إذا ما أردنا أن نتحدث عن الموكب الحسيني فإننا نتحدث عن مظهر من مظاهر الإحياء لذكرى أهل البيت (ع)، وإذا ما أردنا أن نحاكم أي تصرف يقع في ضمنه فلابد من أن نرسم خطا ومعيارا نسير عليه ويكون هو المرجع الذي نعود إليه في تقييم أي تصرف يحدث في الموكب إيجابا أو سلبا.
ويمكن لنا أن نرتب الحديث على النحو التالي:
أولا: نرسم تصورا عن الإحياء بحسب المنظور القرآني وبحسب روايات أهل البيت (ع).
ثانيا: نذكر بعض الأمور التي تحدث في الموكب ونسلط الضوء عليها.
- الإحياء مفهوم قرآني يقوم على أساس التفكر والعبرة:
قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (32) الحج.
(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111) سورة يوسف.
عندما ينظر الانسان في قراءة تحليلة إلى مجمل آيات القرآن الكريم، لا يعدو نظره الكمّ الكبير من الآيات التي تركز على قَصص الأقوام الماضية، وكأنّ المولى يريد منّا أن (نكرر) أو (لا نكرّر) ما قاموا به؛ ليكون التكرار نحوٌ من الاقتفاء لما اُثر عن الأقوام السابقة في جوانبه الايجابية، وألاّ نكرر..!! ما وقعوا فيه من أخطاء ومن سلبيات في طريقة حياتهم ومعالجاتهم للأمور.
وهذه المعالجة القرآنية لقصص الأولين ما هي إلاّ إرشاد إلى نكتة مهمة جدا لا ينبغي للإنسان المؤمن أن ينفصل عنها، وهي ما يحكية المولى -عزّ وجل- في قوله تعالى: (قَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ)، في معادلة دقيقة وهي (التفكّر- القصص= العبرة).
كي لا تكون قراءتنا للماضي قراءة استهلاكية، بل قراءة يغلب عليها التحليل والمحاكاة. ذلك أنّ الاستهلاك لا يبني مستقبلا، ولأنّ اللهو والتسلية لا يبني الشموخ والعزّة للأمّة.
إذن قراءة الماضي قراءة ضرورية لا غنى لنا عنها، لما تقدمه من عناصر تساهم في تقويم حياتنا وإصلاح أمورنا، من خلال محاكاة صادقة وواقعية لحياتنا المعاشة.
- الهدف من الاحياء لذكراهم (ع):
من ذلك كله.. يمكننا أن نقول إنّ احياءنا لذكرى أهل البيت(ع) ما هو إلاّ نحوٌ من تتبع القصص، في محاولة منّا لاستلهام العبر من خلال ما عاشه هؤلاء الكبار.
وتمتاز قصص أهل البيت (ع) عن غيرهم بميّزة تفتقدها قصص أخرى، وهذه الميّزة تكمن في أن شخصياتهم شخصيات معصومة من قبل الله، وسِيَرهم، وأدوارهم، سير وأدوار رسمها الله سبحانه وتعالى، لا تحتمل الخطأ.
فلذلك تكون العبرة من قصصهم صافية في وضوحيها، وقوية في عطائها، موصلة إلى محل رضوان الله سبحانه بما لا يجعل للشك موقعا.
- ثورة الطف حركة نحو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
مع بداية حركة الإمام الحسين (ع) تحرّكت أهداف حركته معه، لتكون أهداف الثورة واضحة المعالم ومحددة النقاط، تنطلق في ذلك من سنة الله – سبحانه- في إبانة الحق وجعله واضح المعالم بإزاء الباطل وزيفه (لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ).
فما إن تقرأ الكلمات التي قالها الإمام الحسين (ع) في مواضع مختلفة حتى تجد مثل هذا الكلمة شاخصة للعيان واضحة وهي: (وأني لم أخرج أشرا، ولا بطرا، ولا مفسدا، ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي (ص)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب (عليهما السلام).
