سألني بعض الإخوة الأعزّاء سؤالا حول الفرق بين: القبر والجدث في القرآن الكريم، فكانت الإجابة كالتّالي:

جاءت مفردتا "القبر" و"الجدث" بمعنى ترادفيّ واحد في لغة العرب كما يلاحظ ذلك النّاظر في المعاجم اللغوية.

ولكنّ معناهما يختلفُ اختلافا كبيرا؛ بشكل دِقيّ ورائع في القرآن الكريم -بحسب التتبّع-، فكل كلمة في كتاب الله لها معناها الذي لا تشبه غيرها من المفردات فيه، وهنا أضع جملة من النّقاط:

1- "الجدث" أعمّ من "القبر"، فـ"القبر" هو المكان الذي يقبر فيه الإنسان، ولكن "الجدث" هو المكان الذي يحشر منه الإنسان حين البعث والنّشر للحساب، فقد يحشر من "القبر" ومن البحر ومن الجوّ.

ومثاله: الميت، والغريق، والمحروق، وغيرهم بحسب أسباب موتهم، وتُجمع أشلاؤهم وعظامهم بطريقة الانسلال.

وهنا!!
تردُ مسألة فلسفيّة عقديّة يعالجها العلماء، وهي مسألة شبهة الآكل والمأكول:

ومفادها أنّه: إذا امتزجت وتداخلات واختلطت الأجزاء في بعضها البعض؛ فكيف يرجعها الله؟

مثاله:

فلان أكل تفاحة، كيف يرجع الله التّفاحة ويفصلها عن الآكل؟
وكيف يخلص جسد الإنسان من التفاحة وهي المأكول؟!

وهذا بحث يعالج في محلّه، وتراجع أبحاثه.

2- إن الخارجين من "القبور" بلحاظ حركتهم حال الخروج يقال لـ"قبورهم": "أجداث"؛ لأن صوت حركتهم حال ذلك الخروج تشبه صوت (الجدثة) وهي صوت حافر الخيل إذا ركض.

3- أن (الجدثة) هي صوت مضغ اللحم في الفم بين الأضراس، وهكذا يخرج الموتى من "القبور" بعد أن مضغهم "القبر" وضغطهم وأكلهم، وفي ذلك بقول الشريف الرضي ره:

أكلتهم الأرض التّي ولدتهمُ
أكل الضّروس حلتْ له أُكلاؤهُ

4- "القبر" مع طول الزّمان، وحشر الموتى منه وإنسلالهم "ينسلون" -بحسب تعبير القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَنُفِخَ فِی ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ یَنسِلُونَ)
[سورة يس 51]
وبذلك يتحوّل لـ"جدث".

هذه جملة نقاط سجلتها للإجابة على هذا التّساؤل.

كتبه: عمّار الشّهاب
2/5/2020