السؤال:
شيخنا الكريم وردت من طرقنا رواياتٌ مفادُها النهيُ عن النياحة على الميِّت، وأنّها من عمل الجاهليَّة، وأنّه لا يصلحُ الصياح على الميِّت ولا ينبغي، ولكنَّ الناس لا يعرفون، وأنَّ صوتين ملعونان مبغوضان لله إعوالٌ عند مصيبةٍ وصوتٌ عند نغمة، وعبَّرت بعضُ الروايات عن الصوتين عند المصيبة وعند النغمة بالفاجرين الأحمقين، فإذا صحَّت هذه الرواياتُ فحينئذ كيف نُعالج مشروعيَّة النياحة على الإمام الحسين (ع) والتي اعتاد الشيعة على إقامتِها.
الجواب:
يمكن معالجة هذه الإشكاليَّة من وجوه:
الوجه الأول: إنَّ الروايات المشار إليها وكذلك غيرها -ممَّا لم تتم الإشارة إليه- روايات ضعيفة السند فهي إما مراسيل أو مشتملة على ضعفاء أو مجاهيل، وبذلك لا يصحُّ التعويلُ عليها في نفي مشروعيَّة أصل النياحة، ومن أراد التوثُّق من ضعف هذه الروايات سنداً فليراجع اسنادها في مصادرها، على أنَّ بعض هذه الروايات لا تدلُّ على الحرمة وأقصى ما تدلُّ عليه مرجوحيَّة النياحة.
الوجه الثاني: إنَّ هذه الروايات لو تمَّت وصحَّت أسنادُها أو أسنادُ بعضِها فإنَّها معارَضة بنحو التعارض البدوي برواياتٍ أُخرى كثيرة مفادُها جوازُ النياحة على الميِّت إذا كانت النياحةُ بحقٍّ.
فلأنَّ النياحة تعني ندبَ الميِّت وتَعدادَ مناقبِه وفضائلِه، فتارةً تُعدِّد النائحةُ أو النائحُ الفضائلَ والمناقبَ الواقعيَّة للميِّت، وهذا هو معنى النياحةِ بحقٍّ، وتارةً تنسجُ النائحةُ من مخيَّلتها مناقبَ وفضائلَ للميَّت ليستْله وهو غيرُ واجدٍ لها، فهذه هي النياحةُ بالباطل، وهي محرَّمةٌ بلا ريبٍ لاستلزامِها الكذب، والذي هو مِن أوبقِ المحرَّمات.
وقد وردتْ رواياتٌ من طرقِنا مستفيضةٌ، وفيها ما هو معتبرٌ سنداً مفادُها جوازُ النياحةِ بالحقِّ أو مفادُها جوازُ النياحةِ مطلقاً المحمولُ على النياحة بحقٍّ لضرورةِ عدم جواز النياحةِ بالباطل والكذب.
ولا بأس من نقل بعض هذه الروايات:
1- صحيحة يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله (ع) قال: "قال لي أبي: يا جعفر أوقفْ لي مِن مالي كذا كذا لنوادبَ تندُبنَني عشرَ سنينَ بمِنى أيامَ منى"[1].
2- صحيحة أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (ع) قال: مات الوليدُ بن المغيرة، فقالت أُمُّ سلمة للنبيِّ (ص): إنَّ آل المغيرة قد أقاموا مناحةً فأذهبُ إليهم؟ فأذِن لها فلبستْ ثيابَها وتهيأتْ.. فندبتْ ابنَ عمِّها بين يدي رسولِ الله (ص) فقالت:
أنعى الوليدَ بن الوليد ** أبا الوليد فتى العشيرة
حامي الحقيقةِ ماجدٌ ** يسمو إلى طلب الوتيرة
قد كان غيثًا في السنيـ ** ـنَ وجعفرًا غدِقًا ومِيرة
فما عابَ رسولُ الله (ص) ذلك ولا قال شيئًا[2].
3- صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: "لا بأس بأجرِ النائحةِ التي تنوحُ على الميِّت"[3].
4- صحيح الحسين بن زيد قال: ".. فقيل لأبي عبد الله (ع) أيُناح في دارِك؟ فقال (ع): إنَّ رسولَ الله (ص) قال لمَّا مات حمزة: لكنَّ حمزةَ لا بواكيَ عليه"[4].
وغيرها من الروايات الدالَّة على مشروعيَّة النياحة وهي مقيَّدة بقيدٍ لبىِّ تقتضيه الضرورةُ الفقهيَّة، فلأنَّ الضرورةَ الفقهيَّة مقتضيةٌ لحرمة الكذب، لذلك كان مفادُ هذه الروايات هو مشروعيَّة النياحة بغير الباطل.
