سورة فاطر (مكية - 45 آية)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
- ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ مبدعهما، من الفطر بمعنى الشقّ، كأنّه شقّ العدم بإخراجهما منه. ﴿جَاعِلِ الْمَلائكَةِ رُسُلا﴾ وسائط بين الله وبين أنبيائه والصّالحين من عباده، يبلّغون إليهم رسالاته بالوحي والإلهام والرؤيا الصّادقة. ﴿أُولِي أجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾ ينزلون بها ويعرجون، ويسرعون بها نحو ما امروا به، ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)﴾ تخصيص بعض الأشياء بالتحصيل دون بعض، إنما هو من جهة السّبب للمسّبب.
- ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ﴾ كنعمة وأمن وصحّة وعلم، ونبوّة وولاية. ﴿فَلا مُمْسِكَ لَهَا﴾ يحبسها. ﴿وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ﴾ من بعد إمساكه. ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ الغالب على ما يشاء، ليس لأحد أن ينازعه فيه ﴿الْحَكِيمُ (2)﴾ لا يفعل إلا بعلم وإتقان.
- ﴿يَا أيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ احفظوها بمعرفة حقّها، والاعتراف بها وطاعة منعمها. ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤفَكُونَ (3)﴾ فمن أيّ وجه تصرفون عن التّوحيد إلى الاشراك به؟!.
- ﴿وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (4)﴾ فيجازيك وإيّاهم على الصبر والتكذيب.
- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ بالحشر والجزاء. ﴿حَقٌّ﴾ لا خلف فيه. ﴿فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ فيذهلكم التمتّع بها عن طلب الآخرة والسعي لها. ﴿وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5)﴾ الشّيطان بأنّ يُمنٌيكم المغفرة مع الاصرار على المعصية.
- ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ عداوة عامة قديمة. ﴿فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ في عقائدكم وأفعالكم، وكونوا على حذر منه في مجامع أحوالكم. ﴿إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير (6)ِ﴾ تقريراً لعدواته وبيان لغرضه في دعوة شيعته إلى إتباع الهوى والركون إلى الدّنيا.
- ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7)﴾ وعيد ووعد، وقطع للأماني الفارغة، ببناء الأمر كله على الإيمان والعمل الصالح.
- ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ كمن لم يزيّن له، بل وفق حتى عرف الحقّ، فحذف الجواب لدلالة ما بعده عليه. ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ فلا تهلك نفسك عليهم للحسرات على غيّهم وإصرارهم على التكذيب ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)﴾ فيجازيهم عليه.
- ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9)﴾ مثل إحياء الموات، نشور الأموات في المقدورية.
- ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ فليطلبها من عنده، فإنّ كلها له. ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ بيان لما يطلب به العزة وهو التّوحيد والعمل الصالح. ﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ المكرات السيئات. ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)﴾ يفسد ولا ينفذ، وفي العاقبة يحيق بهم.
- ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا﴾ ذكرانًا وإناثا. ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11)﴾ لا يطول عمر ولا ينقص إلا في اللوح المحفوظ.
- ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ مثل للمؤمن والكافر، والفرات الّذي يكسر العطش، والسائغ الّذي يسهل انحداره، والأجاج الّذي يحرق بملوحته. ﴿وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ﴾ منه. ﴿حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ اللآلي واليواقيت. ﴿وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ﴾ تشق الماء بجريها. ﴿لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ من فضل الله بالنقلة فيها. ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)﴾ على ذلك.
- ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13)﴾ هو الجلدة الرقيقة التي على ظهر النواة. للدلالة على تفرده بالألوهيّة والربوبيّة.
- ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ﴾ لأنّهم جماد. ﴿وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ لعدم قدرتهم على الإنقاع، أو لتبّرئهم منكم ممّا تدّعون لهم. ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)﴾ ما أخبر به من حال آلهتهم ونفي ما يدّعون لهم.
- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)﴾ المستغني على الإطلاق، المنعم على سائر الموجودات حتّى استحقّ عليهم الحمد.
- ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16)﴾ بقوم آخرين أطوع منكم، أو بعالم آخر غير ما تعرفونه.
- ﴿وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17)﴾ بمتعذّر أو متعسّر.
- ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ ولا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى. ﴿وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ﴾ نفس أثقلتها الأوزار. ﴿إِلَى حِمْلِهَا﴾ تحمل بعض أوزارها. ﴿لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ﴾ لم تجب بحمل شئ منه. نفى أن يحمل عنها ذنبها، كما نفى أن يحمل عليها ذنب غيرها. ﴿وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ ولو كان المدعوّ ذا قرابتها. أضمر المدعوّ لدّلالة (إن تدع) عليه. ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ﴾ غائبين عن عذابه أو عن النّاس في خلواتهم. ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ إذ غيرهم لا ينتفعون به. ﴿وَمَنْ تَزَكَّى﴾ تطهّر من دنس المعاصي. ﴿فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)﴾ فيجازيه على تزكيته.
- ﴿وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19)﴾ الكافر والمؤمن.
- ﴿وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ (20)﴾ ولا الباطل ولا الحقّ.
- ﴿وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (21)﴾ ولا الثواب ولا العقاب. والحرور: السموم.
