٌ نارًا فحرقته، لأنها أقوى من مقاومته لها، لذلك نحتاج بعد إثبات التوحيد بالأزل إلى إثبات الديمومة والسرمدية، فإذا أثبتناها صار لا شيء ممَّا خلقه إلا وهو دونه.
الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن يُنكر على الإطلاق هو الأزل، وهو الحقُّ الحقيق الذي لا يمكن أن يشكَّ فيه.
{62} الرواية الحادية والعشرون: وبإسناده إلى أبي محمدٍ العسكري (عليه السلام)، قال: احتجَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الدهرية، فقال: ما الذي دعاكم إلى القول بأن الأشياء لا بدء لها وهي دائمةٌ لم تزلْ ولا تزال؟ فقالوا: لأنا لا نحكم إلا بما شاهدناه، ولم نجد للأشياء حدَثًا فحكمنا بأنها لم تزلْ ولا تزال، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفوجدتم لها قِدمًا ووجدتم لها بقاء؟ قالوا: لا، قال: فلم صرتم بأن تحكموا بالبقاء والقِدم أولى ممَّن يحكم لها بالحدوث والانقطاع لأنه لم يجد لها قِدمًا ولا بقاءً أبدا؟ ثم احتجَّ عليهم بتعاقب الليل والنهار وعدم كلٍّ منهما وحدوث الآخر، إلى أن قال: فهذا الذي نشاهده من الأشياء، بعضها إلى بعضٍ يفتقر كما نرى البناء محتاجًا بعض أجزائه إلى بعضٍ وكذلك سائر ما يرى، فإذا كان هذا المحتاج هو القديم فأخبروني أن لو كان محدثًا كيف كان يكون؟ وكيف تكون صفته؟ فبُهِتوا وعَلِموا أنهم لا يجدون للمُحدَث صفةً يصفونه بها إلا وهي موجودةٌ في هذا الذي زعموا أنه قديم، فوجموا وقالوا سننظر في أمرنا، الحديث.
فائدة:
فائدة كتاب الاحتجاج -بالإضافة للاطِّلاع على احتجاجات المعصومين (صلوات الله عليهم)- هي اكتساب طريقة التفكير، ومنها مثلًا التعرُّف على الموارد الصحيحة لاستعمال الجواب النقضي، لا أن نستعمله في كل مسألةٍ تطرأ علينا وكل إشكالٍ يطرح قِبلنا.
الدهرية: هم من قالوا لا يُوجِد ولا يُفنِي إلا الدهر، وهي فئةٌ موجودةٌ قبل الإسلام.
جوابهم: (لا نحكم إلا بما شاهدناه)، هو ما أوقعهم في قبضة النبي (صلى الله عليه وآله)، حيث انطلق منه لمحاججتهم، فطرح عليهم سؤالًا مبنيًّا على جوابهم، وتساءل عن ترجيح حُكمٍ على الآخر.
جواب النبي (صلى الله عليه وآله) واحتجاجه بتعاقب الليل والنهار مع بساطته إلا أنه أسكت الدهرية، بل وفيه عُمقٌ صالحٌ لإسكات أكبر الفلاسفة، فهو أجاب الدهرية بما يناسبهم لكن عمقَ الجواب صالحٌ لكل زمانٍ ولكل المستويات الفكرية.
الحدوث متمثلٌ في الانتقال من نقطةٍ إلى أخرى زمانا، لأنه حدوث، والليل والنهار ظاهرتان وما وراءهما هي الحركة التي تثبت الحدوث.
بُهتوا وعَلِموا بما عَلِموا لكنهم يبقون على ضلالتهم، ولا ينظرون.