وبتعبير آخر: الضرورةُ الفقهيَّة القاضيةُ بحرمةِ الكذب تكونُ بمثابةِ المقيِّد المتَّصل المانعِ من ظهورِ هذه الروايات في الإطلاق.
من هنا فهم الفقهاءُ من هذه الروايات مشروعيَّة النياحةِ على الميَّت إذا كانت بحقٍّ وكان الندبُ وتعدادُ الفضائل صدقًا ولم يكن كذبًا. ويشهدُ لهذا التقييد بعض الروايات المصرِّحة بهذا القيد كمرسلة الفقيه قال: قال (ع): "لا بأس بكسبِ النائحة إذا قالتْ صدقًا"[5].
وبما ذكرناهُ يتَّضح أنَّ الرواياتِ الناهية عن النياحة لو صحَّت سندًا فهي مُطلقة، وبمقتضى صناعة حملِ المُطلق على المقيَّد تكون النتيجةُ هي حرمةَ النياحةِ بالباطل والكذب وجوازها إذا كانت بحقٍّ، فهذا هو مقتضى الجمع العرفي بين الروايات المُطلقة والروايات المقيِّدة عينًا كما لو وردتْ رواياتٌ مفادها حرمة حيوان البحر مُطلقاً، ووردت في مقابلِها رواياتُ مفادها حلِّيِّة سمك البحر من ذوات الفَلْس فإنَّ مقتضى الجمع العرفي بين الطائفتين من الروايات هو حرمةُ حيوان البحر إلا أنْ يكون من صِنف الأسماك ذوات الفلس.
الوجه الثالث: أنَّه لو لم يتم القبول بدعوى اختصاص الحرمة بالنياحة كذبًا وبالباطل، وأنَّ النياحة على الميِّت محرَّمةٌ بنحو مطلق فإنَّ من الضروري تخصيص هذه الاطلاقات بالروايات الكثيرة والتي تفوق حدَّ التواتر الدالة على مشروعيَّة النياحة على الحسين (ع) بل إنَّ مفاد الكثيرَ منها هو الحثُّ على إقامة النياحة على الحسين (ع)، فإذا كانت روايات النهي عن النياحة صادرة عن أهل البيت (ع) فلا محيص من استفادة اختصاصها بغير الحسين (ع) ذلك لأنَّ روايات الحثِّ على إقامة النياحة على الإمام الحسين (ع) صادرة عنهم أيضًا.
فلأن المتلقِّي للخطاب من أهل المحاورة إذا عُرض عليه خطابان من متكلِّمٍ واحدٍ وكان أحدُهما متضمِّنًا للنهي عن فعلٍ مُطلقًا وكان الآخرُ متضمِّنًا للأمر بذات الفعل في حالاتٍ خاصَّة فإنَّه يفهمُ من ذلك انَّ الحرمة والمبغوضيَّة ثابتة للفعل في غير تلك الحالةِ أو الحالاتِ المنصوصِ على الأمر بذلك الفعل عند اتِّفاقِ حصولِها.
على أنَّ ثمة رواياتٍ كثيرة مُعبِّرة عن مباشرةِ أهلِ البيت (ع) أنفسِهم لإقامة النياحة على الإمام الحسين (ع)، وذلك أبلغُ بيان على عدم إرادة الإطلاق من النهي عن النياحة في الروايات المُشار إليها في صدر البحث.
ولكي نُوثِّق ما ذكرناه ننقل لكم بعضَ الروايات الظاهرة في المفروغيّة عن مشروعيَّة، بل وراجحيَّة النياحةِ على الإمام الحسين (ع).
منها: ما رواه الشيخُ الصدوقُ في الأمالي بسندٍ له إلى الإمام الرضا (ع) قال: إنَّ المحرَّم شهرٌ كان أهلُ الجاهليَّة يُحرِّمون فيه القتال، فاستُحلَّت فيه دماؤنا، وهُتكت فيه حُرمتنا، وسُبيَ فيه ذرارينا ونساؤنا، وأُضرمت النيرانُ في مضاربِنا، وانتُهبَ ما فيها من ثقلِنا، ولم تُرعَ لرسولِ الله (صلَّى الله عليه وآلِه) حرمةً في أمرنا! إنَّ يومَ الحسين أقرحَ جفونَنا، وأسبَلَ دموعَنا، وأذلَّ عزيزَنا، بأرض كربٍ وبلاء، أورثتنا الكربَ والبلاء، إلى يوم الانقضاء! فعلى مثلِ الحسينِ فليبكِ الباكون، فإنَّ البكاء يحطُّ الذنوبَ العِظام[6].
ومِن الواضح أنَّ البكاء على الحسين (ع) خصوصًا بعد مضيِّ زمنٍ طويلٍ على استشهاده إنّما يتحقّق بتعدادِ فضائلِه ومناقبِه والمصائبِ التي وقعتْ عليه، فالأمرُ بالبكاء والوعدُ بحطِّه للذنوب صريحٌ في رجحان النياحةِ على الحسين (ع).