فهدف الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو هدف حركة الإمام (ع) وثورته، وهو العبرة التي يجب أن نقتفي أثرها.
-الإحياء كما أراده أهل البيت (ع):
يعد عنصر التفاعل العاطفي مكونا أساسيا دعا له أهل البيت (ع) من خلال أحاديث عديدة لجعله ركيزة أساسية في إحياء ذكراهم (ع)، ولا يعني أهل البيت (ع) بالتفاعل العاطفي ذاك الذي يبقى ساكنا في القلب دون أن يُفرز شيئا على أفعال وتصرفات الإنسان المحب لهم (ع)، فعندما حرّك أهل البيت (ع) الشيعة والموالين لهم نحو العاطفة كالبكاء على مصابهم أرادوا من ذلك الربط العاطفي والقلبي الذي ينعكس على الوعي العقلي وتأكيد الإرتباط الولائي بهم.
فهم (ع) يدعون إلى ذلك الحب القرآني الذي يعبر عنه المولى سبحانه وتعالى بقوله: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، المحبة التي تحرك العاشق نحو اقتفاء المعشوق وإتّباعه في سلوكه وأقواله.
فلا يكفي بالإنسان أن يحب فقط، ويؤكد هذا المعنى الإمام الباقر (ع) في حديث طويل له مع الصحابي جابر الأنصاري فيقول (ع) لجابر: (يا جابر، أيكتفي من انتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشّع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في جميع الأشياء.
قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة، فقال : يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول: أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا، فلو قال: إني أحب رسول الله صلى الله عليه وآله فرسول الله خير من علي عليه السلام ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا.
فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عزّ وجل وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته.
ثم قال: من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع).
إذن المحبة التي يرسمها أهل البيت (ع) هي هذه التي تُحركنا نحو الإقتداء والعمل بما يقولون لأنّ العاشق دومًا يخشى من أن يُؤذي معشوقه أو أن يقوم بما لا يرتضيه، وأهل البيت (ع) لا يرضون بترك الصلاة أو ترك الصوم أو إتيان المعصية وما يسخط الله.
-مكانة البكاء عند أهل البيت (ع):
يحكي لنا الشاعر المعروف دعبل الخزاعي قصة يتضح لنا من خلالها حجم الإعتناء بالبكاء والإبكاء عند أهل البيت (ع).
قال دعبل: (دخلت على سيدي ومولاي علي بن موسى الرضا (ع)، في مثل هذه الأيام فرأيته جالسا جلسة الحزين الكئيب وأصحابه من حوله، فلما رآني مقبلا قال: مرحبا بك يا دعبل مرحبا بناصرنا بيده ولسانه. ثم إنّه وسّع لي في مجلسه وأجلسني إلى جانبه، ثم قال لي: يا دعبل أحب أن تنشدني شعرا، فإنّ هذه الأيام أيام حزن كانت علينا أهل البيت، وأيام سرور كانت على أعدائنا خصوصا بني أمية، يا دعبل من بكى أو أبكى على مصابنا ولو واحدا كان أجره على الله، يا دعبل من ذرفت عيناه على مصابنا وبكى لما أصابنا من أعدائنا حشره الله معنا في زمرتنا، يا دعبل من بكى على مصاب جدي الحسين (ع) غفر الله له ذنوبه البتة.
ثم إنه (ع) نهض وضرب سترا بيننا وبين حرمه، وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكوا على مصاب جدهم الحسين (ع)، ثم التفت وقال: يا دعبل إرث الحسين (ع)، فأنت ناصرنا ومادحنا ما دمت حيا، فلا تقصّر عن نصرتنا ما استطعت).
وفي هذه الرواية نقاط مهمة جدا وهي:
- الاجتماع للبكاء على مصاب الإمام الحسين (ع) في مثل هذه الأيام أي أيام عاشوراء كان سيرة لدى الأئمة (ع)، ولم ينشأ من قبل أتباعهم هكذا بصورة عفوية وتلقائية بعيدة عن الإتباع لهم (ع) وللشرع القويم.
