تقديم:
من الظواهر التي تتفرد بها جزيرة البحرين وربما بعض البحارنة المهاجرين للقطيف والأحساء إحياء مناسبة (مقتل النبي يحيى بن زكريا) ونحاول في هذه الدراسة أن نبحث عن هذه الظاهرة وكيف أصبحت ضمن شعائر أهل البحرين. على أننا يمكن أن نؤرخ لها أنها كانت بعد القرن الحادي عشر الهجري حيث لم نجد من كتب وألف في هذه المناسبة قبل هذا القرن بحسب ما لدينا من مخطوطات
مقدمة حول حياة نبي الله يحيى (ع):
هو أحد أنبياء الله تعالى، نقلت الروايات كثيراً عن زهده وعبادته وتركه للدنيا، وقد عاصر نبي الله عيسى المسيح ابن مريم عليه السلام، وبينهما علاقة نسب يمكننا إيجازها بما يلي:
تزوج عمران والد مريم بـ(حنة) فأنجبا مريم عليها السلام. وأما نبي الله زكريا فتزوج من امرأة اسمها (إيشاع) وهي أم النبي يحيى عليه السلام، والمصادر تختلف على قولين (1) هل أن (حنة) و(إيشاع) كانتا اختين. (2) أم أن (إيشاع) أم يحيى كانت أختاً لمريم فتكون بذلك بنتاً لعمران والد مريم. فيكون على هذا القول الأخير يحيى وعيسى أبنا خالة حقيقة. والله العالم بحقائق الأمور.
في القرآن الكريم اسمه يحيى؛ يقول تعالى: (يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا)، وفي التراث الصابئي يطلقون عليه النبي يهيا يهانا، ويسمونه كذلك يحيى كالتسمية العربية، أما في التراث النصراني يطلقون عليه (القديس يوحنا المعمدان)، وقصته مذكورة في كتاب قصص الأنبياء لنعمة الله الجزائري ننقل بعضاً منها فيما يخص مقتله فمنها يمكننا تكوين الفكرة.
نقل عن قصص الراوندي عنه (ع) قال: إن ملكاً كان على عهد يحيى بن زكريا (ع) لم يكفه ما كان عليه من الطروقة حتى ينال امرأة بغيا فكانت تأتيه حتى أسنت فلما أسنت هيأت ابنتها ثم قالت لها إني أريد أن آتي بك الملك فإذا واقعك فيسأل ما حاجتك فقولي حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا فلما واقعها سألها عن حاجتها فقالت قتل يحيى بن زكريا فبعث إلى يحيى (ع) فجاؤوا به فدعا بطشت فذبحه فيها وصبوه على الأرض فيرتفع الدم ويعلو فأقبل الناس يطرحون عليه التراب فيعلو عليه الدم حتى صار تلا عظيما، ومضى ذلك القرن فلما كان من أمر بختنصر ما كان رأى ذلك الدم فسأل عنه فلم يجد أحدا يعرفه حتى دل على شيخ كبير فسأله فقال أخبرني أبي عن جدي أنه كان من قصة يحيى بن زكريا (ع) كذا كذا وقص عليه القصة والدم دمه فقال بختنصر لا جرم لأقتلن عليه حتى يسكن فقتل عليه سبعين ألفا فلما وافى عليه سكن الدم وفيه ، أبي عبد الله أن الله عز وجل إذا أراد أن ينتصر لأوليائه انتصر لهم بشرار خلقه وإذا أراد أن ينتصر لنفسه انتصر بأوليائه ولقد انتصر ليحيى بن زكريا بختنصر.
وفي خبر آخر: أن عيسى ابن مريم (ع) بعث يحيى بن زكريا (ع) في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس وينهونهم عن نكاح ابنة الأخت قال وكان لملكهم ابنة أخت تعجبه وكان يريد أن يتزوجها فلما بلغ أمها أن يحيى نهى مثل هذا النكاح أدخلت ابنتها على الملك مزينة فلما رآها سألها عن حاجتها قالت حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا فقال سليني غير هذا فقالت لا أسألك غير هذا فلما أبت دعا بطشت ودعا يحيى فذبحه فبدرت قطرة من دمه فوقعت على الأرض فلم تزل تعلو حتى بعث الله بختنصر عليهم فقتل منهم سبعين ألفا حتى سكن.