ثم إنَّ الإمام الرضا (ع) أنّه قال في ذيل حديثه بذات السند: كان أبي صلواتُ الله عليه إذا دخل شهرُ المحرَّم لا يُرى ضاحكاً، وكانت الكآبةُ تغلبُ عليه حتى يمضي منه عشرةُ أيام، فإذا كان يومُ العاشر كان ذلك اليومُ يومَ مصيبتِه وحزنِه وبكائِه ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين (صلوات الله عليه)[7].
ومنها: ما رواه الشيخُ الصدوق في الأمالي بسندٍ معتبرٍ عن عليِّ بن الحسن بن عليِّ بن فضَّال، عن أبيه، قال: قال الرضا (ع): "من تذكَّر مصابنا وبكى لِما ارتُكب منَّا كان معنا في درجتِنا يومَ القيامة، ومَن ذكَّر بمصابِنا فبكى وأبكى لم تبكِ عينُه يوم تبكي العيونُ، ومن جلس مجلسًا يُحيى فيه أمرُنا لم يَمتْ قلبُه يوم تموتُ القلوب"[8].
فالإبكاء -وكذلك الإحياء الوارد في ذيل الرواية-تعبير آخر عن الندب وتَعدادِ المناقب والرزايا التي وقعتْ على الحسين (ع).
ومنها: ما رواه الشيخُ الصدوقُ في عيون الأخبار وفي الأمالي بسندٍ معتبرٍ عن الريَّان بن شبيب قال: دخلتُ على الرضا (ع) في أوَّل يومٍ مِن المُحرَّم، فقال لي: يابنَ شبيب، أصائمٌ أنت؟ ثم قال(ع): يا بنَ شبيب إنَّ المحرَّم هو الشهرُ الذي كان أهلُ الجاهليَّة فيما مضى يُحرِّمون فيه الظلمَ والقتالَ لحُرمتِه، فما عرفتْ هذه الأُمَّةُ حرمةَ شهرِها ولا حرمةَ نبيِّها (ص) إذ قتلوا في هذا الشهرِ ذريَّتَه وسبَوا نساءَه وانتهبوا ثِقلَه، فلا غفرَ اللهُ لهم ذلك ابدا، يا ابنَ شبيب، إنْ كنت باكيًا لشيءٍ فابكِ للحسينِ بن عليِّ بن أبي طالب (ع)، فإنَّه ذُبحَ كما يُذبحُ الكبش، وقُتل معه من أهل بيتِه ثمانيةَ عشر رجلاً ما لَهم في الأرض من شبيه، ولقد بكَت السمواتُ السبعُ لقتلِه.. إلى أنْ قال: يا ابنَ شبيب، إنَّ سَرَّك أنْ تكونَ معنا في الدرجاتِ العُلى مِن الجنان، فاحزنْ لحُزنِنا وافرحْ لفرحِنا، وعليكَ بولايتِنا.."[9].
ومنها: ما رواه الشيخُ الصدوقُ في عيونِ الأخبار والعِلل بسندٍ مُعتبر عن عليِّ بن الحسن بن عليِّ بن فضَّال عن أبيه عن أبي الحسن عليِّ بن موسى الرضا (ع) قال: مَن تركَ السعيَ في حوائجِه يومَ عاشوراء قضى اللهُ له حوائجَ الدنيا والآخرةِ، ومن كان يومُ عاشوراءَ يومَ مصيبتِه وحُزنِه وبكائِه جَعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ القيامةَ يومَ فرحِه وسرورِه، وقرَّتْ بنا في الجنانِ عينُه.."[10].
ورُويَ أنَّ الإمام الرضا صلواتُ الله عليه بكى حين أنشدَه دُعبلُ بنُ عليٍّ الخزاعي قصيدتَه التائية والتي أُغمي عليه في أثناء إنشادها مرَّتين، كما نصَّ على ذلك الفاضلُ العباسي في ترجمةِ دُعبل في معاهد التنصيص[11].
ونقل صاحبُ البحار: أنَّه (ع) نهض، وضربَ سترًا بيننا وبين حرمِه، وأجلسَ أهلَ بيتِه من وراء السِتر، واستنشدَ دُعبل وقال: "يا دُعبل، مَن بكى أو أبكى على مصابِنا ولو واحدًا كان أجرُه على الله، يا دُعبل، مَن ذرفتْ عيناهُ على مصابِنا حشرَه اللهُ معنا"[12].