- إنّ إظهار مظاهر الحزن في هذه الأيام، والبكاء على مصاب الإمام الحسين (ع) ركيزة أساسية في طريقة الإحياء الذي يتناسب وعاشوراء الحسين (ع).
- إنّ المنشد والراثي لأهل البيت (ع)، والساعي لإبكاء الآخرين قد أعطاه الإمام وسام الناصر لهم، وله أجر عظيم عند الله.
وقفات لممارسات في الموكب الحسيني:
أولاً : المظهر العام للموكب:
من خلال ما سبق يظهر لنا أن الإرتباط العاطفي مكون مهم جدا يجب على المحيي لذكرى الحسين أن ينصب نفسه لاقتفائه وتتبعه في كل جنبات الإحياء، وأبرز مظاهر الارتباط العاطفي الحزن على ما جرى عليهم، وهذا الحزن يجب أن يكون مكونا بارزا للموكب الحسيني من خلال ما يلي:
- لباس المعزي: لابد وأن يعبر عن هذا المعنى بشكل جيد، والأسود خير معبر عن الحزن الظاهري.
واللباس الأسود لا يقتصر على الكبير فقط وإنما هي ثقافة حزن وارتباط يجب نقلها للأولاد.
- اللحن الحزين الذي يعزي به الرادود.
- المظهر العام للمعزين من خلال اجتناب الحديث الكثير الذي يسلب الموكب هيبته ومظهره الحزين.
ثانيا: العلاقة بين مكونات الموكب بعضها البعض:
(الرادود والمنظم والمعزي) العناصر الثلاث المكونة للموكب، وهذه العناصر لابد لها أن تسير بتناغم وانسجام كي يظهر الموكب بالصورة المطلوبة، وما يؤسس لعلاقة الانسجام هذه هو الاحترام المتبادل بين العناصر هذه، واحترام الدور الذي يقوم به كل عنصر.
ثالثا: الخدمات المقدمة في أثناء الموكب:
إن أبرز ما يقدم من خدمات للموكب والمعزين هو الإطعام، وقد وردت روايات في فضل إطعام المؤمنين، ولكن الإطعام لابد أن لا يكون مظهرا من مظاهر الإعدام للأحكام الشرعية الصحيحة فتكون ممارسة خاطئة بدلا من كونها ممارسة صحيحة.
فلابد من الإبتعاد عن الإسراف، والأكل حال السير ونحوه والخلص الجيد من القمامة كي نحافظ على النظافة.
رابعا: حفظ الموكب من العابثين:
قد ذكرنا أن الموكب يشكر مظهرا من مظاهر الإحياء وتعظيم لشعيرة من شعائر الله، ولذلك لابد أن يكون مظهرها هو هذا، حيث تتجلى فيه تعاليم الإسلام وتعاليم أهل البيت (ع)، ولكن رغم ثقتنا الكبيرة بأتباع أهل البيت (ع) إلا أن الشيطان لا يكف عن جرّ ضعاف النفوس بحبائله ومكائده يقول الباري:(وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) الاسراء.
ولذلك لابد من تحصين الموكب من تدخلات الشيطان والعابثين، ولذلك لابد وأن تتفعل تعاليم الإسلام التي تعطي حصانة ذاتية ومجتمعية، خاصة في ظل وجود المرأة وهذه التعاليم كثيرة نذكر منها:
- الغضّ من النظر الشهوي:
يقول المولى سبحانه وتعالى للرجال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) النور/30، وللنساء أيضا: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ..) النور/31.
- الستر الشرعي والحجاب:
يقول المولى سبحانه: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ... ) النور/31.