وهاتان الروايتان وإن كانتا تعانيان من بعض الاضطراب إلا أن هذا هو الموجود في تراثنا الروائي، وإلا فالقرآن الكريم لم يذكر قصة مقتل يحيى عليه السلام.
ديانة الصابئة ونبي الله يحيى:
هناك ديانة يدعي أصحابها أنهم أتباع نبي الله يحيى (ع) ويدعون وجود كتاب مقدس منزل من قبل الله تعالى عليهم يسمونه (كنزا ربا) أو الكنز العظيم، وهم المعروفون بالصابئة ويطلق عليهم في اللهجة العراقية العامة (الصبَّة) ينتشرون في جنوب إيران والأهواز والعراق ولهم عباداتهم وطقوسهم التي ربما كانت قريبة في بعض ظواهرها من العبادات والمثل الإسلامية، ولفقهاء التشيع في زماننا آراء حول هذه الديانة. حيث ذهب المرجع الكبير السيد السيستاني لعدم اعتبارهم من أهل الكتاب، بينما يذهب المرجع السيد علي الخامنئي لاعتبارهم من أهل الكتاب وتجري عليهم أحكام أهل الكتاب من ناحية الطهارة من عدمها وكذلك في الأنكحة، وقد ألف سماحة السيد الخامنئي رسالة خاصة حول الصابئة أثبت فيها رأيه الفقهي واستدلاله في اعتباره إياهم من أهل الكتاب.
أقول: هل للبعد الجغرافي بين خارطة جنوب إيران أو الأهواز والعراق والبحرين علاقة بانتقال هذه الديانة وتراثها إلينا!؟ خصوصاً أنه انتقل جماعة من الصابئة يبدو أنهم من أهل العراق للبحرين وسكنوا المنامة، ولكن يبدو من الوثائق أن من كتب وألف حول وفاة يحيى (ع) كانوا سابقين لسكنى الصابئة في البحرين بحسب ما لدينا من الوثائق إلا أن يكون منهم من عاش قبل ذلك ولا نعلم عنهم. هذا إذا لاحظنا أن التراث الشعبي يتأثر بكثير من العوامل التي لابد أن نلاحظها خلال بحثنا عن جزئية ما.
المصادر التي حددت تاريخ وفاته:
لم أجد من المصادر مصدراً اهتم بتوثيق تاريخ حياة نبي الله يحيى عليه السلام إلا ما هو موجود في تراث الصابئة حيث يحتفلون باليوم الذهبي وهو يوم تعميد النبي يحيى وهذا اليوم يعتبرونه من الأيام المقدسة ويقيمون فيه طقوساً معينة ويصادف يوم التعميد 20 من أيار / (مايو)، وهو كما تلاحظ مثبت بالتاريخ الميلادي. كما يثبتون يوم مولد نبي الله يحيى عليه السلام بحسب التقويم 24 / 6 (شهر يوليو)، ولا أعلم هل هو يوم ثابت في تقويمهم. وفي نفس التقويم المندائي 29 / 8 (أغسطس) يذكرون أنه عرجت فيه روح النبي يحيى إلى السماء. ويبدو واضحاً من مراجعة التقويم المندائي أن أشهرهم (الرومية) غير متطابقة تماماً مع الأشهر الميلادية في السنة الميلادية، بل هناك خلاف في الأيام بين السنتين.
وقد تفردت مخطوطة الشيخ حسين العصفور بذكر تاريخ السابع والعشرين من شهر صفر على أنه يوم مقتل نبي الله يحيى ولم يذكر مصدره (قدس سره) كعادته في ذكر مصادر كل معلومة. والله العالم
احتمالات جذور هذه العادة:
الاحتمال الأول: كون أهل البحرين اعتادوا على إحياء جميع المناسبات التي لها علاقة بالدين سواء من تراث الأنبياء أو مناسبات نبي الإسلام أو أهل البيت عليهم السلام وذلك لشدة تدينهم وتمسكهم بالروايات والأخبار المروية ويعرف إحياء هذه المناسبات بالـــ(مياقيت)، ومما وجدته في بقية تراث أعلام البحرين والمنطقة مثلاً (وفاة آدم) وتقرأ في بداية شهر صفر ولكنها اندثرت، و كذلك (وفاة مريم بنت عمران) ومازالوا يواظبون على إحيائها، (مولد نبي الله إسماعيل) عليه السلام، وقد اندثرت، ومنها ما تبقى ليومنا مثل بعض الحوادث المهمة في حياة النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله، (المعراج)، (المباهلة)، (مولد النبي محمد)، (زواج النبي محمد). فلعل مقتل النبي يحيى عليه السلام بقي لبعض مميزاته كما سيأتي واندثر غيره.