{63} الرواية الثانية والعشرون: وعن هشام بن الحكم، قال: سأل الزِّنديقُ أبا عبد الله (عليه السلام)، فقال: من أيِّ شيءٍ خلق الله الأشياء؟ فقال: لا من شيء، فقال: كيف يجيء من لا شيء شيء؟ فقال: إنَّ الأشياء لا تخلو أنْ تكون خُلِقت من شيءٍ أو من غير شيء، فإنْ كان خُلِقت من شيءٍ كان معه، فإنَّ ذلك الشيء قديم، والقديم لا يكون حدثًا ولا يفنى ولا يتغيَّر، ولا يخلو ذلك الشيء من أنْ يكونَ جوهرًا واحدًا ولونًا واحدا، فمن أين جاءت هذه الألوان المختلفة والجواهر الكثيرة الموجودة في هذا العالم من ضروبٍ شتى؟ ومن أين جاء الموت إنْ كان الشيء الذي أُنشِئت منه الأشياء حيا؟ ومن أين جاءت الحياة إنْ كان ذلك الشيء ميتا؟ ولا يجوز أنْ يكونَ من حيٍّ وميتٍ قديمين لم يزالا، لأن الحي لا يجيء منه ميتٌ وهو لم يزلْ حيا، ولا يجوز أيضًا أنْ يكون الميت قديمًا فيما لم يزل بما نسبوا من الموت لأن الميت لا قدرة له فلا بقاء.
قال: فمن أين قالوا: إنَّ الأشياء أزلية؟ قال: هذه مقالة قومٍ جحدوا مدبِّر الأشياء فكذَّبوا الرُّسل ومقالتهم، والأنبياء وما أنبأوا عنه، وسمَّوا كتبهم أساطير الأولين، ووضعوا لأنفسهم دينًا برأيهم واستحسانهم، أنَّ ]إن[ الأشياء تدل على حدوثها من دوران الفلك بما فيه، وهي سبعة أفلاكٍ وتحرك الأرض عليها، وانقلاب الأزمنة، واختلاف الوقت، والحوادث التي تحدث في العالم من زيادةٍ ونقصانٍ وموتٍ وبلاءٍ واضطرار النفس إلى الإقرار بأنَّ لها صانعًا ومدبِّرا، أما ترى الحلو يصير حامضًا والعذب مرًّا والجديد باليا، وكلٌّ إلى تغيُّرٍ وفناء.
في هذه الرواية نلاحظ أن الإمام (عليه السلام) استعمل القسمة الثنائية في الجواب، فلا يكون ممَّا يُشكل عليه في المنطق، لأنه موجودٌ عند الأئمة (عليهم السلام).
يرجع سؤال الزنديق عن أصل الخلق إلى مبنًى عرفي، وهو ضرورة رجوع الشيء إلى شيءٍ ولا بدَّ من وجود أصلٍ مُسانِخٍ للذي يخرج من هذا الأصل.
إذا كنت خَلقتَ من شيءٍ فهذا الشيء يكون قديما، فالمعلول موجودٌ في العلة ويحصل ما يقتضي خروجه من العلة، فإن الخلق إن كان من شيءٍ كان موجودًا في العلة، وصار ذلك الشيء قديما.
الجواهر في المقولات معروضة، والأعراض عارضة، والفارق فقط أن الجوهر لا في موضوع، والأعراض لا تظهر إلا في موضوع، فهي تحتاج لما تظهر فيه، وإلا فالأعراض أيضًا لها حقائق.
عندنا موتٌ وعندنا حياة، فذاك الشيء إن كان ميتًا قلنا من أين جاءت الحياة، وإن كان حيًّا قلنا من أين جاء الموت.
التعاقب في الخلق الذي نراه كله راجعٌ لأصلٍ واحد، وإن كان ظهوره لنا مختلفًا في هذه النشأة، وليس هذا إلا لمناسبته لحال المُدرِك، فنجد الإمام ذكر عِدَّة أمورٍ كالموت والحياة والألوان وغيرها، وأرجعها كلها لذاك الأصل في مستوًى واحد، وهذا يُرجِعنا للنظر في مسألة الزمن، والذي هو من شأنيات هذه الحياة، وإن كان الله تعالى لم ينفِ الزمن مطلقا، لكن جاء في الآيات كألف سنةٍ ممَّا تعدون، وكخمسين سنةٍ ممَّا تعدون، ولو قمنا بحسابها يكون اليوم الذي نعده لا يساوي شيئًا هناك.
