التفسير الميسر - سورة الأحزاب
سورة الأحزاب (مدنية - 73 آية)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
- ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ فيما يعود بوهن في الدّين ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)﴾ بالمصالح والمفاسد.
- ﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2)﴾ فقد أُوحي إليك ما تصلحه وتغني من الاستماع إلى الكفرة.
- ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا (3)﴾ موكولًا إليه الأمور كلّها.
- ﴿مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾ ما جمع قلبين في جوف.
- ﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ الَّلائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ ردّ لما زعمت العرب: أن من قال لزوجته: أنت عليّ كظهر أمي، صارت زوجته كالأم له ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾ كذلك لم يجعل الزّوجة والدّعيّ اللذين لا ولادة بينهما وبينه وأمّه وابنه اللذين بينهما وبينه ولادة ﴿ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ﴾ لا حقيقة له ﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4)﴾ سبيل الحقّ.
- ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ﴾ أعدل ﴿فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ﴾ لتنسبوا إليهم ﴿فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ فهم إخوانكم في الدّين ﴿وَمَوَالِيكُمْ﴾ وأولياؤكم فيه، فقولوا: هذا أخي ومولاي، بهذا التأويل. ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ، وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ ولكنّ الجناح فيما تعمّدت قلوبكم ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (5)﴾ لما سلف من قولكم.
- ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾ يعني أولى بهم في الأمور كلها، بأن يكون أحب إليهم من أنفسهم، وأمره أنفذ عليهم من أمرها، وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها. ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ منزلات منزلتهن في التّحريم واستحقاق التّعظيم ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ ذو القرابات أولى في التّوارث ﴿فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ في حكمه المكتوب.
- ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾ بيان لأولي الأرحام ﴿إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا﴾ يعني بالتّوصية. ﴿كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)﴾ كان ما ذكر في الآيتين ثابتًا في القرآن.
- ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا﴾ مقدر بأذكر. ﴿مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ﴾ عهودهم بتبليغ الرّسالة والدّعاء إلى الدّين القيّم ﴿وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ خصّهم بالذّكر ﴿وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (7)﴾ عظيم الشّأن، أو مؤكّدًا باليمين.
- ﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ﴾ فعلنا ذلك ليسأل الله يوم القيامة الأنبياء الذين صدقوا عهدهم، فيظهر صدقهم. ﴿وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (8)﴾ كأنه قيل: فأثاب المؤمنين وأعد للكافرين.
- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا﴾ يعني الأحزاب، وهم قريش وغطفان ويهود قريظة والنضير في عشرة آلاف، وكان المسلمون سبعمائة ﴿وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا﴾ يعني الملائكة ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)﴾ أي: حفر الخندق، وعلى الغيبة، أي: التحزب والمحاربة
- ﴿إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ﴾ من أعلى الوادي ﴿وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ﴾ من أسفل الوادي ﴿وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ﴾ مالت عن مستوى نظرها حيرة وشخوصًا ﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ رعبًا ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)﴾ الأنواع من الظّنّ.
- ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ اختبروا، فظهر المخلص من المنافق، والثّابت من المتزلزل ﴿وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا (11)﴾ من شدّة الفزع.
- ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ من الظفر وإعلاء الدّين ﴿إِلاَّ غُرُورًا (12)﴾ وعدًا باطلا.
- ﴿وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ﴾ أهل المدينة ﴿لا مُقَامَ لَكُمْ﴾ لا موضع قيام لكم ﴿فَارْجِعُوا﴾ إلى منازلكم هاربين ﴿وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ﴾ للرجوع ﴿يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾ غير حصينة، وأصلها الخلل ﴿وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ﴾ بل هي رفيعة السمك حصينة. ﴿إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا (13)﴾ من القتال.
- ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا﴾ من جوانبها ﴿ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ﴾ الرّدّة ومقاتلة المسلمين ﴿لَآتَوْهَا﴾ لأعطوها ﴿وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا﴾ بالفتنة، أي بإعطائها ﴿إِلاَّ يَسِيرًا (14)﴾.