وسبب هذه الظاهرة من اهتمامهم بهذه المناسبات ربما كانت محاولة لسد فراغهم في أوقات الراحة وهي من باب الترويح في تلك الأزمنة بدل إدخال حكايات القصاصين الخيالية التي كان لها انتشار في كثير من الحواضر الإسلامية، فكانوا يستعيضون عن كل ذلك بابتكار مياقيت وتواريخ للأنبياء ويهتمون بقراءة ما هو مروي في كتب سير الأنبياء عليهم السلام، واستغراق جميع مناسبات الأئمة عليهم السلام، بل وربما زادوا عليها مثلاً (التصدق بالخاتم)، (رجوع حرم الحسين للمدينة)، (أربعين الإمام علي)، (ذكرى الهجوم على دار الزهراء). وغيرها من المناسبات المروية في كتبنا ومصادرنا سواء كانت مروية مع ذكر تاريخها أم مروية بدون ذكر تاريخها فكانوا يجعلون لها تاريخاً ويدرجونها مع بقية المياقيت. فكان من ضمن هذه المناسبات في ذكرى الأنبياء مقتل نبي الله يحيى عليه السلام.
الاحتمال الثاني: التشابه بين نبي الله يحيى (ع) وبين الإمام الحسين (ع) وهذا التشابه جعلوا منه مدخلاً لذكر الحسين عليه السلام حيث كانت مجالس الإمام الحسين قائمة في جزيرة أوال ليلاً ونهاراً طوال العام منذ مئات السنين وكانوا يوقفون عليها الأوقاف لكي لا تنقطع، ومع كثرة النذور لهذه المناسبة استمرت وطلبوا من العلماء التأليف فيها فكتب العلماء مؤلفاتهم حول هذه الحادثة وتناقلوها.
ووجه الشبه بين نبي الله يحيى عليه السلام وبين الإمام الحسين عليه السلام عدة أمور يمكن أن نحصرها بعشرة أمور:
1/ تشابه الحسين ويحيى عليهما السلام في مدة الحمل بحسب الروايات
2/ كلاهما سُمي باسم لم يسبق لأحد أن تسمى به (لم نجعل له من قبل سميا) وهناك رواية أن إسمي الحسن والحسين قد حجبا عن الناس
3/ كلاهما كانت حركتهما لإعلاء كلمة الله وحفظ الشريعة الإلهية، وهي فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4/ كلاهما واجها حكَّام وملوك عصرهما بكلمة الحق.
5/ كلاهما كان مكلفاً من موقعه كنبي وإمام معصوم.
6/ كلاهما قُتلا بأمر من ملوك زمانهم.
7/ كلاهما قُطِعَ رأسيهُما.
8/ كلاهما أهدي رأسه لملك زمانه.
9/ كلاهما أمطرت السماء يوم قتله دماً.
10/ احمرار السماء عند قتل يحيى وقتل الحسين عليه السلام.
11/ قاتل نبي الله يحيى وقاتل الإمام الحسين لم يسلم نسبه من دناءة.
12/ كثرة ذكر الإمام الحسين لنبي الله يحيى عليه السلام.
ويؤيد ذلك مجموعة من الروايات الواردة في الكتب والمصادر الشيعية المعتبرة وقد أشارت بعضها لهذه المقارنات نذكر منها:
- ما روي في كتاب(كتاب الاحتجاج) ونقله الجزائري في قصص الأنبياء سأل سعد بن عبد الله القائم (ع) عن تأويل (كهيعص) فقال عليه السّلام هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع عليها عبده ثم قصها على محمد (ص) وذلك أن زكريا (ع) سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط الله عليه جبرئيل فعلمه إياها فكان زكريا إذا ذكر محمدا (ص) وعليا وفاطمة والحسن (ع) انكشف عنه وانجلى كربه وإذا ذكر الحسين (ع) خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة يعني الزفير وتتابع النفس فقال عليه السّلام ذات يوم إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي وإذا ذكرت الحسين (ع) تدمع عيني وتثور زفرتي فأنبأه الله تعالى عن قصته فقال: (كهيعص) فالكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد وهو ظالم الحسين (ع)، والعين عطشه والصاد صبره فلما سمع ذلك زكريا (ع) لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيهن الناس من الدخول عليه وأقبل على البكاء والنحيب وكان يرثيه ويقول إلهي أتفجع خير خلقك بولده إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه إلهي أتلبس علياً وفاطمة ثياب هذه المصيبة إلهي أتحل كربة هذه المصيبة بساحتها ثم كان يقول إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم أفجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده فرزقه الله يحيى (ع) وفجعه به وكان حمل يحيى (ع) ستة أشهر وحمل الحسين (ع) كذلك.