ومنها: ما رواه الخزَّار القمِّي في كفاية الأثر بسنده عن عمر بن يزيد، عن الورد بن الكُميت عن أبيه الكميت بن أبي المستهل قال: دخلتُ على سيِّدي أبي جعفر محمَّد بن عليٍّ الباقر (عليهما السلام) فقلتُ: يا ابنَ رسول الله إنِّي قد قلتُ فيكم أبياتاً أفتأذنُ لي في إنشادِها؟ فقال (ع): إنَّها أيامُ البيض، قلتُ: فهو فيكم خاصَّة قال: هاتِ، فأنشأتُ أقول:
أضحكني الدهرُ وأبكاني ** والدهرُ ذو صرفٍ وألوانِ
لتسعةٍ بالطفِّ قد غُودروا ** صاروا جميعًا رهَن أكفانِ
فبكى (عليه السلام) وبكى أبو عبد الله (عليه السلام) وسمعتُ جاريةً تبكي من وراء الخباء.. ثم قال (عليه السلام): ما مِن رجلٍ ذكَرنا أو ذُكرنا عندَه يخرجُ مِن عينَيهِ ماءٌ ولو مثلُ جناحِ البعوضة إلا بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّة، وجعلَ ذلك الدمعَ حجاباً بينَه وبينَ النار.. ثم قال: اللهمَّ اغفرْ للكميتِ ما تقدَّم من ذنبِه وما تأخَّر"
وفي خزانة الأدب للبغداي قال: حدَّث محمد بن سهل قال: دخلتُ مع الكُميت على جعفر الصادق(ع) في أيام التشريق فقال: جعلتُ فداءك ألا أُنشدُك قال: إنَّها أيامٌ عِظام، قال: إنَّها فيكم قال: هاتِ فأنشدَه قصيدَته التي أوَّلُها.. قال: فكثر البكاءُ وارتفعتْ الأصوات فلمَّا مرَّ على قولِه في الحسين (ع):
كأنَّ حُسينًا والبهاليلَ حولَه ** لأسيافهم ما يختلي المتبقل
وغاب نبيُّ اللهِ عنهم وفقدُه ** على الناس رزءٌ ما هناك مجلَّل
فلم أرَ مخذولًا أجلَّ مصيبةً ** وأوجب منه نصرةً حين يُخذلُ
فرفعَ جعفرُ الصادقُ (ع) يديه وقال: اللهمَّ اغفْر للكميت ما قدَّم وما أخَّر وما أسرَّ وما أعلنَ وأعطِه حتى يرضى.."[13].
ومنها: ما رواه الشيخُ جعفر بن محمد بن قَولويه في كامل الزيارات بسندِه عبد الله بن غالب، قال: دخلتُ على أبي عبد الله (ع) فأنشدتُه مرثيَّةً في الحسين (ع)، فلمَّا انتهيتُ إلى قولي:
لبليةٍ تسقو حُسينًا ** بمسقاةِ الثرى غير التراب
صاحتْ باكيةٌ من وراء السِتر وا أبتاه[14].
ومنها: ما رواه الشيخُ الصدوقُ في الأمالي وثواب الأعمال، ورواه ابن قولويه في الكامل بأسانيدَ فيها ما هو معتبرٌ عن عليِّ بن المغيرة، عن أبي عمارة المُنشد، عن أبي عبد الله (ع)، قال: قال لي: يا أبا عمارة، أنشدْنِي في الحسينِ بن عليٍّ (ع)، قال: فأنشدتُه فبكى، ثم أنشدتُه فبكى، قال: فواللهِ ما زلتُ أُنشدُه ويبكي حتى سمعتُ البكاء من الدار، قال: فقال لي(ع): يا أبا عمارة، مَن أنشدَ في الحُسينِ بن عليٍّ (ع) فأبكى خمسينَ فلَه الجنَّة، ومَن أنشدَ في الحسينِ شعراً فأبكى ثلاثينَ فلَه الجنَّة، ومَن أنشدَ في الحسينِ فأبكى عشرينَ فلَه الجنَّة، ومَن أنشدَ في الحسينِ فأبكى عشرةً فلَه الجنَّة، ومَن أنشدَ في الحسين فأبكى واحداً فلَه الجنَّة، ومَن أنشدَ في الحسينِ فبكى فلَه الجنَّة، ومن أنشدَ في الحسينِ فتباكى فلَه الجنَّة"[15].
ومنها: ما رواه ابنُ قولويه في الكامل بسنده، ووراه الشيخُ الصدوقُ في ثوابِ الأعمال بسندِه عن أبي هارون المكفوف قال: دخلتُ على أبي عبد الله الصادق (ع) فقال لي: يا أبا هارون، أنشدْنِي في الحسين (ع)، فأنشدتُه، فقال لي: "أنشدني كما تُنشدون" يعني: بالرقَّة، قال: فأنشدتُه:
اُمرُرْ على جدَثِ الحسين ** فقل لِأعظمِـه الزكيَّة
قال: فبكى، ثم قال: زدني فأنشدتُه القصيدةَ الأخرى، قال: فبكى، وسمعتُ البكاءَ من خلفِ السِتر، قال: فلمَّا فرغتُ، قال: يا أبا هارون، مَن أنشدَ في الحسين فبكى وأبكى عشرةً كُتبتْ لهم الجنَّة..". إلى أنْ قال: ومن ذُكر الحسين عنده فخرج من عينيه من الدمع مقدارُ جناحِ ذُبابة، كان ثوابُه على الله عزَّ وجل، ولم يرضَ له بدونِ الجنَّة"[16].
