بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمَّدٍ وآله الطيبين الطاهرين.
بيع وشراء الكلب وتربيته
قال الشَّيخ الأنصاري (نوَّر الله مرقده الشريف): "يَجُوزُ المُعَاوَضَةُ عَلى غَيرِ كَلْبِ الهِرَاشِ فِي الجُمْلَةِ".
قال في مقاييس اللغة: "الهاء والراء والشين: كلمةٌ واحِدَةٌ هِيَ مُهَارَشَةُ الكلاب: تَحْريشُ بَعْضِهَا على بعض. وَمِنْهُ يُقَاسُ التَّهْريش وهو الإفْسَادُ بين النَّاس"[1]. ولم أقف، في ما تتبعتُه من الروايات الشريفة، على التعبير بـ(الهراش)، وكذا لم أجده في كتب من تقدم عن المُحقِّق (نوَّر الله مرقده الشريف). قال في الموصى به من كتاب الوصايا: "الأوَّل: فيما يتعلَّق بالوصية، وهو إمَّا عينٌ أو منفعة. ويعتبر فيهما الملك، فلا تصحُّ بالخمر، ولا الخنزير، ولا الكلب الهراش، وما لا نفع فيه"[2].
ومنه يظهر إرادتهم مِن (الهِراش) ما لا نفع فيه من الكلاب في قبال ما يمكن الانتفاع به منها، والمرجع إلى أمرين، أوَّلهما أصل عدم جواز المعاوضة على ما لا فائدة منه فائدة محلَّلة مقصودة، والثاني تجريد كلب الصيد من هذه الخصوصية تنقيحًا لإثبات جواز المعاوضة على غيره مِنَ الكِلاب عند ثبوت شرط الفائدة المُحلَّلة المقصودة، أو لِما أثبتَه المبسوط بلفظة (رُويَ)؛ إذ قال: "والكِلابُ على ضربين: أَحَدِهِمَا لا يجوز بيعُهُ بِحَال، والآخر يجوز ذلك فيه، فما يجوز بيعه ما كان مُعَلَّمًا للصيد، وَرُويَ أنَّ كَلْبَ الماشية والحايط كذلك، وما عدا ذلك كله فلا يجوز بيعه ولا الانتفاع به"[3]. فلم ينف الشَّيخُ إمكانَ الانتفاع، وإنَّما قال بحرمته.
ونظم الروايات الشريفة على النحو التالي:
تحريم المعاوضة على عموم الكلاب:
عَنْ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السَّلام) عَنْ شِرَاءِ الْمُغَنِّيَةِ، فَقَالَ: قَدْ تَكُونُ لِلرَّجُلِ الْجَارِيَةُ تُلْهِيه، ومَا ثَمَنُهَا إِلَّا ثَمَنُ كَلْبٍ؛ وثَمَنُ الْكَلْبِ سُحْتٌ، والسُّحْتُ فِي النَّارِ"[4].
عن إبراهيم بن أبي البلاد، قال: قلتُ لأبي الحسن الأوَل (عليه السَّلام): "جُعِلْتُ فدَاكَ، إنَّ رَجُلًا مِنْ مَوَاليكَ عِنْدَهُ جَوَارٍ مُغَنِّيَات قِيمَتُهُنَّ أربعة عشر ألف دينار، وَقَدْ جَعَلَ لَكَ ثُلُثَهَا. فقال (عليه السَّلام): لا حاجة لي فيها؛ إنَّ ثَمَنَ الكَلْبِ وَالمُغَنِّيَةِ سُحْتٌ"[5].
وَرَوَىَ الشَّيخُ الصدُوقُ (نوَّر الله مرقده الشريف)، عن الحسين بن علي (عليه السَّلام)، قال: "لمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ) خَيبَرَ دَعَا بِقَوسِهِ فَاتَّكَأ على سِيتِهَا، ثُمَّ حَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَليهِ، وَذَكَرَ مَا فَتَحَ اللهُ لَهُ وَنَصَرَهُ بِهِ، وَنَهَى عَنْ خِصَالٍ تِسْعَةٍ: عَنْ مَهْرِ البَغِيِّ، وَعَنْ كَسْبِ الدَّابَةِ؛ يَعْنِي عَسَبَ الفَحْلِ، وَعَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَعَنْ مَيَاثِرِ الأُرْجُوَان - قال أبو عروبة: عَنْ مَيَاثِرِ الحُمرِ -، وَعَنْ لُبُوسِ ثِيَابِ القسِيِّ؛ وَهِيَ ثِيَابٌ تُنْسَجُ بالشَّامِ، وَعَنْ أكْلِ لُحُومِ السِّبَاعِ، وَعَنْ صَرْفِ الذَّهَبِ بالذَّهَبِ، والفِضَّةِ بالفِضَّةِ بَينَهُمَا فَضْلٌ، وَعَنِ النَّظَرِ فِي النُّجُومِ"[6].