- ﴿وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (15)﴾ عن الوفاء به، مجازي عليه.
- ﴿قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لّا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلا (16)﴾ وإن نفعكم الفرار مثلًا فمتّعتم بالتأخير، لم يكن ذلك التّمتيع إلَّا تمتيعًا أو زمانًا قليلا.
- ﴿قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً﴾ يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمه ﴿وَلا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا﴾ ينفعهم ﴿وَلا نَصِيرًا (17)﴾ يدفع الضّرّ عنهم.
- ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ﴾ المثبطين عن رسول الله، وهم المنافقون ﴿وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ قربوا أنفسكم إلينا. ﴿وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ﴾ ولا يقاتلون ﴿إِلاَّ قَلِيلا (18)﴾ زمانًا قليلا.
- ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾ بخلاء بالمعاونة، أو النّفقة، أو الظّفر، أو الغنيمة ﴿فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ﴾ في أحداقهم ﴿كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ من معالجة سكرات الموت، خوفًا ولواذًا بك ﴿فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ﴾ وحيزت الغنائم ﴿سَلَقُوكُم﴾ ضربوكم. والسّلق: البسط بقهر، باليد، أو بالّلسان ﴿بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾ ذرية يطلبون الغنيمة. ﴿أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا﴾ إخلاصًا ﴿فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (19)﴾ هيّنا.
- ﴿يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا﴾ هؤلاء لجبنهم يظّنون أنَّ الأحزاب لم ينهزموا، وقد انهزموا ﴿وَإِن يَأْتِ الأَحْزَابُ﴾ كرّة ثانية ﴿يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ﴾ تمنوا أنَّهم خارجون إلى البدو وحاصلون بين الأعراب ﴿يَسْأَلُونَ﴾ كلّ قادم من جانب المدينة ﴿عَنْ أَنبَائِكُمْ﴾ عمّا جرى عليكم ﴿وَلَوْ كَانُوا فِيكُم﴾ هذه الكرّة ولم يرجعوا إلى المدينة، وكان قتال ﴿مَّا قَاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلا (20)﴾ رياءً وخوفًا عن التّعيير.
- ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ في أفعاله وأخلاقه، كثباته في الحرب ومقاساته للشّدائد وغير ذلك ﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)﴾ قرن بالرجاء كثرة الذكر المؤدية إلى ملازمة الطاعة، فإن المؤتسي بالرسول من كان كذلك.
- ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ لأوامره ومقاديره.
- ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ أن لا يفروا أبدًا ﴿فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ﴾ أجله، كحمزة وجعفر ﴿وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ﴾ الشّهادة ﴿وَمَا بَدَّلُوا﴾ العهد ولا غيروه ﴿تَبْدِيلا (23)﴾ شيئًا من التّبديل. فيه تعريض لأهل النفاق ومرض القلب بالتبديل.
- ﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ﴾ المبدلين ﴿إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (24)﴾ تعليل للمنطوق والمعرّض به.
- ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يعني الأحزاب ﴿بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا﴾ غير ظافرين ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾ بالرّيح والملائكة ﴿وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا﴾ على إحداث ما يريده ﴿عَزِيزًا (25)﴾ غالبًا على كلّ شيء.
- ﴿وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم﴾ ظاهروا الأحزاب ﴿مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ القمي: يعني بني قريظة ﴿مِن صَيَاصِيهِمْ﴾ من حصونهم ﴿وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ الخوف ﴿فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26)﴾.
- ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ﴾ مزارعهم وحصونهم ﴿وَأَمْوَالَهُمْ﴾ نقودهم ومواشيهم وأثاثهم ﴿وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا﴾ كفارس والرّوم ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27)﴾ فيقدر على ذلك.
- ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ السّعة والتّنعّم فيها ﴿وَزِينَتَهَا﴾ وزخارفها ﴿فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ﴾ أعطكنَّ المتعة ﴿وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا (28)﴾ طلاقًا من غير ضرار برغبة.