ومنها: ما رواه محمَّدُ بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب (الرجال) بسندٍ مُعتبر عن زيد الشحَّام قال: كنّا عند أبي عبد الله (ع)، فدخل عليه جعفرُ بن عثمان، فقرَّبه وأدناه، ثم قال: يا جعفر، قال: لبيك جعلني اللهُ فداك، قال: بلغني أنَّك تقولُ الشعر في الحسين (ع) وتُجيد، فقال له: نعم جعلني اللهُ فداك، قال: فأنشدتُه، فبكى ومَن حولَه حتى صارت الدموع على وجهِه ولحيتِه، ثم قال: يا جعفر، والله لقد شهِدتْ الملائكة المقرَّبون هاهنا يسمعونَ قولَك في الحسين (ع) إلى أن قال: ما مِن أحدٍ قال في الحسينِ شعراً فبكى وأبكى به إلاّ أوجبَ اللهُ له الجنَّة، وغفَرَ له"[17].
ومنها: ما رواه ابن قولويه في كامل الزيارات بسنده عن زرارة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا زرارة إنَّ السماءَ بكت على الحسين أربعين صباحًا.. وكان جدِّي إذا ذكرَه بكى حتى تملأَ عيناه لحيتَه، وحتى يبكيَ لبكائه -رحمةً له- مَن رآه. وإنَّ الملائكةَ الذين عند قبرِه ليبكون.. وما مِن عينٍ أحبُّ إلى الله من عين بكتْ ودمعتْ عليه، وما مِن باكٍ يبكيه الا وقد وصلَ فاطمة (عليهما السلام) وأسعدَها عليه، ووصلَ رسولَ الله(ص) وأدَّى حقَّنا، وما مِن عبدٍ يُحشرُ إلا وعيناهُ باكيةٌ إلا الباكين على جدِّي الحسين (عليه السلام)، فإنَّه يُحشر وعينُه قريرة، والبشارةُ تلقاه، والسرورُ بيِّنٌ على وجهه، والخَلقُ في الفزعِ وهم آمنون.."[18].
ما رواه عبد الله بن جعفر في (قرب الإسناد) بسندٍ معتبرٍ عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال للفضيل: تجلسونَ وتتحدَّثون؟ فقال: نعم، فقال: إنَّ تلك المجالس أحبُّها، فأحيوا أمرنا، فرحم اللهُ من أحيا أمرنا، يا فضيلُ مَن ذكَرنا أو ذُكرنا عندَه ففاضت عيناهُ ولو مثل جناحِ الذُباب غَفر اللهُ له ذنوبَه ولو كانت مثل زبد البحر".
ورواه الشيخ الصدوق في (ثواب الأعمال) بسندٍ معتبرٍ عن بكر بن محمد الأزدي، وكذلك رواه البرقي بسندٍ معتبرٍ عن بكر بن محمد الأزدي[19].
هذه بعضُ الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) والدالَّة بنحو الوضوح والصراحة على رُجحان ومحبوبيَّة الندبِ والنياحة على الحسين (ع)، ولولا خشيةُ الإطالة لنقلنا الكثير ممَّا ورد عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) إلاَّ أنَّ فيما نقلناه كفاية لمَن ألقى السمع وهو شهيد.
وتُلاحظون أنَّ هذه الروايات تحضُّ على الندب والنياحة على الحسين (ع) رغم مضي زمنٍ طويلٍ على استشهاده (ع).
النياحة والندب في مصادر السنّة:
ويمكنُ التأكيد على مشروعيَّة الندب والنياحة على الإمام الحسين (ع) بما ورد في مصادر السُنَّة من رواياتٍ ومواقفَ للصحابة تُعبِّر عن أنَّ مشروعيَّة النياحة على الميِّت كان أمرًا مُسلَّمًا ومفروغًا عن جوازه.
ولكن حمزة لا بواكي له:
1- روى أحمد بن حنبل في المسند بسنده عن ابن عمر: أنّ رسول الله (ص) لمَّا رجعَ من أُحدٍ جعلتْ نساءُ الأنصار يَبكينَ على مَن قُتل من أزواجهنَّ، قال: فقال رسولُ الله (ص): "ولكنَّ حمزةِ لا بواكيَ له" قال: ثم نام فاستنبه وهنَّ يبكين، قال: فهنَّ اليوم إذًا يبكين ويندبن حمزة".
