بسم الله الرحمن الرحيم
كتابات في عامها الرابع.. فِكرَةٌ وواقِعٌ وتطلعاتٌ
آمَنَّا دائِمًا بِمحوَريَّةِ الفَقَاهَةِ في صلاح النَّاس وسلامةِ المجتمعات، وطالما حضرت في أذهاننا جواهرُ القصص التي رواها المُحدِّثُ البحراني في لؤلؤة البحرين والشَّيخ البِلادي في أنوار البدرين؛ كقصَّة الثلاثمئة فقيه وقد تواجدوا في مجلس واحدٍ في مسجد المشهد في منطقة الخميس، وكقصَّة الخادم الذي استغنى عنه صاحبه، بل وأخرجه التجَّار من البحرين لأنَّه لم يكن يصلِّي صلاة الليل!
قد يُناقِشُ بعضٌ في مدى صحَّة هذه القصص مِن حيث الوقوع، ولكنَّنا -في ما نحن فيه- نراها أثرًا ثقافيًّا لواقع قائِمٍ بالفعل، ومِنَ الواضح أنَّه واقعُ الفقاهة والعلم، والتدين والالتزام، وهو مُؤيَّدٌ بإرثٍ علميٍّ لعلماء البحرين في غاية المتانة (نوعًا وكيفًا) والغزارة (كمًّا) بالنظر والقياس على جزيرة لا يتجاوز عددُ سُكَّنِها في ذاك الوقت تسعين ألف نَفْسٍ على أكثر التقديرات.
دون القارئ الكريم ما يقوم به ثلَّةٌ طيبةٌ مِن طلبة العلم والعلماء في ميادين تحقيق مخطوطات الكتب العلميَّة البحرانيَّة على أصول وأسس علميَّة متقدِّمة بالرغم من انحسار آفاق التشجيع وضحالة عوامل التحفيز. ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العلي العظيم.
في كُلِّ مرَّةٍ نتأمُّل فيها واقِعَ الحال فإنَّنا ننتهي إلى نتيجة واحِدَةٍ فارِدة، مُحَصَّلُها تساؤلٌ يبعث في النَّفس استغرابًا وتعجُّبًا وحَيرَةً؛ لِمَ هذا التخلُّف العظيم عن الريادة التي كان عليها فقهاء وأعلام أرض البحرين الطاهرة وما أنتجوه مِن عِلمٍ حفظوه في كتبٍ ضُيِّعَت مِن بعدهم.. بل ضيَّعناه. ولم يكتَفِ بعضٌ بما جرى عليها من إهمالٍ وتضييع فزاد بتضعيفها والاستهانة بما فيها، والحقُّ أنَّ كلَّ ذلك غلطٌ أفرزته بواعِثُ غير صحيَّة نُعرِضُ عن الحديث عنها في مقام مقالتنا هذه، وإلَّا فطبيعة الكلام عنها قاسية لاذعة، ومِنَ الصعب أن تكون أقلَّ مِن ذلك..
حَمَلَتْ كِتاباتُ آمالها لبحرين الفقاهة والأدب كما كانت عليه منذ فجر الرسالة وصولًا إلى منعطَفٍ اغْتِلَتْ فيه العَزَائِمُ وطُعِنَتْ الهِمَمُ في خَوَاصِرِها بلا رحمة ولا أدنى شفقة..
نَفَضَتْ هِمَمُ اليوم عن كاهِلِها أترِبَةَ الضعف والانزواء لتمضي عازمةً المُساهمة في حرثِ أرضٍ خصبة لعلَّ النهضةَ المرجوة تحتضنُ أصحابَ البذور الطيبة وتحملهم لينثروا ما حباهم الله تعالى به لتعود جنَّتُنا إلى واقعها وتنبعث الحياةُ في عذاري العلم والفقاهة لتفيض بعذبها ليروي البعيد والقريب.
انتهتْ كِتاباتُ في بعضِ تأمُّلاتِها إلى مجموعة مِنَ العوامل كانت لها أدوارٌ رئيسيَّة في تراجع وتسقيف الحاضرة العلميَّة في البحرين بسقف ظالِمٍ أراد دائِمًا النَّيل مِن شموخِها، فابتنت الرؤيةُ بعد ذاك على الجِدِّ والصدق في تجاوز تلك العوامل ورميها وراء الظهر رميًا يزدريها ويوثِّق استصغار واحتقار كتاباتٍ لها.. فكان القرار بأن تكون كتابات..
