آداب السفر
الأوقات المناسبة للسفر
تتعرض بعض الروايات إلى ذكر الأوقات التي ينبغي السفر فيها والتي لا ينبغي، ولا بأس بأن يلتزم الإنسان بها ما دام ذلك في دائرة اختياره وتمكّنه-بغض النظر عن صحة وسلامة هذه الروايات ومدى اعتماد الفقهاء عليها-، دون أن نعني بذلك تعطّل برامج ونشاطات الإنسان على ذلك، إذ يمكن للشخص -على فرض اختياره للوقت النّحس- أن يدفع صدقة يدفع بها شر ونحوسة ذلك اليوم؛ لقول الإمام الصادق (عليه السَّلام): "افتتح سفرك بالصدقة، واخرج إذا بدا لك، فإنك تشتري سلامة سفرك".
وأوقات الأسبوع التي ورد استحباب السفر فيها هي كما يلي:
– يوم السبت وليلته لما ورد: "فلو أن حجرا زال عن جبل في يوم سبت لرده الله عز وجل إلى مكانه".
– يوم الثلاثاء وليلته لما ورد: "اطلبوا الحوائج يوم الثلاثاء، فإنه اليوم الَّذِي ألآن الله فيه الحديد لداود ((عليه السَّلام))".
– يوم الخميس وليلته لما ورد: "يوم الخميس يحبّه الله وملائكته ورسوله".
– ليلة الجمعة لما ورد: "لا بأس بالخروج في السفر ليلة الجمعة".
والأوقات التي وردت كراهة السفر فيها هي:
– يوم الأحد وليلته لما ورد: "احذروا حدّ الأحد، فإنّ له حدا مثل حدّ السيف".
– يوم الاثنين وليلته لما ورد: "وما من يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين يوم مات فيه رسول الله (صلَّى الله عليه وآله).. إلا أن يقرأ في صلاة الصبح سورة الإنسان".
– يوم الأربعاء وليلته خصوصا في آخر الشهر لما ورد: "توقوا يوم الأربعاء فإنه يوم نحس مستمر" "آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر".
– يوم الجمعة قبل صلاة الجمعة لما ورد: "يوم الجمعة يوم عبادة فتعبدوا الله عز وجل فيه".
*********************************
آداب السفر للحج وما ينبغي للحاج أن يتصف به في سفره
وهي أمور كثيرة نذكر أهمها:
أولاً: الاستخارة، والمراد بها هنا الدعاء، وذلك بأن يدعو الإنسان ربّه أن يقدّر له الخير و يجعله فيما يريد الإقدام عليه أو الإحجام عنه، وأخصر دعاء لذلك أن يقول: "أستخير الله برحمته خيرة في عافية" ثلاث مرات، أو سبعاً، أو عشراً، أو خمسين، أو سبعين، والأفضل أن يكون ذلك بعد ركعتين للاستخارة أو في سجدة بعد الفريضة. وهذا النوع من الاستخارة – كما ذكر في العروة – هو الأصل فيها، للأمر به في روايات كثيرة، وأنّه: "من دخل في أمر بغير استخارة ثمّ ابتلي لم يؤجر"، وفي خبر آخر: "ما استخار الله عبد مؤمن إلا خار له وإن وقع ما يكره".
ثانيًا: إعلام إخوانه المؤمنين بالسفر، فعن النبي (صلَّى الله عله وآله): "حق على المسلم إذا أراد سفراً أن يعلم إخوانه وحق على إخوانه إذا قدم أن يأتوه".
ثالثًا: الوصية عند الخروج خصوصاً بالحقوق الواجبة، ففي الخبر عن الإمام الصادق (عليه السَّلام) أنّه قال: "من ركب راحلة فليوص" "الوسائل11/369".