وعلَّق عليه ابنُ كثير في البداية والنهاية بقوله: وهذا على شرط مسلم. وقد رواه ابن ماجة وذكر طريقًا آخر إلى ابن عمر[20].
وفي ترجمة حمزة في كتاب الاستيعاب نقلًا عن الواقدي قال: "لم تبكِ امرأةٌ من الأنصار على ميِّت بعد قول رسول الله (ص) لكنَّ حمزةَ لا بواكي له إلى اليوم إلا بَدَأْنَ بالبكاء على حمزة"[21].
روى ابن عبد البرِّ في الاستيعاب وغيره أنَّ النبيَّ (ص) لمَّا رأى حمزةَ قتيلًا بكى، فلمّا رأى ما مُثَّل به شهَق[22].
وروى المحبُّ الطبري في ذخائر العقبى عن ابن مسعود قال: "ما رأينا النبيَّ (ص) باكيًا قط أشدَّ مِن بكائِه على حمزةَ بن عبد المطّلب لمّا قُتل إلى أنْ قال: ووضعه في القبر ثمّ وقفَ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على جنازتِه وانتحبَ حتّى نشَغَ مِن البكاء"[23].
وروى الواقدي: أنَّ النبيَّ (ص) كان يومئذٍ إذا بكتْ صفيَّةُ يبكي وإذا نشجتْ ينشجُ، وجعلتْ فاطمةُ تبكي فلمّا بكتْ بكى رسولُ الله (ص)[24].
على مثل جعفر فلتبكي البواكي:
ورد في الاستيعاب لابن عبد البرّ، وأُسدِ الغابة لابن الأثير، والطبقاتٍ الكبرى لابن سعد، وأنسابٍ الأشراف للبلاذري: أنّه لمّا جاءَ النبيَّ (ص) نعيُ جعفر أتى امرأتَه أسماءَ بنت عميس فعزّاها، قال: ودخلتْ فاطمةُ وهي تبكي وتقول: واعمّاه، قال: رسولُ الله (ص): "على مثل جعفر فلتبكِ البواكي"[25].
وأخرج البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال: قال النبيُّ (ص): "أخذ الرايةَ زيدٌ فأُصيب، ثمّ أخذها جعفرٌ فأُصيب، ثمّ أخذها عبد الله بن رواحة فأُصيب، وإنَّ عيني رسولِ الله (ص) لتَذرُفان.."[26].
وروى ابنُ عبد البرّ في الاستيعاب في ترجمة زيد بن حارثة أنَّ النبيَّ (ص) بكى على جعفر وزيد، وقال: "أخواي ومؤنساي ومُحدِّثاي"[27].
وذلك مِن الندب وتعداد الفضائل كما أنّ قوله (ص): "على مثل جعفر فلتبكِ البواكي" تعبيرٌ عن مشروعيَّة ندبِ فاطمة (ع) لابن عمِّها، بل ورجحانه نظراً لاشتماله على الحثّ والتحضيض.
فاطمة (ع) تندبُ النبيَّ (ص)
2- روى البخاري في صحيحه عن فاطمة (ع) أنَّها قالت: "يا أبتاه مِن ربِّه ما أدناه إلى جبرائيلَ أنعاه، يا أبتاه وأجاب ربًّا دعاه"[28].