- ﴿وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)﴾ استحقر دونه الدّنيا وزينتها.
- ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾ ظاهر قبحها. الفاحشة: المعصية الكبيرة ﴿يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ ضعفي عذاب غيرهن. ﴿وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)﴾ لا يمنعه عن التّضعيف كونهّن نساء النّبيّ، وكيف وهو سببه؟!
- ﴿وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ﴾ ومن يدم على الطّاعة ﴿لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ﴾ مرّة على الطّاعة، ومرّة على طلب رضا النبيّ صلى الله عليه وآله، بالقناعة وحسن المعاشرة ﴿وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31)﴾ في الجنّة زيادة على أجرها.
- ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ﴾ مخالفة حكم الله ورضا رسوله ﴿فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ﴾ فلا تجبن بقولكنّ خاضعًا ليّنا مثل قول المريبات ﴿فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ فجور ﴿وَقُلْنَ قَوْلا مَّعْرُوفًا (32)﴾ حسنًا، بعيدًا عن الرّيبة.
- ﴿وَقَرْنَ﴾ من الوقار، أو القرار ﴿فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾ التبرج: إظهار النساء زينتهّن ومحاسنهّن للرجال ﴿وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)﴾ الذّنب المدنّس لعرضكم. و(الرّجس) الشّكّ هنا، والتّرشيح (بالتطهير) للتّنفير عنه.
- ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ واشكرن الله إذا صيّركنّ في بيوت يتلى فيها القرآن والسّنّة ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)﴾ يعلم ويدّبر ما يصلح في خيّركنّ ووعظكنّ.
- ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ المصدّقين والمصدّقات، بما يجب أن يصدّق به ﴿وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ﴾ المداومين على الطّاعة ﴿وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ﴾ في القول والفعل ﴿وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ﴾ على الطّاعات وعن المعاصي ﴿وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ﴾ المتواضعين لله بقلوبهم وجوارحهم ﴿وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ﴾ من أموالهم ابتغاء مرضاة الله ﴿وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ﴾ لله بنية صادقة ﴿وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ﴾ عن الحرام ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ بقلوبهم وألسنتهم ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً﴾ لذنوبهم ﴿وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)﴾ على طاعتهم.
- ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ أن يختاروا من أمرهم شيئًا، بل يجب عليهم أن يجعلوا اختيارهم تبعًا لاختيار الله ورسوله ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا (36)﴾ بيّن الانحراف عن الصّواب.
- ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ بالإسلام ﴿وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ بالعتق، وهو زيد بن حارثة ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ ﴿وَاتَّقِ اللَّهَ﴾ زينب، في أمرها، فلا تطلّقها ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ وهو نكاحها إن طلّقها ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ﴾ تعييرهم إيّاك به ﴿وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ﴾ إن كان فيه ما يخشى ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا﴾ بحيث ملّها ولم يبق له فيها حاجة، وطلّقها وانقضت عدّتها ﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾ كناية عن الطلاق ﴿لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا (37)﴾ مكونًا لا محالة.
- ﴿مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ﴾ سنّ ذلك سنّة ﴿فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ﴾ من الأنبياء، وهو نفي الحرج عنهم فيما أباح لهم ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا (38)﴾ قضاء مقضيّا وحكمًا قطعيا.
- ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)﴾ فينبغي أن لا يخشى إلّا منه.
- ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ﴾ على الحقيقة، فيثبت بينه وبينه ما بين الوالد وولده من حرمة المصاهرة وغيرها ﴿وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ﴾ وكلّ رسول أبو أمّته لا مطلقًا، بل من حيث أنّه شفيق ناصح لهم، واجب التوّقير والطّاعة عليهم، وزيد منهم. ﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ وآخرهم الذي ختمهم أو ختموا به، على اختلاف القراءتين ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)﴾ فيعلم من يليق بأن يختم به النّبوّة، وكيف ينبغي شأنه.
- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41)﴾ يغلب الأوقات وتعمّ أنواعه.
- ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (42)﴾ أوّل النّهار وآخره، خصوصًا لفضلهما على سائر الأوقات، بكونهما مشهودين.
- ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ﴾ بالرحمة ﴿وَمَلَائِكَتُهُ﴾ بالاستغفار لكم، والاهتمام بما يصلحكم ﴿لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ من ظلمات الكفر والمعاصي إلى نور الإيمان والطاعة ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)﴾ حيث اعتنى بصلاح أمرهم وإنافة قدرهم.
- ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ﴾ يحيون يوم لقائه بالسّلامة من كلّ مكروه وآفة ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)﴾ هي الجنّة
- ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا﴾ على من بعثت إليه، بتصديقهم وتكذيبهم ﴿وَمُبَشِّرًا﴾ بالجنة، من أطاعك ﴿وَنَذِيرًا (45)﴾ بالنار، من عصاك ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ﴾ إلى دينه ﴿بِإِذْنِهِ﴾ بتيسيره ﴿وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (46)﴾ يستضاء به عن ظلمات الجهالة، ويقتبس من نوره أنوار البصائر.
- ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلا كَبِيرًا (47)﴾ على سائر الأمم، أو على أجر أعمالهم.
- ﴿وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ تهييج له على ما هو عليه من مخالفتهم ﴿وَدَعْ أَذَاهُمْ﴾ إيذاءهم إيّاك، أو إيذاءك إيّاهم ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ فإنّه يكفيهم ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا (48)﴾ موكلًا إليه في الأحوال كلّها.
- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ﴾ تجامعوهنّ.
- ﴿فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ﴾ أيّام يتربّصن فيها بأنفسهنّ ﴿تَعْتَدُّونَهَا﴾ تستوفون عددها ﴿فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا (49)﴾ من غير ضرار ولا منع حقّ.
- ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ مهورهنّ ﴿وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ﴾ ﴿وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا﴾ أعلمناك حلّ امرأة مؤمنة تهب لك نفسها ولا تطلب مهرًا إن اتّفق، ولذلك نكّرها ﴿خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ولا يحل ذلك لغيره ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ من الشرائط والحصر في الأربع ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ والجملة اعتراض للّدلالة على الفرق بينه وبين المؤمنين ﴿لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾ خلص إحلالها لك لمعان يقتضي التوسيع عليك ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ لما يعسر التّحرّز عنه ﴿رَّحِيمًا (50)﴾ بالتّوسعة في مظانّ الحرج.
- ﴿تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ﴾ بترك نكاحها أو تطليقها ﴿وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء﴾ بضمّها إليك وإمساكها ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ﴾ طلبت ﴿مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾ في شيء من ذلك. ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ﴾ ذلك التّفويض إلى مشيئتك، أقرب إلى قرّة عيونهنّ وقلّة حزنهنّ ورضاهنّ جميعا، لأنّه حكم (كلّهنّ فيه سواء، ثم إن سويت بينهن وجدن ذلك تفضلًا منك، وإن رجحت بعضهن علمن أنه بحكم الله، فتطمئن نفوسهن) ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)﴾ لا يعاجل بالعقوبة.
- ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)﴾ فتحفظو أمركم، ولا تتخطوا ما أحل لكم.
- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ﴾ تدعون إليه ﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ غير منتظرين وقته أو إدراكه ﴿وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا﴾ تفرقوا ولا تمكثوا ﴿وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ﴾ لتضييق المنزل عليه وعلى أهله، واشتغاله بما لا يعنيه ﴿فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ﴾ من إخراجكم ﴿وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾ فيأمركم بالخروج ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا﴾ شيئًا ينتفع به ﴿فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ من الخواطر الشيطانية ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا﴾ من بعد وفاته أو فراقه ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)﴾ ذنبًا عظيمًا.
- ﴿إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا﴾ كنكاحهن، على ألسنتكم ﴿أَوْ تُخْفُوهُ﴾ في صدوركم ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54)﴾ فيعلم ذلك، فيجازيكم به.
