لماذا الأمراض والأوبئة؟ وأين الله من ذلك؟
للإجابة على هذا التّساؤل، نلاحظ النّقاط المركّزة التّاليه باختصار شديد:
1- إن الإنسان مزوّد بالعقل والتّفكير، وله قدرة على تلقّي العلوم وتفريعها، وتطويرها، والاستفادة منها في كلّ جنبات الحياة وميادينها المتشعّبة، وإن قدراته الخلاقة ومواهبه المتدفقة؛ تأهله للاكتشاف والابتكار والاختراع، وسبر العناصر من حوله وتطويعها، وكم من مرض ذاب بين يدي حصافة الإنسان -بإذن الله- كما يذوب الملح على صفحة المحيط، وقد قالوا قديما: الحاجة أم الاختراع! ولا تظهر الكوامن إلا عن طريق المنافسة والتّحديات.
2- يجدر بنا أن لا نغفل أمرا مهمّا غاية الأهميّة؛ وهو أنّ الكائن الإنساني يُشكّل عاملا مهمّا في جنايته على نفسه، فإنّ كثيرا من الأمراض والأوبئة هي إفرازات مترشّحة نتيجة إهماله، وقلّة عنايته بصحته الشخصية، وأسلوبه الغذائي، وسوء تصرّفاته، والسّقوط في أسر شهواته ونزقه وأطماعه، وتنكّبه مسار تشريعات السّماء، وهدي النّبيين والمرسلين.
3- إن قانون الابتلاء الإلهي وفلسفته، واختبار الله لعباده -بحكتمه-؛ ذلك يقتضي وجود مثل هذه الأمراض والأوبئة، لتمحيص النّاس، وتوبتهم، وتوبتهم وتطهيرهم، وإظهار معادنهم، وتنبيههم، ومدى صبرهم وتحمّلهم، وتذكيرهم بعظمة نعم الله جلّت عظمته، ولا تعرف الأشياء إلا بأضدادها!
4- مجازاة الظالمين والمستبدين بالأمراض والأسقام في الدنيا، لإقامة الحجة عليهم، وإلفاتهم، ومعاقبتهم دنيويّا قبل الآخرة، ولاعتبار غيرهم بهم.
5- كما أنّ هذا يشدّ توثيق علائق العباد ببارئهم تعالى، ويرطّب الأجواء مع الرّب، فإن الله يحبّ من العبد أن يناجيه ويضرا له، ويفزع له بحاجاته وطلباته، وأن يطلب منه شفاءه وعافيته مع الأخذ بالأسباب الطبيعيّة والوسائط المتاحة.
ولو أن الإنسان لا يبتلى أو يمرض لتقطّعت أواصره وصلاته بالله عزّ وجلّ، وفي بلائه هذا مصالح معنويّة كبيرة، ومنها أن يشعر المرء بأنه الفقرالمحض أمام الغني المطلق وهو الله سبحانه، وفي الحديث: "لولا ثلاث ما أذلّ رأس ابن آدم شيء: فقر، وموت، ومرض".
عمّار الشّهاب
30/ أبريل/2020