- ما رواه في كتاب كامل الزيارات بسنده عن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كان الذي قتل الحسين بن علي (عليهما السلام) ولد زنا، والذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنا، وقال: احمرت السماء حين قتل الحسين بن علي سنة، ثم قال: بكت السماء والأرض على الحسين بن علي وعلى يحيى بن زكريا وحمرتها بكاؤها. [ص : 188 ، الحديث 27 ، الباب : 28 ] .
- ماذكره في عوالي اللئالي وغيره من المصادر المعتبرة: وروي ان الحسين (عليه السلام) لما خرج من مكة متوجها إلى العراق لم يجلس مجلسا الا وذكر يحيى بن زكريا، وكان دائما في طريقه يقول: (ومن هوان الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زكريا أهدى إلى بغى من بغايا بني إسرائيل، فما زال يردد ذلك حتى نزل بكربلا). [ج4 : 80 ].
_ ومارواه ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب، عن زرارة بن أعين عن الصادق (ع) قال: بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي أربعين صباحا ولم تبك إلا عليهما، قلت: فما بكاؤها؟ قال: كانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء.
وفيه أسامة بن شبيب بإسناده عن أم سليم قالت: لما قتل الحسين مطرت السماء مطراً كالدم احمرت منه البيوت والحيطان. وروى قريباً من ذلك في الإبانة. [مناقب آل أبي طالب ج3 : 212 ] .
أقول: وذكر العلامة البارع الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتاب الذريعة عند ما ذكر كتاب الشيخ حسين العصفور حول وفاة يحيى ما يفيد هذا الاستنتاج فقال ما نصه [وتطبيق شهادته مع شهادة الحسين] إلا أنه كان متردداً في نسبته للشيخ واحتمل نسبته للناسخ وهو الشيخ علي بن إبراهيم بن الحسن البوري تلميذ الشيخ حسين العصفور.
ولم يوفق في هذا الاستنتاج لأن في البحرين من النسخ الخطية ما تنسبه للشيخ حسين وليس لتلميذه. والحاصل: فيتضح أن الكتاب نُسج على منوال المقارنة بين المصيبتين.
ويبدو أن هذا الاحتمال هو أقرب الاحتمالات للواقع في اختيار قصة نبي الله يحيى وتاريخه لكونه بوابة لذكر مصيبة أبي عبدالله الحسين فاختاروها بعناية وحاولوا البحث عن تاريخها وتعاهدوها لكونها متشابهة مع مصيبة الحسين وهم يحيون ذكر الإمام الحسين طوال العام.
أو انهم احتملوا من خلال الروايات المتقدمة اقتران مصيبتهما فجعلهم يهتمون بهذه المصيبة وفداحتها والله تعالى العالم بحقائق الأمور.
الاحتمال الثالث: أن هذه العادة انتقلت من التراث النصراني حيث كانت البحرين على الديانة النصرانية، فهل كانت هذه المناسبة من الإرث القديم؟ وهذا ما لا يمكننا إثباته ولا نفيه. والله العالم.
العلماء الذين ألفوا حول الموضوع:
1/ الشيخ حسين بن محمد بن أحمد العصفور الدرازي، المتوفى في 1216 ه، وهي نسخة مخطوطة متوفرة في البحرين في المآتم.
2/ الشيخ عبد المحسن بن محمد بن مبارك اللويمي البلادي الأحسائي، المتوفى حدود العام 1250ه، ويبدو أنها مخطوطة أيضاً فلم أظفر بنسختها المطبوعة.
3/ الشيخ محمد بن الشيخ علي بن الشيخ عبد النبي بن الشيخ محمد بن سليمان المقابي البحراني كان حياً سنة 1165 ه، ويبدو أن هذه النسخة كانت مشهورة ومتداوله في القرن الرابع عشر بحسب كلام صاحب أنوار البدرين.