تنبيه:
لكي نفهم الأمور نقوم بتحليلها، لذلك عندما تأتي بعض المسائل في أيِّ علمٍ كالكلام والفلسفة والأصول، يقومون بمحاولة تحليل عملية صدور الخطاب من الله تعالى، لكن هل يعني هذا أن هذه المراحل التي تُذكَر هي هكذا عند الله سبحانه وتعالى؟ بالتأكيد لها واقعٌ لكن لا بهذا النحو التحليلي الذي نقوم به، وتحليلنا كذلك ليس باطلٌ بل هو صحيح، وما ذلك إلا لأننا نحاول فهم الحالة. مع ذلك يأتي من يهاجم هذه العلوم، ويستوحش من هذه التحليلات الواقعية، البعيدة عن نسبة النقص إلى الله تعالى.
عندما نصل للمعنى عن طريق التحليل ثم نرتفع به لمقام الربوبية فإننا نستحضر المعنى ونطرد التحليل في ذاك المقام، فهذا المعنى الناتج عن التحليل يَسْكن النفس ويحقِّق العقيدة والقناعة.
نذكر هذا الكلام لوجود هجماتٍ غير مبرَّرةٍ على العلوم، ولا نحسبه إلا من فعل الشيطان.
ولو قيل أننا نكتفي بما جاء في الروايات، قلنا وكيف نفهم الروايات؟
ولو ادُّعي أن الأئمة تحدَّثوا في كل شيء، قلنا أنها دعوى باطلة، فالروايات اشتملت على كل شيء، لا أنها تحدَّثت في كل شيء، وكذا القرآن الكريم.
أمَّا بالنسبة للمصطلحات التي جاءت متأخِّرةً فينبغي الالتفات إلى أنها جاءت لتنظيم المسائل فقط، فلا يُقال لم يذكر أهل البيت (عليهم السلام) هذا اللفظ، لأن المراد ليس نفس اللفظ بل معناه، والأعمُّ الأغلب من هذه المصطلحات له واقعٌ في كلماتهم (عليهم السلام) وفي كلام المتقدمين من العلماء (رضوان الله عليهم).
عقَّب الزنديق بالسؤال: "فمن أين قالوا: إنَّ الأشياء أزلية". وهنا نلاحظ طريقةً خاصةً ومنهجًا في الجواب من الإمام (عليه السلام)، ونعني من كونها خاصةً أنها لا تصحُّ في كل موردٍ ومقام، حالها كحال الجواب النقضي كما مرَّ بيانه، وهو قوله (عليه السلام): "هذه مقالة قومٍ جحدوا مدبِّر الأشياء فكذبوا الرسل ومقالتهم، والأنبياء وما أنبأوا عنه، وسمَّوا كتبهم أساطير الأولين، ووضعوا لأنفسهم دينًا برأيهم واستحسانهم"، وهذا الشقُّ من الجواب قد نوجِّه له سؤالا، وهو: كيف أجاب الإمام (عليه السلام) بهذا الجواب، والحال أنه يحاور زنديقًا لا يعترف بالله والأديان؟
في الواقع -بحسب فهمنا- هي طريقةٌ في الجواب يريد الإمام (عليه السلام) من خلالها توهين المخاطَب، بل هو ضربٌ لقواعده ومبتنياته، وإن كان بشكلٍ غير مباشر، ثم يتبعه بالجواب الذي لا يحار له جوابا، وكذا يمكن القول أن الإمام (عليه السلام) أراد أن يصف له حاله، ويخلق حالة الشعور بالأمر في نفسه، ثم يجيب بالجواب المُسكت، وهذا الجواب الذي ينبغي أن نقف عنده.
هذه الموارد التي ذكرها الإمام (عليه السلام) -في ذيل الرواية- مكانٌ للتفكير والتأمل والتدبر، وهذه المسألة أيضًا إما أن تأخذ بالإنسان لأعلى المستويات، وإما أن تجعله كثير الشك والوسوسة، فيصبح كل همه التفكر والتدبر في الأمور، بما يتجاوز الحدَّ المطلوب فيها، بل قد يصل الأمر لأن يفقد التدبر قيمته كما لو ساوى في تدبره بين الأشياء العظيمة كالأفلاك والأشياء قليلة الأهمية.
{70} الرواية التاسعة والعشرون: وقول الباقر (عليه السلام): كان الله ولا شيء غيره نورًا لا ظلام فيه.
