أزور قبركَ جئتُ اليومَ و"الحرَما" ... طلّقتُ أهليَ والخلّانَ والحرما

أرنو لقبركَ جئتُ اليومَ "مُعتَمرًا" ... أرجو المفازةَ والإحسانَ والكرَمَا

أحثو ترابَك في عينيَّ كُحلتُه ... أشتاقُ صرحكَ مشغوفًا به نهِمَا

عاينتُ وجهَكَ تُستجلى بشائرُهُ ... حتّى وإن شابهُ تربٌ عليهِ دِما

لاحظتُ ثغركَ للآتينَ مبتسمًا ... غضًّا وإن ضرسهُ بالقَرعِ قد هُشما

عانقتُ صدركَ يحوي النّاسَ مُتّسعًا ... قل لي! أما عظمهُ بالعدوِ قد حُطما

هذي قبابُك "ظلّا"ً لا "حرورَ" بها ... وإن خيامَكَ ظُهرًا نالت الضّرمَا

مازجتُ ماءَكَ طابت لي مراشفُهُ ... يا من على نحرهِ ماتَ الفراتُ ظَمَا

يمّمتُ قبركَ والعبّاسَ أنظرُه ... كفينِ قد قُطعت والرأسَ قد هُدِمَا

يمّمتُ قبرَكَ و"الإحرامُ" من وجعي ... يا "مُحرمًا" زادني "إحرامُه" ألَمَا

"إحرامُك"َ الرّمحُ يزهو في حديدَتِهِ ... مُذ شامَ رأسكَ للشّاماتِ قد قَدِمَا

وحوله زينبٌ راحت "تطوف"ُ به ... حتّى استقرَّ فجاءتَ تنصبُ العلمَا

"أفاضت" الرّوحَ مذ "لَبيت"َ في أَلَقٍ ... من (سورة الكهف)ِ تتلو ذلكَ النّغمَا

و"جمرُها" دمعُها كالنّارِ تقذفهُ ... حتّى استثارَ سعيرّا "يرجُم"ُ الصّنَمَا

وسنّت "السّعي"َ للسّاعين أرمقُها ... بين الظّعون سِراعًا تُطلِقُ القدَما

و"هَديُهَا" طفلةٌ "أجنابها وجَبَتَ" ... على (الكريم) ونبضُ العُمر قد فُطِمَا

وقصّرت بمُدى الأحزان أسعدَها ... لمّا مضيتَ وجرّت بعدكَ السّدمَا

(يا أيّها الحج)ُّ، حجّ الخلقِ كلهِمُ ... قد جاءكَ (البيتُ) نحو الطّف مُحترِما

وأقبلَ (السّعي)ُ في السّاعين يسبقهم ... كيما يقبّل نحرًا بالكفاح همَا

يا كعبةً لم تزل في الطّف شامخةً ... ولونُها الدّمُ قانٍ تُنعشُ الأُمَمَا

يا قبّةً من جمال العرشِ زينتُها ... قد فاقت العرشَ، بل كانت عليه سمَا

يا ميّتًا لم يزل حيًّا مآثرهُ ... تُحيّي النّفوسَ كِرَامًا تعشقُ القِمَمَا

يا ميّتًا لم تزل فينا قيامتُه ... تروي الشّهادةَ دمعًا في الورى ودِما

قد مسّنا الضرُّ قد جئناكَ من فِجَجٍ ... أنتَ (العزيز)، وجئنا نَطرقُ الشِّيَمَا

من كفِّ طفلِكَ تُوفي كَيلَنا (غَدَقًا) ... (على الطّريقَةِ) قد رُمناكَ مُعتَصَمَا

(أنتَ الطّريقةُ) يا حجِّي ويا نُسُكي ... عرَّفتُ عندكَ يا من بالعطاءِ طَمَا

عرَّفتُ عندكَ فاملئ حاجتي كرَمَا ... واستنزل السُّحبَ والأمطارَ والدِّيَما


المُعَرِّف عندك، والمُعَرَّف باسمك، خادمك: عمَّار تيسير الشّهاب