"التقية مصطلح راكز في الفكر الشيعي لا يخفى على أي فرد من الشيعة، بالرغم من أنه مصطلح إسلامي قرآني روائي زخرت به آيات القرآن الكريم وروايات المسلمين، إلا أن الشيعة قد عرفت به وعرفته أكثر من غيرها كونها الفرقة التي فهمته حق فهمه من جهة، وكانت الأحوج لتطبيقه من جهت أخرى. نقول الأحوج، لا من باب أن الشيعة الأكثر ملاحقة وتشريداً واضطهاداً فحسب، بل لأنها الأكثر فهماً للتقية وفلسفاتها المتعالية التي خفت على الكثيرين ففاتهم من بركاتها ما لا يعلمه إلا الله تعالى.
ومع ذلك نقول: مرَّ فهمُ التقية بمراحل طويلة أفضت به للنضج طوراً بعد طور وحيناً بعد حين وعصراً بعد عصر، خصوصاً وأن النصوص الشرعية الخاصة بها كثيرة فوق حد الإحصاء، وليعلم هنا أن النصوص لم تقف عند حد التصريح بل تعدتها للتلميح والرمز في الكثير من الموارد. وعليه فإن الفهم الأنضج والأكمل للتقية وحدودها وفلسفتها خاضع لاعتبارات عدة منها النضج العلمي في المجال العقائدي على وجه التحديد، والأمر غير مقتصر على التقية فحسب بل يشمل الكثير من العقائد الإرتكازية الرئيسية كالرجعة والبداء ...الخ".