ماذا أراد (عليه السلام) من قوله: "نورًا لا ظلام فيه"؟
النور مفهومٌ مشكِّكٌ وينتفي إذا لم يُوجد مقابله وهو الظلام، والمفهوم المشكِّك يختلف بدرجة انطباقه على المصاديق، والسرُّ في الكلي المشكِّك أنه يشوبه مقابله فيتفاوت، فالطول -مثلا- مدخولٌ فيه القِصر، لذلك يكون قصيرًا بالنسبة لما هو أطولٌ منه. وعندما نتحدَّث عن الله تعالى نقول: (نورٌ لا ظلام فيه)، لدفع شبهة أنه مفهومٌ مشكِّكٌ ممَّا يؤدي لكونه مشوبًا بالظلام، وهذا من أبسط البراهين وأقواها على استحالة رؤيته وتصوره.
{84} الرواية الثالثة والأربعون: وقول العالم (عليه السلام) في حديث علم الله: فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشيَّة في المُنشأ قبل عينه، والإرادة في المُراد قبل قيامه.
إن أي نتيجةٍ لا يمكن أن تحصل إلا بالتقاء شيئين، فالشيء الواحد لا ينتج أمرًا آخر مغايرًا له إلا إذا التقى هذا الشيء بشيءٍ آخر، فلا بدَّ من الاثنينية كي تحصل النتيجة، فهذا الكتاب أمامي -مثلا- أبصرته بالباصرة وحصلتْ له صورةٌ في ذهني، ولكن كيف صار هذا الالتقاء وتحقَّقت له العِلْمية؟ لا يكون هذا إلا إذا كان هناك ما يلتقي به في الذهن، فلو كان الذهن خاليًا من كل شيءٍ لما علمنا بشيء، ولذلك أقول أن كل العلوم موجودةٌ في كل البشر، والقدرة إنما تكون في الملاقاة بين المُدرَك الخارجي وبين الموجود في داخل الإنسان أصلا، فينتج العلم، فالكتاب موجودٌ في ذهني وإن كان مُفرَّقا، فكل ما تكوَّن منه هذا الكتاب واقعًا واعتبارًا موجودٌ في ذهني، قدراتي الذهنية قامت بتجميع الكتاب الموجود في الخارج بالموجود في الذهن، فصار عندي علمٌ به، لذلك نجد الفرد الذي يتعرَّض لفقدان التركيز، لا يتمكَّن من الجمع، فلا يفرق بين الأشياء بالدقة، فتجده لا يُميِّز بين الكتاب والماء مثلا، وإن كان يراهمها جسمين، فالعلم في المعلوم لأنه ما لم يكن فيه لا أتمكن من إخراجه في الواقع، فيكون مُدرَكًا للآخر، أما إخراجي له فيكون إدراكًا متجدِّدًا لا أصليًّا لا أني لم أكن أعلم به، أما الذي لا يعلم عنه شيئًا فيُدركه من الخارج، فالعلم في المعلوم.
أما في قوله (عليه السلام): "والمشيَّة في المُنشأ قبل عينه"، فنقول: أن عين الشيء موجودةٌ في الخارج، أما المُنشأ الذي فيه المشيَّة فهو في الذهن، والمشيَّة في هذا المُنشأ، أي مشيئته تعالى في هذا المُنشأ وإلا لو لم تكن مشيئته فيه لما وُجِد، إذ لا موضوع.
والإرادة في المُراد حالها كما مرَّ بيانه في المشيئة.
استطراد:
س: لماذا ندرس تاريخ المسألة؟
الجواب: أننا نرجع إلى أفهام العلماء وتصوراتهم للمسائل، وقد يكون أحدهم متصورٌ للمسألة كما ينبغي، لكن لا يلزم من ذلك أن بيانه يكون وافيًا بذلك، ثم نرجع إلى غيره، ونجد أن الفهم متفقٌ عليه بينهم، ثم نأتي ونخالف، بحجَّة فتح باب الاجتهاد، وهذا غير صحيح، نعم إذا كان الفهم منهم لم يكن عن علم، كأن يكون العلماء تناقلوها ولم يبحثوها، فالخطأ يكون في العناية بالمسألة، وهو يقع كثيرا، فينبغي أن نبحث هنا في هذه المسألة لأن اتفاقهم لم يكن عن فهمٍ واجتهادٍ وعلم، فكبرى اعتبار المشهور صحيحةٌ لكن الصغرى قد لا تكون ممَّا تنطبق عليه لما ذكرناه من كونها قد لا تكون بُحِثت كما ينبغي.