وروى كما في المغني لابن قدامة عن عليٍّ (ع) أنَّ فاطمة (ع) أخذتْ قبضةً من تُرابِ قبرِ النبيِّ (ص) فوضعتْها على عينِها ثم قال:
ماذا على من شمَّ تربةَ أحمد ** أنْ لا يشمَّ مدى الزمان غـواليا
صُبَّت علىَّ مصائبٌ لو أنَّها ** صُبَّتْ على الأيام عُدنَ لياليا[29]
أمُّ سلمة تندبُ الوليد بن الوليد
3- روى ابنُ سعد في الطبقات الكبرى بسنده عن أبي دجانة قال: إنّ أمَّ سلمة زوج النبيِّ (ص) قالت: جزعتُ حين مات الوليد بن الوليد جزعًا لم أجزعْه على ميِّت، فقلت: لأبكينَّ عليه بكاءً تحدَّث به نساءُ الأوس والخزرج، وقلت: غريبٌ تُوفِّي في بلاد غربة، فاستأذنتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأذِن لى في البكاء، فصنعتُ طعاماً وجمعتُ النساء فكان ممَّا ظهر مِن بكائها:
يا عين فابكي للوليـ ** ـد بن الوليد بن المغيرة
مثل الوليد أبو الوليـ ** ـد فتى العشيرة[30]
أمّ أيمن تندب الرسول (ص)
4- روى ابنُ سعد في الطبقات الكبرى أنَّ أمَّ أيمن قالت ترثي الرسولَ (ص):
عيـنُ جودي فإن بذلك للدمع ** شفـاءً، فأكثري من البكاء
حين قالوا: الرسول أمسى فقيدًا ** ميِّتًا كان ذاك كلَّ البلاء
وأبكيا خيرَ مَن رُزئناهُ في الدنيا ** ومن خصَّه بوحي السماء
بدموعٍ غزيرةٍ منك حتى ** يقضيَ اللهُ فيك خيرَ القضاء
فلقد كان ما علمتِ وَصولاً ** ولقد جاء رحمةً بالضياء
ولقد كان بعد ذلك نورًا ** وسِراجًا يضيءُ بالظلماء[31]
صفيّة بنت عبد المطّلب تندب الرسول (ص)
روى ابنُ سعد في الطبقات الكبرى أنَّ صفيّة بنت عبد المطّلب ندبت النبيَّ (ص) ورثته، فكان فيما ندبتْه به:
عينُ جودي بدمعةٍ تسكابِ ** للنبيِّ المطهَّرِ الأوّاب
واندبي المصطفى فعمِّي وخصِّي ** بدموعٍ غزيرة الأسراب
عينُ مَن تندبين بعد نبيٍّ ** خصَّه اللهُ ربُّنا بالكتاب
فاتحٌ خاتمُ رحيمٌ رؤوفٌ ** صادقُ القيل طيِّب الأثواب
مشفِقٌ ناصحٌ شفيقٌ علينا ** رحمةٌ مِن إلهنا الوهَّاب[32]
وقد روى ابن سعد رثاءً وندبًا وبكاءً لمجموعة مِن الصحابيّات على رسول الله (ص) مثل هند بنت أثاثة، وعاتكة بنت عبد المطّلب، وهند بنت الحارث بن عبد المطّلب، وعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل[33].
وكذلك روى ندبًا ورثاءً لحسّان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن أنيس، فكان فيما ورد في مرثيّة حسّان:
يا عينُ جودي بدمعٍ منك إسبالِ ** ولا تملَّن مِن سحّ وإعوالِ
لكن أفيضي على صدري بأربعةٍ ** إنَّ الجوانحَ فيها هاجسٌ صالي
مسحُ الشعيب وماءُ الغرب يمنحه ** ساق يحمِّله ساق بإزلالِ
على رسولٍ لنا محض ضريبتُه ** سمحُ الخليقة عفٌّ غير مجهالِ
كشَّاف مكرمةٍ مطعامُ مسغبةٍ ** وهَّابُ عافيةٍ وجناء شملالِ[34]
وثمّة رواياتٌ أخرى كثيرةٌ وردت في مصادر أبناء السنَّة تٌعبِّر عن مشروعيَّة النياحة على الميِّت إلا أنَّنا أعرضنا عن نقلها خشيةَ الإطالة ولا يسوغ بعد ذلك التشنيع على الشيعة عندما يُقيمون النياحةَ والندبَ على سيِّد الشهداء (عليه السلام) والذي أكَّدت الروايات من الفريقين أنَّه قد بكته السماءُ ولم يُرفع حجرٌ يوم قتلِه إلآ ورُؤيَ تحتَه دمٌ عبيط.
والحمد لله رب العالمين
من كتاب: تساؤلات في الفقه والعقيدة
الشيخ محمّد صنقور
28 / ذي الحجة / 1426
.......................................
[1] - الوسائل باب 17 من أبواب ما يكتسب به ح1.
[2] - الوسائل باب 17 من أبواب ما يكتسب به ح2.
[3] - الوسائل باب 17 من أبواب ما يكتسب به ح7.
[4] - الوسائل باب جواز النوح والبكاء ح2.
[5] - الوسائل باب 17 من أبواب ما يكتسب به ح9.
[6] - الأمالي -الصدوق- ص128، المناقب -ابن شهراشوب- ج4 / ص68، روضة الواعظين -ابن الفتال النيسابوري- ج1 / ص170، الإقبال -ابن طاووس- ص544.
[7] - الأمالي -الصدوق- ص 128، ابن الفتال النيسابوري، روضة الواعظين -ابن الفتال النيسابوري- ج1 / ص170، الإقبال -ابن طاووس- ص 544، بحار الأنوار -المجلسي- ج44 / ص283-284.
[8] - الأمالي -الصدوق- ص73، المجلسي، بحار الأنوار -المجلسي- ج44 / ص278. الوسائل باب استحباب البكاء لقتل الحسين ح4.
[9] - الأمالي -الصدوق- ص 129-130، الإقبال -ابن طاووس- ص545، بحار الأنوار -المجلسي- ج44 / ص285-286. الوسائل باب استحباب البكاء لقتل الحسين ح5.
