﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾
- ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ كل نعمة من الله، فله الحمد في الدّنيا ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ﴾ لأنّ نعمها أيضًا من الله كلها ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ﴾ الّذي أحكم أمر الدّارين ﴿الْخَبِيرُ(1)﴾ ببواطن الأشياء.
- ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ﴾ يدخل ﴿فِي الأَرْضِ﴾ من مطر أو كنز أو موتى ﴿وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا﴾ من ماء أو فلز، أو نّبات أو حيوان ﴿وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء﴾ من مطر أو كنز أو مطر أو ملك أو رزق ﴿وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾ من عمل أو ملك ﴿وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُور (2)ُ﴾ للمقصرّين في شكر نعمه.
- ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ﴾ إٕنكار لمجيئها، أو استبطاء استهزاءً بالوعد به ﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي﴾ ردّ لكلامهم ، وإثبات لما نفوه ﴿لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ﴾ تكرير لإيجابه، مؤكّدًا بالقسم، مقرّرًا له بوصف المقسم به بصفات تقرّر إمكانه، وتنفي استبعاده، ﴿لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(3)﴾ رفعهما بالابتداء، والجملة تأكيد لنفي العزوب.
- ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ علّة لإتيانها، وبيان لما يقتضيه ﴿أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ(4)﴾ لا تعب فيه ، ولا من عليه.
- ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا﴾ بالإبطال وتزهيد الناس فيها ﴿مُعَاجِزِينَ﴾ أي: مثبطين عن الإيمان من أراده ﴿أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ﴾ من سيء العذاب ﴿أَلِيمٌ(5) ﴾ مؤلم.
- ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ(6) ﴾الّذي هو التّوحيد ، والتّدرّع بلباس التّقوى.
- ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ﴾ يعنون النبي صلى الله عليه وآله ﴿يُنَبِّئُكُمْ﴾ يحدّثكم بأعجب الأعاجيب ﴿إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ تفرّق أجسادكم كلّ تفريق ﴿إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيد(7)ٍ﴾ تنشؤون خلقًا جديدا.
- ﴿أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ﴾ جنون، يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه. ﴿بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ(8)﴾ ردّ من الله عليهم ترديدهم.
- ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم﴾ ما أحاط بجوانبهم ﴿مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ﴾ ممّا يدل على كمال قدرة الله، وأنّهم في سلطانه تجري عليهم قدرته ﴿إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء﴾ لتكذيبهم بالآيات بعد ظهور البيّنات ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً﴾ النّظر والتّفكّر فيهما وما يدلّان عليه ﴿لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ(9)﴾ راجع إلى ربّه، فإنّه يكون كثير التّأمّل في أمره.
- ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلا﴾ على سائر الأنبياء ، وهو ما ذكر بعد ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ رجّعي معه التّسبيح ﴿وَالطَّيْرَ﴾ رجّعي أيضًا، أو أنت والطير ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ(10) ﴾ جعلنا في يده كالشّمع، يصرّفه كيف يشاء من غير إحماء وطرق.
- ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾ دروعا واسعات ﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ في نسجها بحيث يتناسب حلقها، أو في مساميرها في الرقة والغلظ ﴿وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(11)﴾ فأجازيكم عليه.
- ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ﴾ وسخّرنا له الرّيح ﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾ جريانها بالغداة مسيرة شهر وبالعشيّ كذلك ﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ﴾ أسال له النّحاس المذاب. ﴿وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾ بأمره ﴿نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِير(12) ِ﴾ في الدّنيا أو في الآخرة.
- ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ﴾ قصورًا حصينة ومساكن شريفة، سمّيت بها لأنّها يذّب عنها ويحارب عليها ﴿وَتَمَاثِيلَ﴾ وصورا ﴿وَجِفَانٍ﴾ صحاف ﴿كَالْجَوَابِ﴾ كالحياض الكبار ﴿وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ﴾ ثابتات على الأثافي لا تنزل عنها لعظمها ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُور(13)ُ﴾ المتوفّر على اداء الشّكر بقلبه ولسانه وجوارحه أكثر اوقاته.
- ﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ﴾ على سليمان ﴿مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ﴾ الأرضة، والأرض فعلها أضيفت إليه ﴿تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ﴾عصاه ﴿فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ﴾ علكت الجن بعد التباس الأمر عليهم ﴿أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14) ﴾ أنهم لو كانوا يعلمون الغيب، كما يزعمون، فلم يلبثوا بعده حولاً في تخيرة إلى خر أو ظهرت الجن.
- ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ﴾ لأولاد سبأ ﴿فِي مَسْكَنِهِمْ﴾ باليمن حيث أجرى لهم سليمان خليجًا من البحر العذب إلى بلاد الهند. كذا قاله القمي ﴿آيَةٌ﴾ علامة دالة على قدرة الله على ما يشاء ﴿جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ﴾ جماعتان من البساتين، كل واحدة منها في تقاربها وتضايقها كأنه جنة واحدة ﴿كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ(15) ﴾ ربّكم الّذي رزقكم وطلب شكركم ربّ غفور فرطات من يشكره.
