بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
باسم اللطيفِ ذي الجلالِ المنعمِ
ذي الفضلِ والطّولِ على ابن آدمِ
ولا إله في الوجود غيرُهْ
وإن يكن خيرًا فذاك خيرُهْ
قد أرسل المبعوث بالهدايةْ
مُبشرًا ومنذرَ الغوايةْ
مَنْ أمر الأنام بالتآخي
فبادروه دونما تراخِ
عليه صلى الله كل حِينِ
وآلِه مَناهِج اليقِينِ
وبعد فالعبد لربه حَسَن
مولى بني الرسولِ سادة الزمَن
يقول ذي أرجوزةُ الإخوانِ
سميتها بدرّةٍ الزمانِ
إجابة للسيد التقيِّ
محمدٍ ذي الشرفِ النّقِي
نظمتُ فيها ما روى الأصحابُ
عسى بصوبِ خيرها نُصابُ
أصناف الإخوان
فاعلم بأن جملة الإخوانِ
عند أميرنا هما صنفانِ
وأول الصنفين إخوان الثقةْ
فاظفر بهم فإنهم أهل المِقَةْ
كالكفِّ والجناحِ والأهلِ همُ
والمالِ فاحفظ ما تُصيب منهمُ
وابذلْ له مالك بل كُلَّ يدِكْ
فهو أخٌ تحلُّه في عضدِكْ
وصافِ من صافاه، واكتم سرَّهُ
وعادِ من عاداه، واحفظ امرَهُ
فمثله الكبريتُ بل أقلُّ
أعزُّ إخوانِكَ بل أجلُّ
وثاني الصنفين ذو المكاشرَةْ
تُصيبُ منه لَذّةَ المعاشرةْ
وما أصبت منهمُ فلا تدعْ
واحفظهم عليك من دون طمَعْ
وابذل لهم ما بذلوا وأنعِمِ
طلاقةَ الوجهِ وحُسنَ الكلِمِ
حدود الإخوة
وللصديق في الكمالِ حدُّ
من دونه في الصدق لا يُعدُّ
باطنه وسرُّه كظاهره
وجهره بالقول مثلُ ساتِرِه
وأن يرى زينك فيه زينَه
كما يرى شينك فيه شينَه
وليس للمالِ به تأثيرُ
ولا لوِلْدٍ ثانيًا يصيرُ
وليس للمقدور منه يحرمُكْ
ولا إلى النَّكْبَاتِ يومًا يُسْلِمُكْ
وهذه الحدودُ حدُّ الكاملِ
يُنسب للكمال غيرُ الجاهِلِ
اتخاذ الإخوان
أخوكَ للجنة طه قد شَرَطْ
لا تُدْخَلِ الجنَّةُ من غَيْرِ فَرَطْ
اجتماع الإخوان ومحادثتهم
إنَّ لُقى الإخوانِ مغنَمٌ جَلَلْ
وراحةُ المؤمن من غير كَلَلْ
إحياءُ أمر الآل في التلاقي
واهًا لمجلسٍ بلا افتراقِ
وقد روينا مسندًا عن خيثمةْ
عن جعفر الصادق خيرَ مكرُمَةْ
إمامنا يبلغكم سلامَه
طوبى فهذي نِعمتِ الكرامةْ
يُوصيكم المولى بتقوى اللهِ
إن التُّقى أعظمُ كُلِّ جَاهِ
ثُمَّ لْيَعُدْ غنِّيُّكم فقيرَكمْ
كما يعودُ ذو القوى ضعيفَكُمْ
وليشهدِ الأحياءُ مَن منكم بقى
جنايزَ الإخوان أصحابِ التُّقى
ثُمّ التلاقي فهو رأس المالِ
ففي اللُّقى حياة أمرِ الآلِ
ألا اتقوا الله وكونوا بررةْ
إخوان ودٍّ في جنانٍ نَضِرَةْ
تزاوروا تذاكروا وأحيوا
فأيُّ أجركم يُعدُّ أيُّ؟!
فإن من زار أخًا في الله
يُعدّ من زُوَّار عرشِ اللهِ
مواساة الإخوان بعضهم بعضا
بخصلتين شيعةَ الآلِ اختبِرْ
إن لم تكونا فيهمُ اعزُب واعتَجِرْ
محافظًا دومًا على صلاتِهْ
في وقتها فتلك من صفاتِهْ
وأن يُواسي إخوةَ الإيمانِ
وإن قليلا دونما توانِ
فما أصبتَ عُد به على الأُلى
آخيتَ من أهل السداد والعُلى
فدرهمًا تُعطي أخًا أحبُّ
من مائةٍ في الصدقاتِ تربو
وأكلةٌ يُمْرِؤها في الحَلْقِ
أحبُّ من عَتقٍ رقابِ الخلْقِ
حقوق الإخوان بعضهم على بعض
ومن حقوق الأخِ في الإسلام
تسميتُه والبُشر في السَّلامِ
وإن دَعاكَ دعوةً أجبتَهْ
وفي السِّقَامِ إن غدا أتَيتَهْ
أنصِفه من نفسك دون ضعضعَةْ
وإن قضى نحبًا تكُن مُشيِّعَهْ
ولستَ أنتَ مُؤثِرًا بمالِكْ
إن نصفَه أعطيتَ من نوالِكْ
وأيسرُ الحقوق ليس ترضى
له سوى الذي إليكَ ترضى
وحقُّه منك اجتنابُ السَّخَطِ
وطاعةُ الأمرِ وبُعْدُ الفَرَطِ
بالمالِ والجارِحِ واللِّسانِ
أعِنْ أخاكَ طينةَ الجِنَانِ
وحقُّه ألا يُصبْكَ التَّرَفُ
وهو من الفقرِ بذُلٍّ يَقِفُ
وأن تكونَ عينَه دليلَهْ
مرآتَه قميصَه وذَيْلَهْ
وحقُّه عليك بَرُّ القَسَمِ
مُبتدِئًا عليهِ جرْيَ النِّعَمِ
تميط عنه كُلَّ ما يؤذيهِ
وتُرفع الزاد لحيثُ فِيهِ
فإنها ولاية وثيقةْ
بينكما موصولةٌ عتيقَةْ
خاتمة
وقد بلغنَا غايةَ الكلامِ
فالحمدُ لله على التَّمامِ
بثاني الربيع في البحرَينِ
و(غُتمة) الدهر على الحُسَينِ
وأفضلُ الصلاة والسّلامِ
ورحمةُ الله على الدوامِ
على النبي المصطفى مُحمَّدْ
وآله ذوي العُلا والسُّؤدَدْ
الأحد ٢ ربيع الأول ١٤٤٥هـ
١٨ سبتمبر ٢٠٢٣م