- ﴿وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاء وَلا الأَمْوَاتُ﴾ تمثيل آخر للمؤمنين والكافرين أبلغ من الأول، ولذلك كرر الفعل. ﴿إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ (22)﴾ المصرّين على الكفر.
- ﴿إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (23)﴾ فما عليك إلا الانذار، وأما الاسماع فلا إليك، ولا حيلة لك إليه في المطبوع على قلوبهم.
- ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ﴾ أهل عصر. ﴿إِلاَّ خَلا﴾ مضى. ﴿فِيهَا نَذِير (24)ٌ﴾ من نبيّ أو وصي نبيّ.
- ﴿وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بالمعجزات الشاهدة على نبوّتهم. ﴿وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (25)﴾ كصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل.
- ﴿ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِير (26)ِ﴾ إنكاري بالعقوبة.
- ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ﴾ ذو جدد أي خطط وطرائق. ﴿بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا﴾ بالشدّة والضعف. ﴿وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27)﴾ ومنها غرابيب متّحدة اللون، والغربيب تأكيد للأسود.
- ﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ﴾ كاختلاف الثمار والجبال. ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ إذ شرط الخشية معرفة المخشي والعلم بصفاته وأفعاله، فمن كان أعلم به كان أخشى منه. ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)﴾ تعليل لوجوب الخشية، لدلالته على أنّه معاقب للمصرّ على طغيانه، غفور للتائب عن عصيانه.
- ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29)﴾ لن تكسد ولن تهلك بالخسران. والتجارة تحصيل الثواب بالطاعة.
- ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ﴾ على ما يقابل أعمالهم. ﴿إِنَّهُ غَفُورٌ﴾ لفرطاتهم. ﴿شَكُورٌ (30)﴾ لطاعاتهم.
- ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ﴾ يعني القرآن. ﴿هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ من الكتب السماوية. ﴿إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31)﴾ عالم بالبواطن والظواهر.
- ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)﴾ أراد الله بذلك العترة الطاهرة، ولو أراد الأمّة لكانت بأجمعها في الجنّة.
- ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا﴾. {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33)}
- ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ﴾ للمذنبين. ﴿شَكُورٌ (34)﴾ للمطيعين.
- ﴿الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ﴾ دار الإقامة. ﴿مِن فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ﴾ تعب. ﴿وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ(35)﴾ كلال، إذ لا تكليف فيها ولا كد.
- ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ﴾ لا يحكم عليهم بموت ثان. ﴿فَيَمُوتُوا﴾ ويستريحوا. ﴿وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا﴾ بل كلّما خبت زيدوا سعيرا. ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36)﴾ مبالغ في الكفر او الكفران.
- ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا﴾ يستغيثون بالصراخ. ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ﴾ يتناول كلّ عمر يمكّن فيه من التفكّر والتذكّر. ﴿فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ (37)﴾ يدفع العذاب عنهم.
- ﴿إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38)﴾ تعليل له لأنّه إذا علم مضمرات الصدور ، وهي اخفي ما يكون كان أعلم بغيره.
- ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائفَ فِي الأرْضِ﴾ ألقى إليكم مقاليد التصرّف فيها، أو جعلكم خلفًا بعد خلف. ﴿فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إلاَّ مَقْتًا وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إلاَّ خَسَارًا (39)﴾ كرره للدّلالة على أنّ اقتضاء الكفر لكلّ واحد من الأمرين مستقلّ باقتضاء قبحه ووجوب التجنّب عنه، والمراد بالمقت مقت الله، وبالخسار خسار الآخرة.
- ﴿قُلْ أرَاَأيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ أمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا﴾ ينطق على أنا اتّخذنا شركاء ﴿فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إلاَّ غُرُورًا (40)﴾ بأنهم شفعاؤهم عند الله.
- ﴿إنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَن تَزُولا وَلَئن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ﴾ من بعد الله، أو من بعد الزوال. ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)﴾.
- ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ﴾ أي من واحدة من الأمم اليهود والنصارى وغيرها ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ﴾ يعني محمدًا صلى الله عليه وآله ﴿مَّا زَادَهُمْ الإَ نُفُورًا (42)﴾ تباعدًت عن الحقّ.
- ﴿اسْتِكْبَارًا فِي الأرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّيِء وَلا يَحِيقُ﴾ ولا يحيط ﴿الْمَكْرُ السَّيِّيُء إِلاَّ بِأَهْلِهِ﴾ قيل: وقد حاق بهم يوم بدر ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ﴾ ينتظرون ﴿إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ﴾ بتعذيب مكذيبهم ﴿فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ بجعل التعذيب غيره ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)﴾ بنقله إلى غيرهم.
- ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ في مسايرهم في أسفارهم، أو في القرآن ﴿فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ فينظروا في آثارهم، أو في أخباره ﴿وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ﴾ ليسبقه ويفوته ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44)﴾ بالأشياء كلها.
- ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا﴾ ظهر الأرض ﴿مِنْ دَابَّةٍ﴾ تدب عليها بشؤم معاصيهم ﴿وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ هو يوم القيامة ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)﴾ فيجازيهم على أعمالهم.