عَنْ جَرَّاحِ المَدَائِنِي، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ (عَليهِ السَّلامُ: "مِنْ أَكْلِ السُّحْتِ ثَمَنُ الخَمْرِ. وَنَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ"[7].
والذيلُ مُردَّدٌ من جهة قائله بين جرَّاح المَدَاني، وبين الشَّيخ الطوسي، وكيف كان فالحكم فيه موافق لما تقدَّم.
ولا يُشكَل بضعفٍ في سند؛ فإنَّ "ما دلَّ على أنَّ ثمنَ الكَلْبِ سُحْتٌ، وهي روايات متعدِّدَةٌ لعَلَّها تبلغ عشرًا، ولا يضرُّ ضعفُ سَنَدِهَا بعد ما كانت مُسْتَفِيضَةً ومُتَعَدِّدَةً ومضمونها واحد؛ حيث ذَكَرَتْ أنَّ (ثمن الكلب سحت) أو ما يقارب هذا المضمون"[8].
ترى أنَّ هذه الأخبارَ مُؤَسِّسَةٌ لِحُرْمَةِ المُعَاوَضَةِ عَلى الكلب، مع شهرة كونه ممَّا يُنتفع به؛ فإنَّه ليس بخاف ما للكلاب من منافع يعرفها البشر على مرِّ التاريخ، ولا يبعد أن يكون ذلك مُسقِطٌ لاعتبار المنفعة في تحقُّق المالية الشرعية. فتأمَّل.
إخراج كلب الصيد من تحت العموم:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه الْعَامِرِيِّ، قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام) عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ الَّذِي لَا يَصِيدُ، فَقَالَ (عليه السَّلام): سُحْتٌ. فَأَمَّا الصَّيُودُ فَلَا بَأْسَ"[9].
عن أبي جميلة، عن ليث، قال: "سَألتُ أبا عَبد الله (عليه السَّلام) عن الكلبِ الصيودِ يُبَاعُ؟ فقال (عليه السَّلام): نعم، ويُؤكَل ثَمَنُهُ"[10].
عن أبي بصير، قال: "سَألتُ أبا عَبْدِ اللهِ (عَليهِ السَّلامُ) عَنْ ثَمَنِ كَلْبِ الصيدِ، قال (عليه السَّلام): لا بأس بثمنه، والآخَرُ لا يَحُلُّ ثَمَنُهُ"[11].
عن مُحمَّد بن مُسلم، وعبدِ الرَّحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السَّلام)، قال: "ثَمَنُ الكَلْبِ الذي لا يَصيدُ سُحْتٌ. قال (عليه السَّلام): وَلا بَأسَ بِثَمَنِ الهِرِّ".
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) في حادثة، قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): "ثَمَنُ الخَمْرِ، وَمَهْرُ البَغِيِّ، وَثَمَنُ الكلْبِ الذي لا يَصْطَادُ مِنَ السُّحْتِ"[12].
المُتَعيِّنُ بعد الوقوف على دلالة روايات التحريم هو أنَّ هذه الأخبار الشريفة في مقام بيان الفرد الجائز من أفراد الانتفاع بالكلب.
مسألة كَلْبَيِّ الغنم والحائط:
لم نظفر في الروايات الشريفة على ما يدل على جواز المعاوضة على غير كلب الصيد سوى تعبير الشَّيخ الطوسي (نوَّر الله مرقده الشريف) بِـ"رُويَ" في قوله: ""والكِلابُ على ضربين: أَحَدِهِمَا لا يجوز بيعُهُ بِحَال، والآخر يجوز ذلك فيه، فما يجوز بيعه ما كان مُعَلَّمًا للصيد، وَرُويَ أنَّ كَلْبَ الماشية والحايط كذلك، وما عدا ذلك كله فلا يجوز بيعه ولا الانتفاع به"[13].
