الربوبيون هم قسم من أقسام اللادينيين، فهم وإن كانوا يعتقدون بوجود صانع دلت عظمة وإتقان الوجود على عظمته وحكمته إلا أنهم يعتقدون أنه لم يبعث للبشر رسلا ولم يسن لهم دينا وشرائع، وفي المقام إيرادات على الفكر الربوبي:
١- يفضي قول الربوبيين بعدم بعثة الرسل وعدم سن الدين إلى عبثية الصنع والإيجاد معاذ الله، لأن عدم البعثة والسن يبطل التكليف، وحيث لا تكليف فلا حساب، وعدم الحساب يعني عبثية صنع هذا الكون العظيم المتقن، والعبث لا ينسجم مع الحكمة والعظمة اللتين أقر للصانع بهما المذهب الربوبي.
٢- بعثة الرسل هي لطف واجب في الفكر الديني الإسلامي، بل هي أعظم ألطافه تعالى لأن كل نعمه هي دون نعمة النبوة، إذ هي الواسطة بين الخلق والخالق، وهذا اللطف مسلوب عند الربوبيين لعدم اعتقادهم بمطلق البعثة، وهذا الاعتقاد في غاية الإشكال، لأن الصانع العظيم الحكيم الذي يعتقد به الربوبيون لا يتلطف بالأقل أهمية -وهو نعيم الحياة وملذاتها- ويذر الأكثر أهمية وهو الأنبياء والرسل مع علمه بالحاجة الملحة للبشر إلى ذلك، وإذا قيل أن الربوبيين يعتقدون بعدم الحاجة للأنبياء أصلا، قلنا أن إقرارهم بأنفسهم بعدم وصول الإنسان للسعادة المنشودة بعد -كما سيتضح فيما يأتي- يدحض دعوى غنى الإنسان عن الأنبياء.
٣- يعتقد الربوبيون أن الصانع نظم الكون بطريقة تفضي به ذاتيا للوصول إلى الكمال والسعادة، ودون حاجة للاتصال به تعالى عن طريق الوحي، خصوصا مع كون الإنسان مزودا بسلاح العقل، والحقيقة أن هذه الدعوى مدخولة بوضوح، فأي كمال هو الذي وقع عليه المدعى؟ إن قيل أنه الكمال الصناعي والتكنولوجي قلنا أن هذا لم يحقق للإنسان السعادة كما هو مفاد الدعوى، بل جر عليه الويلات والدمار نتيجة لسوء استخدام الإنسان له، وإن قيل أن الكمال المدعى هو غير ذلك فأين هو في واقع البشرية المعاش بعد مضي زمن طويل على الخليقة؟!
صادق القطان
١٠ يوليو ٢٠٢٣م