- ﴿فَأَعْرَضُوا﴾ عن الشّكر. ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ﴾ القمي: المطر الشّديد ﴿وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ﴾ أمر بشع. فإنّ الخمط كلّ نبت أخذ طعمًا من مرارة ﴿وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيل(16)ٍ﴾استئناف للدّلالة على موجب الشّكر.
- ﴿ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا﴾ بكفرانهم النّعمة ﴿وَهَلْ نُجَازِي﴾ بمثل ذلك ﴿إِلاَّ الْكَفُورَ(17)﴾ وهل يجازي بمثل ما فعلنا بهم إلّا البليغ في الكفران، أو الكفر ؟.
- ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾ بالتّوسعة على أهلها. قيل: الشام . والقمي: مكة ﴿قُرًى ظَاهِرَةً﴾ متواصلة يظهر بعضها لبعض ﴿وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ﴾ بحيث يقيل الغادي في قرية ويبيت في أخرى ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا﴾ متى شئتم من ليل أو نهار﴿آمِنِينَ(18)﴾ لا يختلف الأمن فيها باختلاف الأوقات.
- ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ أشروا النّعمة وملوا العافية ﴿وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ﴾ حيث بطروا النّعمة ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾ يتحدّث النّاس بهم تعجّبا، وضرب مثل، فيقولون: تفرّقوا أيدي سبأ، أي: تفرقوا كتفرق أيدي سبأ. ﴿وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ وفرقناهم غاية التّفريق، حتّى لحق كل قبيلة منهم بصقع ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُور(19)ٍ﴾ عن المعاصي.
- ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾ حقّق ظّنّه، وهو قوله: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ ﴾ وعلى التخفيف: صدّق ظّنّه ﴿فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ(20)﴾ إلا فريقًا هم المؤمنون لم يتّبعوه.
- ﴿وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ﴾ تسلّط واستيلاء بوسوسة واستغواء ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ} ليتميز المؤمن من الشاك، أريد بحصول العلم حصول متعلقه ﴿وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21)﴾ محافظ.
- ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ﴾ آلهة ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ فيما يهمكم ﴿لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ في أمرهما ﴿وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ﴾ من شركة ﴿وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ(22) ﴾.
- ﴿وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ﴾ ولا تنفعهم شفاعة أيضًا، كما يزعمون ﴿إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ أن يشفع ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا﴾ يتربّصون فزعين، حتّى إذا كشف الفزع عن قلوبهم (قَالُوا): قال بعضهم لبعض ﴿مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ(23)﴾ ذو العلّوّ والكبرياء.
- ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ تقرير لقوله: لا يملكون ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ إذ لا جواب سواه ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ(24)﴾ وإنّ أحد الفريقين من الموحدّين والمشركين لعلى أحد الأمرين.
- ﴿قُل لّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ(25)﴾ هذا أدخل في الانصاف وأبلغ في الاخبات، حيث أسند الاجرام إلى أنفسهم والعمل إلى المخاطبين.
- ﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا﴾ يوم القيامة ﴿ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ﴾ يحكم ويفصل بأن يدخل المحقّين الجنّة والمبطلين النّار﴿وَهُوَ الْفَتَّاحُ﴾ الحاكم الفاصل ﴿الْعَلِيمُ(26)﴾ بما ينبغي أن يقضى به.
- ﴿قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاء﴾ لأرى بأيّ صفة ألحقتموهم بالله في استحقاق العبادة؟! وهو استفسار عن شبهتهم بعد إلزام الحجّة عليهم، زيادة في تبكيتهم ﴿كَلاَّ﴾ ردع عن المشاركة بعد إبطال المقايسة ﴿بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(27)﴾ الموصوف بالغلبة وكمال القدرة والحكمة.
- ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ﴾ إلا إرساله عامّة لهم ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ(28)﴾ فيحملهم جهلهم على مخالفتك.
- ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ﴾ الموعود بقوله: (يجمع بيننا ربنا) ﴿إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ(29)﴾ يخاطبون به رسول الله صلى الله عليه وآله والمؤمنين.
- ﴿قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لّا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ(30)﴾ إذا جاءكم.
- ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ ولا بما تقدّمه من الكتب الدّالّة على البعث ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ في موضع المحاسبة ﴿يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ﴾ يتحاورون ﴿يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾ الاتباع ﴿لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ للرّؤساء. {لَوْلَا أَنْتُمْ} وإضلالكم {لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31)}باتباع الرسول.
- ﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ(32)﴾ حيث أعرضتم عن الهدى وآثرتم التقلّيد عليه.
- ﴿وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ إضراب عن إضرابهم، أي: لم يكن إجرامنا الصّادّ، بل مكركم لنا ليلًا ونهارًا، حتّى أغرتم علينا رأينا ﴿إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾ وأضمر الفريقان النّدامة على الضّلالة والاضلال، وأخفاها كلّ عن صاحبه مخافة التّعيير ﴿وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ في أعناقهم. جاء بالظّاهر تنويهًا بذمّهم، وإشعارًا بموجب إغلالهم ﴿هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(33)﴾ لا يفعل بهم ما يفعل إلّا جزاء على أعمالهم.
- ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ(34)﴾ تسلية لرسول الله ﴿ص﴾ ممّا مني به من قومه.
- ﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالا وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ(35)﴾ لأنّه أكرامنا بذلك ، فلا يهيننا بالعذاب.
- ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ﴾ ذلك باختلاف الأشخاص المتماثلة في الخصائص والصّفات ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ(36)﴾ فيظنّون أنّ كثرة الأموال والأولاد ، للشّرف والكرامة.
- ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى﴾ قربة ﴿إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ بإنفاق ماله في سبيل الله، وتعليم ولده الخير والصلاح ﴿فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ(37)﴾ من المكاره.
- ﴿وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا﴾ بالرّدّ والطّعن ﴿مُعَاجِزِينَ﴾ ظانّين أنّهم يفوتوننا ﴿أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ(38)﴾.
- ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ﴾ هذا في شخص واحد باعتبار وقتين، وما سبق في شخصين فلا تكرير﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ عوضًا، إمّا عاجلًا أو آجلا ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ(39)﴾ فإنّ غيره وسط في إيصال رزقه لا حقيقة لرازقيّته.
- ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾ المستكبرين والمستضعفين ﴿ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ(40)﴾ تقريع للمشركين، وتبكيت وإقناط لهم عما يتوقعون من شفاعتهم.
- ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم﴾ لا موالاة بيننا وبينهم ﴿بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ﴾ الشّياطين، حيث أطاعوهم في عبادة غير الله ﴿أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ(41)﴾ الضّمير الأوّل للإنس والثاني للجنّ.
- ﴿فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلا ضَرًّا﴾ إذ الأمر فيه كلّه لله ﴿وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ(42)﴾*
- ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا﴾ يعنون النبي صلى الله عليه وآله ﴿إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا﴾ يعنون القرآن ﴿إِلاَّ إِفْكٌ﴾ كذب ﴿مُّفْتَرًى﴾ على الله ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ(43)﴾ ظاهر سحريّته.
- ﴿وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا﴾ تدعوهم إلى ما هم عليه ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ(44)﴾ ينذرهم على تركه، فمن أين وقعت لهم هذه الشّبهة؟!
- ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ رسلهم، كما كذّبوا ﴿وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ﴾ وما بلغ هؤلاء عشر ما آتينا أولئك من القوّة وطول العمر وكثرة المال، أو ما بلغ أولئك عشر ما آتينا هؤلاء من البينات والهدى ﴿فَكَذَّبُوا رُسُلِي﴾ لا تكرير فيه، لأنّ الأول مطلق والثّاني مقيّد ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِير(45)ِ﴾ أي: إنكاري لهم بالتدمير، فليحذر هؤلاء من مثله.
- ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ﴾ أرشدكم وأنصح لكم بخصلة واحدة ﴿أَن تَقُومُوا لِلَّهِ﴾ معرضين عن المراء والتّقليد ﴿مَثْنَى وَفُرَادَى﴾ متفرّقين، اثنين اثنين، وواحدًا واحدا، فانّ الازدحام يشوّش الخاطر ويخلط القول ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ في أمري وما جئت به، لتعلموا حقيته ﴿مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ﴾ فتعلموا ما به جنون يحمله على ذلك ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ(46)﴾ قدامه.
- ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ﴾ أن أجر ما دعوتكم إليه من إجابتي وذخره هو لكم دوني ﴿إنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47)﴾ مطلع، يعلم صدقي وخلوص نيتي.
- ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ﴾ يلقيه وينزله على من يجتبيه من عباده. ﴿عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48)﴾
- ﴿قُلْ جَاءَ الْحَقُّ﴾ الإسلام ﴿وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ(49)﴾ وزهق الباطل، أي: الشّرك، بحيث لم يبق له أثر.
- ﴿قُلْ إِن ضَلَلْتُ قُلْ إِن ضَلَلْتُ﴾ عن الحقّ ﴿فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي﴾ فإنّ وبال ضلالي عليها ﴿وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ(50)﴾ يدرك قول كلّ ضالّ ومهتد وفعله وإن أخافه.
- ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا﴾ لرأيت فظيعا ﴿فَلا فَوْتَ﴾ فلا يفوتون الله بهرب أو حصنّ ﴿وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ(51)﴾ من تحت أقدامهم خسف بهم.
- ﴿وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ﴾ بمحمّد ﴿ص﴾ ﴿وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ﴾ التناول، يعني تناول الإيمان ﴿مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ(52)﴾ بعد انقضاء زمان التكليف.
- ﴿وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ﴾ يعني أوان التّكليف ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ﴾ ويرجمون بالظّن، ويتكلمون بما لم يظهر لهم ﴿مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ(53)﴾ من جانب بعيد من أمره ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ من نفع الإيمان والنّجاة ﴿كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ﴾ من كان قبلهم من المكّذبين هلكوا ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ(54)﴾ موقع في الرّيبة ، أو ذي الرّيبة منقول من المشكّك.