وقد يُحتمل أنَّ قوله (عليه الرحمة) "رُويَ" لا يُراد منه الرواية الاصطلاحية؛ وإنَّما استظهار انضمام الكلبين إلى كلب الصيد لروايات الضمان، كما في التهذيب، عن السكوني، عن جعفرٍ، عن أبيه، عن عليٍّ (عليه السَّلام) في من قتل كلبَ الصيدِ، قال: "يغرمه، وكذلك البازي، وكذلك كلب الغنم، وكذلك كلب الحائط"[14]؛ فمِنَ الوضوح بمكان أنَّ روايات جواز المعاوضة على الكلب في مقام بيان الأفراد التي تجوز المعاوضة عليها، ومع تكرارها فإنها لم تذكر من الكلاب غير كلب الصيد، مع عناية الشارع بذكر غيره عندما كان الكلام عن الضمان والغُرم.
إلَّا أنَّ هذا يضعفُ بما عليه جملة مِنَ المُتَقدمين (رضوان الله تعالى عليهم)، كما سيأتي، مِنْ القول بانضمام كلب الزرع والماشية، وكلب الحائط إلى كلب الصيد في جواز المعاوضة؛ إذ أنَّه قد يكشف عن وجود رواية المبسوط وظفرهم بها، أو اعتبارهم للمرسلة، وإلَّا فلا يخرج الأمر عن أحد احتمالين: أوَّلهما تطبيق كبرى جواز المعاوضة على ما له منفعة محلَّلة مقصودة، والثاني تنقيح مناط التجويز في بيع كلب الصيد، وهو المنفعة. وسوف يتضح ما فيها.
مسألة كون المنفعة المُحلَّلة المقصودة مُسوِّغًا لشرعية المعاوضة:
قال (عليه السَّلام) في رواية تُحف العقول: "مِنْ كُلِّ شَيءٍ يَكُونُ لَهُمُ فِيهِ الصَّلًاحُ مِنْ جِهَةٍ مِنْ الجِهَاتِ فَهَذا كُلُّهُ حَلَالٌ بَيعُهُ، وشِرَاؤهُ، وإمْسَاكُهُ، واسْتِعْمَالُهُ، وهِبَتُهُ، وَعَارِيَتُهُ"[15].
قال السَّيد الخوئي (رفع الله درجاته): "لا شبهة في دوران المالية الشرعية مدار المنفعة المُحَلَّلَة"[16]، وإنَّما وقع الخِلاف بين كون المنفعة المحلَّلة مقصودةً للعقلاء، وبين كفايتها عند المُتَبَايِعَينِ، والكلام عنها في حال الاختيار دون الاضطرار والضرورة، وقد قال الشَّيخ الأعظم (قدَّس الله روحه الزكية) في تعليقه على المقطع المزبور من رواية تحف العقول: "يُراد به جهة الصَّلاح الثابتة حال الاختيار دون الضرورة"[17]. و"لا يراد منه مجرَّد المنفعة، وإلَّا لعمَّ الأشياء كلّها"[18]، ثُمَّ أنَّ الإجماع منعقد على "عدم الاعتناء بالمنافع النادرة"[19].
وتقيدهم بـ(المقصودة) طاردٌ لِمَا تُعنونه المباني الفاسدة بعنوان المنفعة، من قبيل اتِّخاذ الكلاب للتزيُّن وما نحوه، وهذا قد ينتشر ويكون له شياع في المجتمع، إلَّا أنَّه لن يكون مقصودًا للعقلاء وإن كان عنوان التزيُّن خاليًا في نفسه من الإشكال.
حكم المعاوضة على الكلب تأسيسيٌّ:
بيَّنت الروايات الشريفة كون الأصل في المعاوضة على الكلاب هو الحرمة، ثُمَّ أنَّ التخصيص جاء عارضًا على كلب الصيد، ولو كان على سبيل الصغرى لكبرى جواز المعاوضة على ما له منفعة محلَّلة مقصودة لكان التأكيد على خصوص كلب الصيد معدوم الداعي، وهو قول المُحدِّث البحراني (علا برهانه) في مناقشته للمسالك[20] عند تعرُّضه لمسوِّغ بيع الكلب: "يجوز أن يكون المُسوِّغ – شرعًا – إنَّما هو هذه المنفعة الخاصَّة بكلب الصيد، فمن ثمَّ اقتصروا (عليهم السَّلام) في هذه الأخبار عليها، لا كل منفعة"[21].