لا مزيد كلام في الروايات الباقية من الباب..
أبواب الكلِّيات المتعلِّقة بأصول الدين وما يناسبها - ب 13 - أنَّ الله سبحانه لا يُدركه شيءٌ من الحواس:
{78} الرواية الأولى: محمَّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال للزنديق حيث سأله عن الله ما هو؟ قال: هو شيءٌ بخلاف الأشياء، ارجع بقولي لإثبات معنى، وأنه شيءٌ بحقيقة الشيئية، غير أنه لا جسم ولا صورة، ولا يحسُّ ولا يجس، ولا يُدرَك بالحواس الخمس، لا تُدرِكه الأوهام، ولا تنقصه الدهور، ولا تغيِّره الأزمان، الحديث.
مرَّت نفس الرواية في بابٍ سابق.
قال (عليه السلام): "ارجع بقولي إلى إثبات معنى"، ويريد أن يقول للمخاطَب لا تحاسبني على الألفاظ لأنها ضيقة، لكن افهم المعنى الذي أريده.
قال (عليه السلام): "وأنه شيء ... لا تغيره الأزمان"، فكل شيءٍ مما تدركه الحواس والأوهام يُشكُّ فيه إلا الله تعالى، فإننا ندركه بالعقل، والعقل أعلى من الحواس وما يُحس، ولذلك لا بدَّ أن نعتني بعقولنا.
{88} الرواية الثانية: وعن عِدَّةٍ من أصحابنا، عن أحمد بن محمَّد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن علي بن عقبة بن قيس بن سمعان، قال: سُئِل أمير المؤمنين (عليه السلام) بِمَ عرفت ربك؟ قال: بما عرَّفني نفسه، قيل: وكيف عرَّفك نفسه؟ فقال: لا تشبهه صورة، ولا يُحسُّ ولا يُقاس بالناس، قريبٌ في بُعدِه، بعيدٌ في قُربِه، ... الحديث.
تفكير الإنسان قائمٌ على تركيب الصور والمقارنة بينها، ولا تستطيع الممايزة إلا إذا قارنت، لأن نتاج المقارنة هو الممايزة، أما الله تعالى فيُعرَف لكن بالنفي، فإن كل كلمةٍ نقولها تستلزم معنى، والنفي يستلزم وجودًا آخر غير المنفي، وإلا ارتفع النقيضان، وبالتالي فإذا نفيت أمرًا أثبتت النقيض، والبداية تكون من نفي الأضداد، وإذا استمر النفي نصل للنقيض لا الضد، فإذا وصلنا للنقيض أثبتنا وجوده تعالى.
أما قوله (عليه السلام): "قريبٌ في بعده، وبعيدٌ في قربه"، فليس هذا اجتماعٌ للنقيضين بل هو نفيٌ للإضافة، ونفيٌ للنسبية.
بيان المفاهيم التشكيكية:
الأسماء موضوعة، ولفظ النور -مثلًا- وُضِع لهذا المظهر وما اشتد منه، الذي يصح أن نسميه نورا، من هنا تتضح أهمية دراسة المبادئ التصورية والتصديقية، فارتفاع شيئين -مثلًا- عن سطح الأرض نسميه طولًا وإن تفاوت طولهما، وما قلنا بالطول والقِصَر إلا بعد المقارنة بينهما، والطويل نفسه يتضمَّن القِصر، ولذلك يصح أن تقول (طوله كذا أو قصره كذا)، والمفاهيم التشكيكية كلها بهذه الشاكلة، فهي بين ضعف الضد واشتداد ما يقابله، وعندما وضعنا الألفاظ للأشياء في أدنى مستوى لها، فلا يصح أن نقول للشيء أنه أبيض وفي نفس الوقت هو أسود، لأن اللفظ وُضِع لهذا اللون، ولكن على نحو الحقيقة هذا الأبيض يتضمن ضده بدرجةٍ ضعيفة.
تنبيه:
من المشاكل التي نواجهها عند دراسة العلوم أننا لا ندرس مبادئها، ومنها ما ندرسه في المنطق في درس المفاهيم، وأنها مشكِّكة ومتواطئة، ولكن الاكتفاء بالتعريف لا يكفي، ونحتاج للتعرَّف على نشوء هذه المسألة والتفريق بين المفاهيم، حتى نفهم الأمر جيدا.