- ﴿لّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاء﴾ استثناء لمن لا يجب الاحتجاب عنهم ﴿وَلا نِسَائِهِنَّ﴾ يعني النساء المؤمنات ﴿وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ العبيد الإماء ﴿وَاتَّقِينَ اللَّهَ﴾ فيما أُمرتنّ به ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)﴾ لا تخفى عليه خافية ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ الصلاة من الله رحمة، ومن الملائكة تزكية، ومن الناس دعاء ﴿وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)﴾ يعني التسليم.
- ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ يرتكبون ما يكرهانه من الكفر والمخالفة ﴿لَعَنَهُمُ اللَّهُ﴾ أبعدهم من رحمته ﴿فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (57)﴾ يهينهم مع الإيلام.
- ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا﴾ بغير جناية استحقّوا بها ﴿فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (58)﴾ ظاهرا.
- ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ﴾ يغطّين وجوههنّ وأبدانهن بملاحفهنّ إذا برزن لحاجة ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ﴾ يميّزن من الإماء والقينات ﴿فَلا يُؤْذَيْنَ﴾ فلا يؤذيهنّ أهل الريبة بالتّعرض لهنّ ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ لما سلف ﴿رَّحِيمًا (59)﴾ بعباده، يراعي مصالحهم حتّى الجزئيّات منها.
- ﴿لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ ضعف إيمان وقلَّة ثبات عليه، أو فجورهم. ﴿وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ﴾ يرجفون أخبار السّوء عن سرايا المسلمين ونحوها ﴿لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ﴾ لنأمرنَّك بقتالهم أو إجلائهم ﴿ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا﴾ في المدينة ﴿إِلاَّ قَلِيلا (60)﴾.
- ﴿مَلْعُونِينَ﴾ فوجبت عليهم اللعنة. ﴿أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا (61)﴾.
- ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ﴾ سنّ الله ذلك في الأمم الماضية، وهو أن يقتل الّذين نافقوا الأنبياء وسعوا في وهنهم بالإرجاف ونحوه، أينما ثقفوا ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا (62)﴾ لأنّه لا يبدّلها، ولا يقدر أحد أن يبدّلها
- ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ عن وقت قيامها قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ لم يطلع عليه ملكا ولا نبّيا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)﴾ شيئا قريبا، أو تكون السّاعة عن قريب.
- ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64)﴾ نارًا شديدة الاتقاد.
- ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا يحفظهم وَلَا نَصِيرًا (65)﴾ يدفع العذاب عنهم.
- ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّار﴾ تصرّف من جهة إلى جهة، أو من حال إلى حال ﴿يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66)﴾ فلن نبتلي بهذا العذاب.
- ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67)﴾ بما زيّنوه لنا.
- ﴿رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ مثلي ما آتيتنا به، لأنّهم ضلّوا وأضلّوا وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)﴾ أشدّ اللّعن وأعظمه.
- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا﴾ فأظهر براءته من مقولهم، يعني: مؤداه ومضمونه ﴿وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69)﴾ ذا قربة ووجاهة.
- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70)﴾ عدلا.
- ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ يوفّقكم للأعمال الصّالحة ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ ويجعلها مكفّرة باستقامتكم في القول والعمل ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في الأوامر والنّواهي فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)﴾ يعيش في الدّنيا حميدا وفي الآخرة سعيدًا.
- ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)﴾ الأمانة التكاليف. وأنّها لعظمة شأنها بحيث لو عرضت على هذه الأجرام العظام، لأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان مع غلبة القوة الغضبية والشهوية، وهو وصف للجنس باعتبار الأغلب، فكل ما ورد في مقام التخصيص يرجع إلى هذا، كما يظهر عند التدبر.
- ﴿لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ تعليل للحمل من حيث أنّه نتيجته، وذكر التّوبة في الوعد إشعار بأن كونهم (ظلومًا جهولًا) في جبلتهم لا يخليهم من فرطات ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)﴾ حيث تاب على فرطاتهم، وأثاب بالفوز على طاعاتهم.