[10] - الأمالي -الصدوق- ص129، المناقب -ابن شهراشوب- ج4 / ص86، روضة الواعظين -ابن الفتال النيسابوري- 1/170169، الإقبال -ابن طاووس- ص579، بحار الأنوار -المجلسي- ج95 / ص343. الوسائل باب استحباب البكاء لقتل الحسين ح7.
[11] - معاهد التنصيص -العباسي- ج2 / ص190.
[12] - بحار الأنوار -المجلسي- ج45 / ص257.
[13] - بحار الأنوار -المجلسي- ج45 / ص257، المستدرك -النوري- ج10 / ص386.
[14] - كامل الزيارات -ابن قولويه- ص105، بحار الأنوار -المجلسي- ج44 / ص287، المستدرك -النوري- ج10 / ص385.
[15] - الوسائل باب 104 من أبواب استحباب إنشاد الشعر في الحسين 7 ج4، ثواب الأعمال -الصدوق- 109/2 كامل الزيارات -ابن قولويه- ص104 الأمالي 121/6.
[16] - ثواب الأعمال -الصدوق- ص84، كامل الزيارات -ابن قولويه- ص104، وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج14 / ص595، المجلسي، بحار الأنوار -المجلسي- ج44 / ص287.
[17] - الكشي، الرجال، ص289، وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج14 / ص593-594، المجلسي، بحار الأنوار -المجلسي- ج44 / ص283-284.
[18] - كامل الزيارات -ابن قولويه- ص81، المجلسي، بحار الأنوار -المجلسي- ج45 / ص207، النوري، مستدرك الوسائل، ج10 / ص314.
[19] - وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج14 / ص501.
[20] - مسند أحمد بن حنبل: ج2 / ص40. البداية والنهاية لابن كثير ج4 / ص55.
[21] - راجع: الاستيعاب بهامش الإصابة ج 1 / ص275، الطبقات الكبرى -ابن سعد- ج2 / ص44 وج3 / ص11 و 17-19، ذخائر العقبى ص183، السيرة النبوية -لابن هشام- ج 3 / ص104، شرح نهج البلاغة -لابن أبى الحديد- ج4 / ص346.
[22] - الاستيعاب لابن عبد البر في ترجمة حمزة بن عبد المطّلب بهامش الإصابة: ج1 / ص275، الامتناع للقريزي: 154، الكامل في التاريخ: ج2 / ص170، مجمع الزوائد: ج6 / ص120، ذخائر العقبى: ص180، السيرة النبويّة لابن هشام: ج3 / ص105.
[23] - ذخائر العقبى: ص181، قال محبّ الدين الطبري في شرح الحديث: النشغ هو الشهيق حتّى يبلغ به الغشي. السيرة الحلبيّة: ج2 / ص246.
[24] - شرح نهج البلاغة كابن أبي الحديد: ج15 / ص17، الامتناع للمقريزي: ص154، السيرة الحلبيّة: ج2 / ص247.
[25] - الاستيعاب بهامش الإصابة: ج1 / ص211، الطبقات الكبرى -ابن سعد- ج8 / ص282، أنساب الأشراف -للبلاذري- ج2 / ص42.
[26] - صحيح البخاري كتاب الجنائز باب الرجل ينعى إلى أهل البيت، أنساب الأشراف للبلاذري: ج3 / ص43، الطبقات الكبرى -ابن سعد- ج8 / ص282.
[27] - الاستيعاب بهامش الإصابة: ج1 / ص548، سنن البيهقي: ج4 / ص70، الطبقات الكبرى -ابن سعد- ج3 / ص47، أنساب الأشراف للبلاذري: ج3 / ص43، شرح نهج البلاغة -ابن الحديد- 15 / ص73.
[28] - صحيح البخاري حديث رقم 4193 باب مرض النبي ووفاته، سنن النسائي: 4 / ص13، سنن ابن ماجه: ج1 / ص522 و1630، مستدرك الصحيحين: ج1 / ص382.
[29] - المغني -ابن قدامة- ج2 / ص411، وفاء الوفاء: ج4 / ص1405، الإتحاف للشبراوي ص9، السيرة النبويّة -ابن سيد الناس- ج2 / ص340، شرح الشمائل -للقاري- 2 / ص210، إرشاد الساري -للقسطلاني- ج2 / ص390.
[30] - الطبقات الكبرى -ابن سعد- ج4 / ص133.
[31] - الطبقات الكبرى -ابن سعد- ج2 / ص332 و333، سيرة ابن هشام: ج4 / ص364.
[32] - الطبقات الكبرى -ابن سعد- ج2 / ص328 و329 و330.
[33] - الطبقات الكبرى -ابن سعد- ج2 / ص330 و332 و329 و326.
[34] - الطبقات الكبرى -ابن سعد- ج2 / ص323.