القول بانضمام كلب الزرع والماشية، وكلب الحائط إلى كلب الصيد:
والاستناد في إلحاقها بكلب الصيد هو مشاركتها له "في المنفعة التي يترتب عليها استثناؤه، وهو من حيث العقل قريب"[22].
قال في السرائر: "فأمَّا المُحرَّم: ..." إلى أن قال: "وبيع الكلاب إلَّا السلوقي وكلب الماشية والزرع"[23]
وفي المُهذَّب: "وإذا استأجر من غيره كلبًا لحراسة الماشية، أو الزرع، أو استأجره للصيد، كان جائزًا، لأنَّه لا مانع يمنع من ذلك، ولأنَّ بيع هذه الكلاب يصحُّ، وما صحَّ بيعُه صحَّ الاستئجار له"[24].
وفي الوسيلة: "وكلب الصيد، والماشية، والزرع، والحراسة .." إلى أن قال: "وجاز بيع جميع ذلك"[25].
أمَّا المُقنعة فقد قال: "وثمن الكلب حرام، إلَّا ما كان سلوقيًّا للصيد، فإنَّه لا بأس ببيعه، وأكل ثمنه"[26].
وقد تبيَّن كون روايات التحريم في مقام التأسيس لحرمة المعاوضة على الكلاب مُطلقًا، وعدم اعتبار المنفعة في تحقُّق المالية الشرعية إلَّا بنصٍّ، وامتناع تنقيح المناط بكون روايات التحريم في مقام التأسيس للحرمة العامَّة، فلا يبقى غير الاقتصار على ما دلت عليه الأخبار، والاعتماد على مرسلة المبسوط "في تخصيص هذه الأخبار إشكال"[27]. ويؤيِّد ذلك ما يُفاد من الروايات الشريفة التي نذكرها أدناه تحت عنوان (يد الاختصاص)، فإنَّها تُظهر اشمئزاز ونفور النفس المؤمنة منه.
يدُ الاختصاص:
بقي الكلام في حقِّ الاختصاص، ولا شكَّ في ثبوتها بعد النصِّ على ضمان كلب الغنم والحائط. أمَّا حكم إثبات اليد على الكلب دون حاجةٍ واقعيةٍ لِحِرَاسَةِ زَرْعٍ أو مَاشِيَةٍ أو حَائِطٍ فدونك الأخبار الشريفة من الكافي[28]، منها:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ: "يُكْرَه أَنْ يَكُونَ فِي دَارِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْكَلْبُ".
وعَنْه (عليه السَّلام)، قَالَ: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَتَّخِذُ كَلْبًا إِلَّا نَقَصَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِ صَاحِبِه قِيرَاطٌ".
وعَنْ سَمَاعَةَ، قَالَ: سَأَلْتُه عَنِ الْكَلْبِ نُمْسِكُه فِي الدَّارِ؟ قَالَ: لَا".
وعَنْ جَرَّاحٍ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ: "لَا تُمْسِكْ كَلْبَ الصَّيْدِ فِي الدَّارِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَكَ وبَيْنَه بَابٌ".
وعَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عليهما السَّلام)، قَالَ: "الْكِلَابُ السُّودُ الْبَهِيمُ مِنَ الْجِنِّ".
وعَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: "كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام) فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ والْمَدِينَةِ إِذَا الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِه فَإِذَا كَلْبٌ أَسْوَدُ بَهِيمٌ، فَقَالَ: مَا لَكَ قَبَّحَكَ اللَّه، مَا أَشَدَّ مُسَارَعَتَكَ!
وإِذَا هُوَ شَبِيه بِالطَّائِرِ! فَقُلْتُ: مَا هَذَا جُعِلْتُ فِدَاكَ؟
فَقَالَ (عليه السَّلام): هَذَا غُثَيْمٌ؛ بَرِيدُ الْجِنِّ، مَاتَ هِشَامٌ السَّاعَةَ وهُوَ يَطِيرُ يَنْعَاه فِي كُلِّ بَلْدَةٍ".
وعَنْ مِسْمَعٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه (صلَّى الله عليه وآله): "الْكِلَابُ مِنْ ضَعَفَةِ الْجِنِّ، فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمُ الطَّعَامَ وشَيْءٌ مِنْهَا بَيْنَ يَدَيْه فَلْيُطْعِمْه أَوْ لِيَطْرُدْه؛ فَإِنَّ لَهَا أَنْفُسَ سَوْءٍ".
