حوارية في شوق الزيارة
..............................
حَدِيْثِيْ وَأصْحَابِيْ: حَبِيْبٌ وَمُسْلِمُ
بِيَوْمِ الوَغَىْ لَمَّا إِلَىْ البَيْنِ أَسْلَمُوْا
فَقَالَ اوْصِنِيْ إِنْ كُنْتَ يَا صَاحِ مُوْصِيَاً
فَقَالَ بَلَىْ أُوْصِيْكَ -وَالخَيْلُ تَدْهَمُ-
وَأوْمَا بِعَيْنٍ أَغْرَقَ الدَّمْعَ وَهْجُهَا
وَفَاضَتْ عَلَىْ خَدَّيْهِ إِذْ شَابَهَا الدَّمُ
يُتَمْتِمُ وِرْدَاً بَيْنَ أَنَّاتِ ذَاهِبٍ
مَذَاهِبَ عِشْقٍ مَا سِوَىْ الصَبِّ يُلْهَمُ
أَلَا لَاْ تَدَعْ يَا صَاحِ مَنْ بَاتَ مُفْرَدَاً
وَحِيْدَاً غَرِيْبَاً عِنْدَهُ النُّوْبُ جُثَّمُ
وَصَاحَ ثَلاثَاً تَحْمِلُ الرِّيْحُ رَجْعَهَا
حَبِيْبُ: حُسَيْنٌ... أَسْلَمَ الرُّوْحِ مُسْلِمُ.
فَكُنْتُ حَبِيْبَاً لَمْ يَذُقْ قَبْلَ وَصْلِهِ
وَكَانَ خَلِيْلِيْ حَظُّهُ مِنْهُ أَسْهُمُ
إِذَا جَنَّ لَيْلُ السَّائِرِيْنَ لِنَيْنَوَىْ
بَزَغْنَ قَوَافٍ فِيْ الجَوَىْ فَهِيَ أَنْجُمُ
خَوَاطِرُ لَمْ تَدْرِيْ بِأَيِّ مَفَازَةٍ
سَيَحْمِلُهَا الحَادِيْ إِذَاْ الرَّكْبُ يَمَّمُوْا
وَلَمْ أَدْرِ فِيْ بَرٍ وَبَحْرٍ وَرُبَّمَا
بِسَاطُ ابْنُ دَاوُوْدٍ عَلَىْ الرِّيْحِ سُلَّمُ
وَكُنَّا تَوَاعَدْنَا عَلَىْ القَصْدِ كُلَّمَا
دَنَىْ مَوْسِمُ الإِسْرِاءِ فَالشَّوْقُ يُضْرَمُ
يَقُوْلُ خَلِيْلِيْ هَلْ تَرَىْ مِنْ مَحَجَّةٍ
وَأَيُّ سَبِيْلٍ لِلْهَوَىْ حَيْثُ نَحْلُمُ
فَقُلْتُ وَحَقِّ العِشْقِ لَنْ أَبْرَحَ السُّرَىْ
وَفِيْ وَدَجِيْ للسِّبْطِ نَبْضٌ وَأنْسُمُ
وَقَالَ وَحَقِّ السِّبْطِ لَنْ أَبْرَحَ الهَوَىْ
وَفِيْ كَبِدِيْ لِلْطَّفِ نَارٌ تَعَاظَمُ
وَأَيْمُ الَّذِيْ صَلَّىْ الحُسَيْنُ دَمَاً لَهُ
لَدَىْ النَّحْرِ مَثْوَانَا نُصَلِّيْ وَنُحْرِمُ
وَإِمَّا فُرَادَىْ أَيُّنَا نَابَ عَنْ أَخٍ
يُقَلِّدُهُ النَّجْوَىْ مَزَاْراً وَيُبْرِمُ
تَبَرَّحَ قَلْبِيْ بِالمَزَارِ وَشَوْقِهِ
وَأَجْهَشَ رُوْحِيْ نَزْفُهَا حَيْثُ تُحْرَمُ
أَلَا يَا لِرَجْوَىْ لَيْسَ تَرْوِيْكَ دُوْنَمَا
تَعَفِّرُ فِيْ الأَعْتَابِ خَدًّا وَتَلْثُمُ
مَعَاقِدَ عِزٍّ مِنْ عُرَىْ الحَقِّ لَثْمَةً
بِهَا يُجْبَرُ العَظْمُ الكَسِيْرُ وَيُلْأَمُ
كَمَا جَابِرٌ بِالطَّفِ آخَىْ عَطِيَّةً
يُضَمِّخُهُ عِطْرٌ مِنْ السُّعْدِ مُفْعَمُ
وَسَارَ عَلَىْ هَوْنٍ وَفِيْ القَلْبِ لَاعِجٌ
يَعَدُّ خُطَاهُ حَاسِرَ الرَّاْسِ مُحْرِمُ
أَتَىْ لِطَوَافٍ مَنْحَرُ السِّبْطِ رُكْنُهُ
وَفِيْ حِجْرِهِ اِبْنَاهُ وَالصَّحْبُ مِنْهُمُ
بِحائِرِهِ جَمْعَاً وَأَمَّا حَبِيْبُهُ
مَقَامٌ كَإِبْرَاهِيْمَ فِيْ القَلْبِ تُرْسَمُ
فَتِلْكَ الصَّفَا وَالسَّعْيْ للنَّهْرِ حَيْثُمَا
تَزَمَّلَ بَدْرٌ شَابَهَ الشَّمْسَ ضَيْغَمُ
فَأَلْمَسَهُ تُرْبَاً وَشَمَّ أَرِيْجَهُ
وَصَاحَ ثَلاثَاً يَا حُسَيْنُ.. فِدَاكُمُ
فَيَا لِحَبِيْبٍ لَمْ يُجِبْ حِبَّهُ لُقىً
وَأَنَّىْ يُجِيْبُ النَّحْرُ وَالسَّيْفُ يُحْسَمُ
وَمَا قَالَهَا إِلّا افْتِجَاعَاً وَلَوْعَةً
تَلَهَّبُ فِيْ أَحْشَاهُ وَالعَيْنُ تَسْجُمُ:
جِمَارَاً تُحِيْلُ المَوْقَ أَعْلَاقُ مِنْ دَمٍ
تُجَرِّحُهَا الذِّكْرَىْ عَقِيْقَاً وَتَنْظِمُ
..............................
محمد حسن آل إبراهيم
١٦ صفر ١٤٤٣ هجرية