نادر الملاح
8 محرم 1444 هـ، 7 أغسطس 2022
ربما يتبادر إلى ذهن البعض تساؤل، سواءً استفهاماً أو استنكاراً، مفاده أنه طالما كان الحسين على دين الحق، وكان الجميع يعلم أنه ابن بنت النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وأنه وأخوه سيدا شباب أهل الجنة، فكيف يمكن أن نفسر تجمع عشرين أو ثلاثين ألف مقاتل على أقل تقدير، كلهم ينتمون ولو ظاهراً إلى دين محمد صلى الله عليه وآله، يدفعهم الإصرار على قتل الحسين أو إخضاعه لحكم يزيد بن معاوية، وكيف لم يتجاوز أنصار الحسين عليه السلام المئة أو المئتين في أحسن الأحوال، وكانت الدولة الإسلامية في عز هيبتها وانتشارها؟!
إذا كان صاحب السؤال يتبناه أو يطرحه استفهاماً، فلا إشكال في ذلك، حيث يستلزم الأمر بعض البيان وهو ما سيلي ذكره، أما المستنكِر والمنكِر صواب موقف الحسين عليه السلام، فجوابه اختصاراً: متى كان المقياس العددي هو الحاكم في صواب أو خطأ أي موقف؟! بل، لو تأملنا في كتاب الله المجيد لوجدنا أن الممدوح هو القلة، والمذموم هو الكثرة. قال تعالى: "…وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ" (المائدة:49)، "وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" (المائدة:62)، "…ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ" (البقرة:83)، "…فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ" (البقرة:246)، "وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا" (النساء:66)، "…وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ" (هود:40)، "فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ" (هود:116)، "…ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ" (المائدة:32)، "…وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ…" (المائدة:64)، "…وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" (المائدة:68)، "…مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ" (المائدة:66)، "تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ" (المائدة:80)، "…بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ" (البقرة:100)، "وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ" (الأعراف:102)، وغير ذلك الكثير من الآيات الكريمة التي تنتفي معها حجة المقياس العددي بالكثرة أو القلة لبيان جانب الحق من الباطل.
أما للمُستفهِم، فنقول: كان جيش النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في غزوة بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، معهم فَرَسان وسبعون جملاً، وكان تعدادُ جيش قريش في المقابل ألفَ رجلٍ معهم مئتا فرس، أي كانوا يشكِّلون ثلاثة أضعاف جيش المسلمين من حيث العدد تقريباً، فهل جعلت الغلبة العددية جيش قريش على حق، وجيش محمد صلى الله عليه وآله على باطل؟! وكان أصحاب الكهف أقل من عدد أصابع اليدين، وجيوش الرومان وعامة الناس كانوا على الكفر، فهل كان الحق ثم النصر حليف الأكثر عدداً؟! ألم يبقَ مع طالوت القليل بينما تخلف عنه الأكثرية "فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ" (البقرة:249)، فهل كان الحق في جانب الأكثرية؟! ألم يكن عدد المسلمين قبل الهجرة لا يتجاوز المئة إلا بقليل مقابل عدد المشركين، والكفار، وأهل الكتاب، وغيرهم؟! فهل كانت قلتهم دليلاً على بطلان اعتقادهم وأن الحق مع غير المسلمين لأنهم كانوا الأكثر عدداً؟!
إذن، والحال هذه، المستفاد مما تقدم أن أكثر من 30 ألف مقاتل (على أقل التقديرات)، ومن خلفهم أبناؤهم ونساؤهم، وغيرهم ممن كانوا على نفس الاعتقاد والانتماء وإن لم يكونوا ضمن معسكر القتال، كلهم كانوا على خطأ، وكان الحسين ومن معه من الرجال والنساء والأطفال وهم قلةٌ لا تكاد تُذكر أما عدد المقاتلين فضلاً عن عدد الأنفس في الكوفة والشام وغيرها من المناطق الواقعة تحت سلطة الدولة الأموية على صواب، وهذا يقود إلى تساؤل مهم وهو أنه كيف رأى كل هؤلاء الحقَّ مقلوباً؟!