وعن سَالِمِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ: "سُئِلَ عَنِ الْكِلَابِ، فَقَالَ: كُلُّ أَسْوَدَ بَهِيمٌ، وكُلُّ أَحْمَرَ بَهِيمٌ، وكُلُّ أَبْيَضَ بَهِيمٌ، فَذَلِكَ خَلْقٌ مِنَ الْكِلَابِ مِنَ الْجِنِّ، ومَا كَانَ أَبْلَقَ فَهُوَ مَسْخٌ مِنَ الْجِنِّ والإِنْسِ".
وقد كتبتُ هذا المختصر على عجالة بعد أن انتشرت في بلاد المسلمين تربية الكلاب وبيعها وشراؤها، بل وأُنشِئت من أجلها فنادق وما نحوها للعناية بها عند سفر أصحابها، وها نحن اليوم نرى رجالًا ونساءً، ومن الشباب الأولاد البنات، وهم يمشون في الشوارع ومعهم كلابهم. ونرى النوادي الخاصَّة ومراكز التدريب، والمسابقات.. كلُّها للكلاب التي تُباع وتُشترى بمئات الدنانير!
ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العلي العظيم.
عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السَّلام)، قَالَ سَمِعْتُه يَقُولُ: "مَنْ سَرَّه أَنْ يَسْتَكْمِلَ الإِيمَانَ كُلَّه فَلْيَقُلِ الْقَوْلُ مِنِّي فِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَوْلُ آلِ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَسَرُّوا ومَا أَعْلَنُوا وفِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُمْ وفِيمَا لَمْ يَبْلُغْنِي"[29].
السَّيد محمَّد بن السَّيد علي العلوي
8 شوَّال 1443 للهجرة
البحرين المحروسة
.........................................
[1] - مقاييس اللغة - ابن فارس - مادَّة (ه ر ش)
[2] - شرائع الإسلام - المحقق الحلي - ج 2 - ص 470
[3] - المبسوط - الشيخ الطوسي - ج 2 - ص 166
[4] - الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 - ص 120
[5] - قرب الاسناد - الحميري القمي - ص 305
[6] - الخصال - الشيخ الصدوق - ص 417 - 418
[7] - تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج 7 - ص 136
[8] - مِن بحث خارج الفِقه لسماحة الشَّيخ باقر الأيرواني (حماه الله تعالى وزاده عِلمًا وفهمًا وورعًا وتقوى)، مسألة (1)، المكاسب المحرمة، كتاب التجارة، 21 ربيع الثاني 1436 للهجرة (https://www.eshia.ir/feqh/archive/text/iravani/feqh/35/360421/)
[9] - الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 - ص 127
[10] - تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج 9 - ص 80
[11] - تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج 6 - ص 356
[12] - تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج 7 - ص 135 - 136
[13] - المبسوط - الشيخ الطوسي - ج 2 - ص 166
[14] - تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج 9 - ص 80
[15] - تحف العقول عن آل الرسول (صلَّى الله عليه وآله) - ابن شعبة الحرَّاني - ص 333
[16] - مصباح الفقاهة – السَّيد أبو القاسم الخوئي – ج1 ص234
[17] - كتاب المكاسب – الشَّيخ مرتضى الأنصاري – ج1 ص20
[18] - المصدر السابق ص159
[19] - المصدر السابق ص158
[20] - مسالك الأفهام – الشهيد الثاني – ج3 ص135
[21] - الحدائق الناضرة – الشَّيخ يوسف آل عصفور – ج18 ص81
[22] - المصدر السابق
[23] - المراسم العلوية – الشَّيخ الديلمي – كتاب المكاسب، ص172
[24] - المُهذَّب – ابن البرَّاج الطرابلسي – ج1 ص502
[25] - الوسيلة إلى نيل الفضيلة – ابن حمزة – كتاب البيع، فصل في بيان بيع الحيوان، ص 248
[26] - المُقنِعة – الشَّيخ المفيد – باب المكاسب المُحرَّمة ص589
[27] - الحدائق الناضرة – الشَّيخ يوسف آل عصفور – ج18 ص81
[28] - الكافي - الشيخ الكليني - ج 6 - ص 552 - 553
[29] - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 391