أبواب الكلِّيات المتعلِّقة بأصول الدين وما يناسبها - ب 14 – أنَّ الله سبحانه ليس بمركَّبٍ ولا له جزء:
{89} الرواية الأولى: محمَّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الفُقيمي، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث، قال: والجهة الثانية التشبيه، إذ كان التشبيه صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف، فلم يكن بدٌّ من إثبات الصانع، لوجود المصنوعين والاضطرار إليهم أنهم مصنوعون، وأنَّ صانعهم غيرهم وليس مثلهم، إذ كان مثلهم شبيهًا بهم في ظاهر التركيب والتأليف.
الجهة الثانية في الاستدلال على أن الله تعالى يقابل المُركَّب، فهو بسيط، لكن هل هو وجودٌ بسيط؟
نقول أن الله تعالى في قبال المُركَّب بسيط، لكن حقيقته غير معلومةٍ لنا، وقولنا بسيطٌ هنا هو في مقام الاستدلال الأول، فنقول هو ليس بمركب، ولكن لا نستطيع بعد ذلك أن نُثبتَ له البساطة أو ننفيها عنه، فلو قلنا بالبساطة بمعناها الفلسفي لاشتبه الأمر مع الجوهر، والحاصل أننا عندما نقول أنه بسيطٌ فنحن نريد نفي التركيب عنه لا إثبات البساطة له، لأنها تحتاج إلى دليلٍ نصِّيٍّ صريحٍ وواضحٍ نتعبَّد به.
في الواقع هناك أمورٌ خطيرةٌ من الأفضل أن نتوقَّف فيها، فلا نثبتها ولا ننفيها، منها مسألتنا هذه، فنثبت لله تعالى فيها ما أثبته لنفسه، وننفي عنه ما نفاه عن نفسه، ولا يصح التبرع في الإثبات بجهدٍ عقليٍّ منا.
أمَّا التشبيه، فلماذا ننفيه؟ لأنك بمجرد أن تشبه فذلك يعني أنك وقفت على المائز ولو بالجملة، والذي يحقق المائز هو الفصل أو العوارض العامة والخاصة، ومعها لا بدَّ أن تقول أن جُزأه الثاني جنس، وبجمعهما -أي الجنس مع واحد منها- معًا صار مركَّبا، فالتمايز يكون هكذا، وبإثبات التمايز بهذه الكيفية يثبت التركيب، وهو قوام التشبيه.
قال (عليه السلام): "فلم يكن ... التركيب والتأليف"، لأنه ما دام قد أثبت المصنوع، فلا بدَّ له من صانع، وإن شبَّهت وقعتَ في المحذور السابق، فلا بدَّ أن يكون غير المصنوعين أولا، ولا يشبههم ثانيا، فأثبتنا الغيرية ونفينا الشبه.
{90} الرواية الثانية: وعن محمَّد بن أبي عبد الله، رفعه إلى أبي هاشمٍ الجعفري، عن أبي جعفرٍ الثاني (عليه السلام) في حديث، قال: والأسماء والصفات مخلوقات، والمعاني والمعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف، إنما يختلف ويأتلف المتجزِّئ، فلا يقال: الله مؤتلفٌ ولا الله قليلٌ ولا كثير، ولكنه القديم في ذاته، لأن ما سوى الواحد متجزِّئ، والله واحدٌ لا متجزِّئ ولا متوهَّم بالقلة والكثرة، وكل متجزئ أو متوهمٍ بالقلة والكثرة فهو مخلوقٌ دالٌّ على خالقه.
تحقق التركيب في الواقع الخارجي لأول مرة، وإطلاق الأسماء على هذه المركبات فيما بعد، لماذا حدث؟ وهل هي في حقيقتها -في أصلها الأصيل- مركَّبة أم لا؟
في الواقع هذه الأشياء موجودةٌ علميًا ولا ضرورة على الإطلاق لوجودها، ولكن مادتها موجودة، وتعطى عناوين قبيل التركيب، كالصلابة -مثلًا- فهي موجودةٌ وجودًا علميًا قبل وجودها الخارجي، فالوجود العلمي هو الوجود الأصلي.