4/ الشيخ ناصر بن محمد بن عبدالله العرادي البحراني، كان حياً في 1110 ه، له كتاب (وفاة النبي يحيى) وهو مخطوط ويسعى الأخ عبد العزيز العرادي لطباعته.
5/ الشيخ عبد النبي البحراني، صاحب كتاب (جامع مصائب الأنبياء حتى النبي الخاتم) الذي خصص جزءاً كبيراً من كتابه إلى ذكر النبي يحيى ومقتله، وتضمن رداً على الشيخ ناصر البحراني السابق الذكر، الذي ذكر في قصيدة له أن المقتول بالمنشار هو يحيى بن زكريا. قال عنه في الذريعة أنه معاصر لصاحب كتاب (الرياض).
6/ الشيخ علي بن عبد الله بن الشيخ حسين البربوري الأوالي البحراني، له كتاب (وفاة النبي يحيى) وهو مخطوط، ولكن للأسف يخلو من تاريخ النسخ وتاريخ الانتهاء أيضاً.
7/ الشيخ علي بن عبدالله البوري البحراني. طبعه صاحب المكتبة العامة الحاج عبد العزيز الشهابي رحمه الله ويبدو أن مؤلف الكتاب عاش في أواخر القرن الثالث عشر الهجري إلى بدايات الرابع عشر الهجري والله العالم.
على المستوى الأدبي:
بالنسبة لمراثي نبي الله يحيى (ع) فقد كتب جمع من أهل الأدب المنبري والرثائي حول وفاة ومقتل نبي الله يحيى بن زكريا. ومنهم على سبيل المثال:
1/ الشيخ ناصر بن محمد العرادي/ المتقدم الذكر فقد نظم مقتل النبي يحيى ليقرأ في مجالس التعزية على طريقة النواحة وهي طريقة متبعة ومتعارفة عند أهل البحرين قديماً وجاء في مطلع المرثية:
مصابُ النبي يحيى عظيمٌ وأكبرُ* مصاب له الأملاك تبكي وتُكثرُ.
وقد وجدت لهذه النواحة أكثر من نسخة في مآتم وحسينيات أهل البحرين تُقرأ في ليلة ويوم وفاة النبي يحيى ليلاً ونهاراً.
2/ الشيخ محمد علي آل حميدان البحراني / المتوفى سنة 1374 ه حيث له قصيدة باللسان الدارج ذكرها في ديوانه (اللئالئ الزاهرة) جاء في مطلعها:
مصيبة المظلوم يحيى جايدة وخطبه شديد * لكن الى هونتها مصيبة حسين الشهيد.
حيث ذهب فيها للمقارنة بين مصيبة يحيى عليه السلام ومصيبة الإمام الحسين.
ويلاحظ على شعراء العامية أنهم كانوا مقلين في الكتابة عن نبي الله يحيى، بل أن أكابر شعراء العامية قد خلت دواوينهم من ذكر هذه المصيبة والنظم عنها كديوان المرحوم ملا علي بن فايز، وديوان المرحوم ملا عطية الجمري.
الاهتمام بالنذور في هذه المناسبة:
اعتاد الكثير من أهالي البحرين على النذور بخصوص يوم السابع والعشرين من شهر صفر، فيقيمون مجالس التعزية ويقرأون مقتل يحيى بن زكريا عليه السلام وينشدون فيه المراثي والنوحيات التي كتبها بعض أعلام البحرين، ويحتفل بها الرجال والنساء، وفي بعض السنوات تخرج بعض مواكب التعزية، ويطبخون وجبات الغذاء والعشاء، وتكاد هذه الظاهرة تكون فريدة ومن مختصات أهل أوال وبعض أهالي القطيف وربما بعض الأحسائيين. ولكنني لم أجد لحد الآن في مصادر الوقفيات أي وقف أوقفه أهالي البحرين لهذه المناسبة كعادتهم في وقف بعض الأملاك لإحياء هذه المناسبة.
كتبه بشار العالي البحراني
16 ربيع الأول 1436ه
المصادر:
1/ القرآن الكريم
2/ كامل الزيارات / لابن قولويه
3/ مناقب آل أبي طالب / لابن شهرآشوب
4/ التقويم المندائي
5/ النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين / الجزائري
6/ موسوعة الذريعة / آغا بزرك الطهراني
7/ مخطوطات مكتبة الشيخ بشار العالي
8/ وفاة النبي يحيى / الشيخ علي بن عبدالله البوري
9/ الكتاب المقدس / الإنجيل
10/ ديوان اللئالئ الزاهرة