المدخل إلى جواب هذا السؤال قوله تعالى على لسان إبليس عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين: "قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً" (الإسراء:62). وهذا القليل الذي استثناه إبليس من غوايته، قد عرَّفهم في قوله: "قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ" (الحجر:39-40). والمستفاد أن القليل فقط وفقط هم من لا يقوى الشيطان على إغوائهم، وهم الذين جعلوا صدورهم ساحةً للإيمان ومرتعاً للتقوى والورع، أما الكثير من الناس، وإن كانوا قد التحقوا بشريعة السماء المحمدية إلا أنهم انحرفوا بدينهم لما دعاهم الشيطان "…وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ" (العنكبوت:29). والسؤال الذي يستلزم التوقف هنا ليس ما تقدم من أسئلة، بل: ما كانت أدوات الشيطان التي جعلت قوماً يؤمنون بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ويتبعون شريعته، يتسابقون لقتل من قال فيه نبيهم أنه سيد شباب أهل الجنة، عارفين به غير جاهلين، ومصرِّين على فعلهم غير متذبذبين، ثم متفاخرين بما فعلوا غير نادمين، حتى قال قائلهم: املأ ركابي فضة أو ذهبا، إني قتلت السيد المحجبا، قتلت خير الناس أماً وأبا، وخيرهم إذ يُنسبون نسبا؟!!
ربما يقول القائل أن الأداة الأهم كانت الترغيب والإغراء بالمال والمنصب والجاه وغيرها، أو يقول آخر أنه الترهيب والتهديد والتخويف، لكن الواقع أن كلا الأمرين وإن كان يجعل الإنسان يُقدم على شنيع الفعل، إلا أنه لا يُمكن أن يُولِّد اعتقاداً بصواب ما يفعل، أي أنه يفعل الخطأ معتقداً أنه يفعل الصواب، فالمُرغَّبُ والمرهَّبُ يفعل ما يفعل وهو يعلم أنه على غير الحق والصواب. فقط المنحرف عقائدياً وفكرياً وأخلاقياً، هو من يعتقد أنه على صواب، بل ويكون مستعداً للتضحية من أجل عقيدته الباطلة. فكيف تمكن يزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد عليهم جميعاً لعائن الله تعالى من خلق تلك العقيدة في نفوس عشرات الألوف من الناس؟! الجواب هو: الفتوى. فما كان يحتاجه أهل الباطل ليَحرِفوا الحق عن موقعه ويجعلوه في غير موضعه، هو الغطاء الشرعي للباطل. لذا، كان من أول أعمال عبيد الله بن زياد بعد ما ولاه يزيد ولاية الكوفة أن سعى إلى إصدار الفتاوى بقتل الحسين عليه السلام، فكانت الفتوى الأولى من شبث بن ربعي، حيث استدعاه عبيد الله بن زياد فسأله عن حكم من يخرج على خليفة المسلمين، فقال يُقتل، فقال ابن زياد: وإن كان الحسين بن علي؟! فتردد شبث بعضَ الشيء، ثم أجاب تأييداً: وإن كان الحسين علي. كان شَبَث بن رِبعِي اليربوعي، من رؤساء الكوفة ومن الشخصيات المُتذَبذِبة في تأريخ الإسلام، وكان من تصرفاته وتقلّبات أحواله أن لحق بسجاح اليربوعية المُدَّعية للنبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم عاد إلى الإسلام، وخالف عثمان بن عفان وحرض على قتله، وكان ممن شهد على الصحابي الجليل الشهيد حِجر بن عدي، كما كان ممن عارض التحكيم في معركة صفين، ثم التحق بـالخوارج، ثم صار إلى جانب علي ابن أبي طالب عليه السلام، ثم بعد استشهاد علي عليه السلام التحق بمعاوية. فأي دِينٍ وأي حقٍّ يُرتجى من رجلٍ هذه سيرته؟! لكن هذا لا يمثل معضلة أمام الحكومة الأموية، حيث كان كل ما يلزم هو وضع الرجل موضع أهل العلم، والفقه، والدراية، والفتوى.
أما الفتوى الثانية، والتي تركز عليها كتب التأريخ والسيرة، وتعرَّض لذكرها ابن خلدون وغيره، فكانت فتوى شريح القاضي، التي قال فيها: "الحسين خرج عن حده فيُقتل بسيف جده". وكان شُريح قاضي الكوفة منذ أن استعمله عمر ابن الخطاب في زمن خلافته على القضاء بالكوفة، أي أنه استمر في هذا الموقع الحساس في خلافة عمر ثم عثمان ثم علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم مدة خلافة الحسن بين علي عليه السلام، ثم مدة تسلط معاوية على حكم الدولة الإسلامية، ثم تولي ابنه يزيد الحكم من بعده، فلم يزل قاضيا ستين سنة إلا ثلاث سنين في فتنة ابن الزبير" (بحار الأنوار، للعلامة المجلسي، ج74 ص277).