الستر الشرعي للرجل والمرأة: والحديث أولا عن المرأة، حيث فرض الله عليها أن تستر بدنها إلا ما يستثنيه البعض من فقهائنا كالوجه والكفين، عن كل ناظر أجنبي مميّز، ويتلخص الوجوب هذا في فكرة الحجاب الشرعي، وينبغي أن لا نفهم مسألة الحجاب في إطار ذاك القماش الذي يُوضع على الرأس وفقط، فالحجاب في نظر الشريعة ليس هو ذاك وفقط بل هو ستر لجميع البدن إلا ما استُثني بشروط مهمة تتمثل فيما يلي:
- أن يكون الساتر ساترا للبدن والبشرة، فلا يكون رقيقا شفافا.
- أن لا يحكي ويفصّل أعضاء البدن في إثارة تُفقد الهدف والغاية من الحجاب والستر الشرعي.
- أن لا يكون ملفتا في زينة تجلب الأنظار وتثير الشهوات، بتبرج وسفور مغريين.
فقد تستر المرأة تمام بدنها، ولكن تبقى الأعيُن الشهوية تلاحقها أينما ذهبت، ذلك أنّها سترت.. ولكن بشدّ وضيق أبرز مفاتنها، وكأنّها تعلن إعلانا عاما عنوانه الشهوة والجنس، فلا تلومنّ إلا نفسها إذا وجدت أعيُن الناس تتوجه إليها بحدّة وشهوة تُربك حركتها وتعكّر صفو مشيتها.
ثم ننتقل لستر الرجل، فالمولى فرض عليه أيضا سترا في قوله: (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ..)، فلابد من ستر العورة للرجل عن أي ناظر، وعليه أن يتنبه إلى أن بعض الأماكن والمجتمعات تفرض عليه لباسا قد يختلف عن تلك الأماكن الأخرى، فملابس الكرة محلّها الملاعب لا المجمعات والأسواق، إذ وجود الشباب في المجمعات بملابس خفيفة تُظهر مفاتنهم يُعد افسادا وإغراءا للفتيات والشابات وهذا لا يرضاه الشارع أيضًا.
ويمكن لنا أن نلخص فلسفة الستر الشرعي: بأنّ الستر دور يقوم به الفرد لتحصين نفسه من النظرات المشبوهة وبالتالي يوفّر على نفسه شوطا من التحرشات التي قد تُتعب نفسيته أو يركن لإغراءاتها. بالإضافة إلى أنّ الستر يقدّم تحصينا للآخر فيحجب عنه عناصر الفتنة ويجعل نظره متركزا في الإطار الصحيح والجائز.
فالحجاب والستر دور يقوم به الذكر والأنثى كمساهمة في حفظ مجتمعهم وتحصينه.
- الإتزان في حركة الأجساد وفي الكلام:
يبدو أن المسألة لا تقف عند الستر الذي يتعلق بالملبس، فالأجساد وإن سُترت يمكن لها أن تُخادع فتمارس الإغراء بوسائل أخرى، لم يهمل الإسلام التصدي إليها، فيقول سبحانه: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ..) النور/31، (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) الأحزاب/32.
كانت النساء تلبس الخلخال في الرِجْل، وكانت بعض النساء تضرب برجلها الأرض ليعلم أنّها ذات خلخال، وهو في واقع الأمر فعل الغرض منه إغراء الرجال وإيقاد مكامن الشهوة في نفوسهم، ليتنبه الرجل للمرأة هذه ويلتفت ويتصور حال الخلخال المخبأ وغير ذلك من خيالات جنسية قد تذهب بها الشهوة بعيدا.
وهنا تظهر لنا دقة الإسلام، فهو لم يهمل هذا الفعل ونهى عنه، ومنه نفهم أن كلّ فعل أو حركة جسدية إغرائية فهي منهيٌ عنها في الشريعة السمحاء.
والآية الثانية في قوله: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ..) هي في الإطار ذاته فالخضوع في القول حرام.
ختاما نقول:
الموكب يشكل مظهرا من مظاهر إحياء شعائر الله ، وهو منتسب إلى الحسين (ع) فلابد أن يكون في كل جزئياته يعبر عن تعاليم الله وتعاليم أهل البيت (ع).