الأفكار الموجودة في الذهن البشري وهذا الوجود العلمي بذهنه ينتقل لتركيبه بالخارج، والمواد التي تتركَّب منها الأشياء موجودةٌ في الخارج، وهو من أهم الفوارق بين الإنسان والله تعالى، لأن الله تعالى يوجِد هذه المواد التي تشغل حيزًا من الفراغ من العدم، وكل جزءٍ يركِّبه للمركَّب يميزه من جهةٍ عن غيره، وسلطة الإنسان بطبيعة الحال على المواد ليست تامة، واجتماع الأجزاء يجعل الموجود موجودا، وما تركَّب منه هذا الموجود هي موادٌ موجودةٌ في الخارج كما مر، وهذا الموجود المركَّب له واقعٌ بسيطٌ في وجوده العلمي الذي فوق عالم الإدراك، فكلامنا يكون فوق ما يحتاج الإنسان إلى إدراكه، لا ما لا يستطيع إدراكه.
هذا الموجود العلمي الأصيل عندما نزل لنشأةٍ أقل لا يظهر إلا بعد تركيبه، فأقول أن له لونًا وكثافةً ورائحةً وما شابه؛ أي أنني أبدأ في محاولة التحليل والفهم؛ أي أنني أحاول الوصول للحقيقة العلمية لهذا الموجود.
هذه الحقائق متمايزةٌ بينها في تلك النشأة بما يناسب مقتضيات تلك النشأة، وقد كانت شيئًا واحدًا فكلها علم، وعندما نتنزل لنشأتنا هذه تتخذ هذه الحقائق صورًا تُظهرها، وفي كل نشأةٍ -أو طورٍ- داخل النشأة التي نحن فيها تتخذ الهيئة المناسبة التي تُظهرها، ومن هنا جاءت نظرية وحدة الوجود، ولا يقصدون بها أن هذه الموجودات الخارجية واحد، كأن أكون أنا وأنت واحد.
والحال كما مرَّ تصاعدًا إلى أن نصل إلى علم رب العالمين، فنقول هو لا يحتاج للممايزة بين شيءٍ وآخر، لأن هذه الممايزة من شؤون الفقير المحتاج، وعندما ظهرت إلى الخارج اقتضت النشأة الأولى أن تكون بهذه الكيفية، والنشأة الثانية بكيفيةٍ أخرى، وهكذا من نشأةٍ إلى أخرى، إلى أن ينتقل الإنسان إلى التراب. ومن هنا نشأت شبهة الآكل والمأكول الركيكة.
ملاحظة:
الوجود العلمي لا نقصد به الذي في ذهن الإنسان، بل الوجود العلمي الذي في تلك النشأة.
بعد المقدمة السابقة ننتقل للرواية: وهي تقول أن الأسماء والصفات مخلوقة، وهذا اتضح الآن لأنه لا يوجد في الأصل صفاتٌ وأسماء، فوجود الرازقية والخالقية إنما هي لبيان أمرٍ مَّا يحتاجه الإنسان، وخلق هذه الأسماء والصفات إنما هو للإنسان، فلما كان الله ولا شيء معه هل نقول له خالقٌ أو رازق؟ نقول: نعم، يقال خالقٌ ولم يَخلق بعد، ورازقٌ ولم يَرزق، هذا الجواب يناسب هذه النشأة، لكن إذا ترقَّينا إلى نشأةٍ أعلى بماذا نجيب؟ نقول لا يأتي السؤال عن الرازقية والخالقية، ولا مُوجِب له.
قال (عليه السلام): "والمعاني والمعنيُّ بها هو الله"، والمعاني هي العِلم، والأسماء والصفات يظهر من خلالها العلم فهي للتمييز، ومن خلال الأسماء والصفات نتدرَّج إلى أن نصلَ إلى القديم.
أمَّا (الاختلاف والائتلاف) فلا يناسب أن يُقال في حقِّ الله تعالى مثلا: اسمًا ومسمًّى أو صفةً وموصوفا.
نلاحظ أن الإمام (عليه السلام) ينفي العوارض (المقولات التسع) عنه تعالى فلا يبقى إلا القديم كما قرَّره (عليه السلام) في الرواية، والقِدم غير مذكورٍ في العوارض لأنه لا يتعلق بهذه النشأة.