وما كانت الفتوى لِتُعمل أثرها في تكريس الانحراف العقائدي لولا أن سُخِّرت الأداة الإعلامية لبثها ونشرها بين الناس، واعتبارها كلمة الحق التي ما لبثت أن تشرَّبت بها القلوب المريضة، فولَّدت ذلك السلوك المشين، الذي لم ينتهِ بقتل سيد شباب أهل الجنة وثلَّةٍ من خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أمثال أنس بن الحَرْث الكاهلي، وحبيب بن مُظاهر الأسدي، ومسلم بن عوسجة الأسدي، وهانئ بن عروة المرادي، وعبدالله بن يقطر الحميري، وغير الصحابة من التابعين من أصحاب الحسين من أمثال سيد القراء برير بن خضير، وزهير بن القين البجلي، إلى جانب أبناء بيت النبوة من أمثال أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين، وعلي الأكبر بن الحسين بن علي، والقاسم بن الحسن، وغيرهم. ولعل مما يدلل على أثر هذا الانحراف أن نجد حتى اليوم من يحمل لواء التكفير والتشنيع على أتباع أهل البيت عليهم السلام بدعوى سب الصحابة لمجرد عدم الاتفاق في الرأي أو القول بخطأٍ لأحدهم أثبته النقل التأريخي، بينما يترضون في الوقت نفسه على يزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وشبث بن ربعي وغيرهم ممن قتلوا الصحابة وحفظة القرآن ورفعوا رؤوسهم فوق رؤوس الرماح، فأي أمرٍ يكون هذا غير الانحراف العقائدي والفكري الذي تشرَّب به القوم؟!
بل ولاتزال سياسة المزاوجة بين تأمين الغطاء الشرعي والقانوني وإعمال الأداة الإعلامية هي المنهج الذي تتبعه العديد من الأنظمة والجماعات المنحرفة وأصحاب العقائد الفاسدة في مختلف أنحاء العالم، من أمثال من يُعرفون بأتباع السفارة أو جماعة التجديد في البحرين، وأتباع الصرخي في العراق، ومدَّعي الثقافة العاملين بالتفسير بالرأي، وهو التفسير المحرم شرعاً لدى جميع المذاهب والفرق الإسلامية، وذلك تحت غطاء شرعي عنوانه التدبر في القرآن، دون أن يكون لهم علمٌ يؤهلهم ولا أدوات شرعية تخولهم لمثل هذا التفسير ضاربين بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "من فسر القرآن برأيه فقد كفر" (نقله: الترمذي في صحيحه، وأبو داود في سننه، وابن الأثير في جامع الأصول، والعلامة المجلسي في بحار الأنوار، وغيرهم من علماء الفرق والمذاهب الإسلامية)، كنماذج من الانحراف العقائدي والفكري، ومن أمثال المروجين والمؤيدين للرذائل الأخلاقية كالتعري والعهر الفاضح، واللواط والسحاق تحت عنوان المثلية الجنسية وحرية اختيار الميول الجنسية وحقوق الإنسان، كنماذج عامة للانحراف الفطري والأخلاقي، وغير هؤلاء الكثير، الذين يجمعهم عنوان واحدٌ هو عنوان الانحراف العقائدي والأخلاقي، مهما تستروا خلف عناوين الثقافة والتحضر والتمدن. فهؤلاء "الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا" (الكهف:104)، لا يختلفون عن أولئك الذين حملوا السيوف والرماح والنبال والحجارة ليحاربوا آخر ابن بنت نبي على وجه الأرض.
فلولا الحراك الحسيني العظيم الذي سار فيه ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على دين جده وأبيه، لاسيما مع تقادم الزمن، وتكالب أهل الضلال على السلطة، وتقريب وتعظيم المنحرفين من أهل الفتوى ووعاظ السلاطين، وتعزيز مكانتهم الاجتماعية، لما كان لشريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم اليوم ذكرٌ ولما تمكن أبناء اليوم من التمييز بين الحق والباطل، والصواب والخطأ، ولما صمد أتباع المنهج المحمدي الأصيل وصبروا وجَهِدوا في فضح تلك الانحرافات العقائدية والفكرية والثقافية دافعين في مقابل صمودهم هذا أغلى الأثمان، اقتداءً بسيد شباب أهل الجنة صلوات الله عليه وعلى المستشهدين بين يديه وتحت لوائه، مُذكِّرين بالفطرة التي فطر الله عليها الإنسان، وصادعين بالدعوة لمقارعة أهل الضلال، وفصيحُ لسانهم يصيح "اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ" (يس:21)، "…وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ" (المائدة:77)، "…وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ" (الأنعام:119).
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين. اللهم ثبتنا على ولاية الطاهرين، واهدنا سواء السبيل، وأحسن خواتيم أعمالنا إلى خير ما تحب وترضى، إنك أنت السميع المجيب، وصلي يا رب وزد وبارك على محمد وآله الطاهرين، وارزقنا في الدنيا ولايتهم، وفي الآخرة شفاعتهم، وتوفنا على هذا العهد برحمتك يا أرحم الراحمين.