- مُستوعِبَةً لكلِّ العلماء وطلبة العلم في البحرين.. إلَّا مَن خرج بدليل خاص، فلا اعتبار البَتَّة لا لتيَّارٍ ولا لتوجُّهٍ ولا لحزبٍ ما دامت الأصول الثلاثة قائمة..
أولها الاستقامة على الوَلاية لأهل البيت (عليهم السَّلام)، وثانيها حُسن السيرة والخُلق، وثالثها العِلم.
- منصَّةً صادِقةً لصوت الحاضرة العلميَّة البحرانية تَحْمِلُهُ مِن قرون مضَتْ لتصل به إلى واقعنا اليوم برجاء أن يكون قِوامًا حقيقيًّا لنهضة الفقاهة وارتفاع رايتها في أرضٍ طالما أولدت رُوادًا لها وخيرةً مِن أعلامها.
- مُسَاهِمَةً ما استطاعت في فتح آفاق التمكُّن العلمي قوَّةً وفِعلًا لأبناء هذه الأرض الطيبة من علماء وطلبة علم، وقد قال أصحاب العزائم والهمم العالية (أنَّ الجَمُوحَ إذا امْتَطَى صَهْوَتَهُ فارِسٌ فَغيرُهُ قَادِرٌ على امتِطَائِهَا).
- نائيَةً بنفسها عن كلِّ ما يُحتَملُ فيه أن يكون مُعطِّلًا أو مُشغِلًا عن مواصلة المسير نحو تطلعاتها العالية.
وممَّا تتطلَّعُ إليه كتابات هو أن يصبِحَ موقِعُهَا الإلكتروني مجلسًا علميًّا يكون لكلِّ عالمٍ وطالبِ علمٍ فيه بابٌ بيده مفتاحه، فيشارك وينشر مشاركاته متى ما شاء، بمعنى أن يكون لكلِّ واحد منهم (رفع الله كلمتهم) كلمةُ مرورٍ خاصَّةٍ بِهِ ليتمكَّن من الدخول لنشر كتاباته وتحريرها بنفسه..
ومِن تطلعاتها أن تتحمَّل نُخبَةٌ مِن طلبة كلِّ الحوزات العلميَّة في البحرين مسؤوليَّة الإدارة التقنيَّة والإعلاميَّة لكاتبات..
وبكلِّ صدقٍ نقول: هذا المشروع لكلِّ طلبة العلم والعلماء في أرض البحرين الطيبة، ولن يُشار أبدًا إلى مُؤسِّسٍ للمشروع أو صاحب فكرته أو ما شابه، لعدم الحاجة إلى مثل ذلك على الإطلاق أصلًا.
وكُلُّ ما نأمله صادقين..
- أن تكون كتابات مشروعًا يتبنَّاه كلُّ عالمٍ وطالبِ علمٍ في البحرين..
- أن لا يتردَّدَ عالِمٌ أو أطالبُ علمٍ في نشر مقالاته وبحوثه وتقريراته ودراساته، وكل ما له صلة بالعلم، والقاعدة الأصيلة هي أنَّ قلمًا لا يقوى ولا تكون له المُكنَةُ المرجوة ما لم يتعرَّض للنقد والمناقشة، بل والإعابة أيضًا.. وهي الشوكة في طريق التكامل والسمو.
- أن نعيَ جيِّدًا بكون النقد والمناقشة مِن أنجع طُرُق التعلُّم والنضج والتكامل، وما لم تُنَاقَشْ الفِكْرَةُ فإنَّها تَضْمُرُ يومًا بعد يوم إلى أن تموت ويطويها النسيان، أو أنَّ صَدْرَ صَاحِبِهَا يَضيقُ عن المُنَاقشة والنقد فيتصلَّبُ ويدافعُ عنها دفاع عصبية وجهل، والنتيجة حينها انزوائها واشمئزاز ذوي الفكر منها.
وما نرجوه في الأيَّام الأولى من عامنا الرابع..
- أن يتفضَّل الأكارم بالكتابة حول ما يرونه وما يتطلعون إليه في كتابات.
- أن يساهموا متفضلين متكرمين بنشر كتابات في الأوساط العلميَّة في بلدنا البحرين.
- الاهتمام بقراءة ما يُنشر في كتابات، وتوجيه أقلام النقد والمناقشة لما يجدون فيه مساحة لذلك.
وختامًا..
نسأل الله العلي القدير التوفيقَ لما فيه الخير والصلاح، والرشادَ والسدادَ لما فيه رضاه جلَّ في عُلاه.
الحمد لله ربِّ العالمين
وصلَّى الله على محمَّد وآله الطيبين الطاهرين.
كتابات
الخميس، 12 من ذي القعدة 1444 للهجرة