رابعًا: التصدق بما تيسر، عند افتتاح السفر، لتشتري السلامة من الله بها، ويستحب عند التصدق قول هذا الدعاء: "اللهم إنّي اشتريت بهذه الصدقة سلامة سفري، اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي، وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل". وتتأكد الصدقة إذا صادف السفر بعض الأيام المنهي عن السفر فيها كيوم الاثنين والأربعاء، فإنّ الصدقة تدفع البلاء إن شاء الله تعالى، وقد ورد عن الصادق (عليه السَّلام): "تصدق واخرج أيّ يوم شئت".
خامسًا: التخلق بالأخلاق الفاضلة مع الناس، خصوصاً وأنّ الحاجّ سوف يفد على الله تعالى ويدخل في ضيافته، فيتأكد عليه أن يتخلق بأخلاق الله تعالى ويتأدب بآداب رسوله الأعظم وأوليائه المعصومين عليهم السلام، ونؤكد هنا على أهمية سعة الصدر في السفر وتحمل الآخرين والصبر عليهم ، والتعامل معهم برفق ولين وتقديم الإحسان إليهم، وإسماعهم الكلام الطيب والمفيد، وتجنب سوء الظن بهم أو التكبر عليهم، فإنّ الحج موسم لتلاقي المؤمنين، وتوثيق علاقة الأخوة والمودة والتعاون والتقارب فيما بينهم، لا انّه موسم للتنازع والتخاصم والتهاجر.
فعن الإمام الباقر (عليه السَّلام): "ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: خلق يخالق به من صحبه، أو حلم يملك به غضبه، أو ورع يحجزه عن معاصي الله"، وعن الإمام الصادق ((عليه السَّلام)): "وطّن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت في حسن خلقك، وكفّ لسانك، واكظم غيظك، وأقل لغوك، وتفرش عفوك، وتسخو نفسك". (الوسائل 12/9).
سادساً: احتساب السفر إلى الحج من سفر الآخرة، كما حكى الله تعالى عن إبراهيم الخليل (عليه السَّلام): "إنّي مهاجر إلى ربي إنّه هو العزيز الحكيم" (العنكبوت 26) ويكون ذلك – كما قال في العروة – بالمحافظة على تصحيح النية، وإخلاص السريرة، وأداء حقيقة القربة، والتجنب عن الرياء، والتجرد عن حبّ المدح والثناء.
*********************************
بعض ما يستحب لمن عزم على السفر أن يقوم به
ذكروا للسفر آداباً ومستحبات يترجح مراعاتها والقيامُ بها كلاً أو بعضاً لكونها مستحبة في ذاتها ولكونها منطلقاً لتحصيل العناية الإلهية والرحمة السماوية التي تمهد سبيل النجاح في نيل الغاية التي سافر من أجلها وتزيل الحواجز والعقبات التي قد تعترض سبيل نجاحه ونيل أمنيته.
وهذه المستحبات كثيرة سأقتصر على ذكر بعضها وهو الأهم وهي كما يلي: على ضوء ما ورد في الجزء الأول من مفتاح الجنات للمرحوم السيد الأمين (قده) وما ورد في مفاتيح الجنان للمرحوم القمي (قده) والأكثر منقول من الأول.
1/ منها: استحباب قراءة الدعاء التالي عند إرادة السفر: "اللهم بك يصول الصائل وبقدرتك يطول الطائل ولا حول لكل ذي حول إلا بك ولا قوة يمتارها ذو قوة إلا منك بصفوتك من خلقك وخيرتك من بريتك محمد نبيك وعترته وسلالته عليه وعليهم السلام صل عليهم واكفني شر هذا اليوم وضره وارزقني خيَره ويُمنه واقضِ لي في مُتصرفاتي بحسن العاقبة ونيل المحبة والظفر بالأمنية وكفاية الطاغية وكل ذي قدرة على أذية حتى أكون في جُنة وعِصمة من كل بلاء ونقمة وأبدلني فيه من المخاوف أمناً ومن العوائق يُسراً حتى لا يصدني صادّ عن المراد ولا يحلّ بي طارق من أذى العباد إنك على كل شيء قدير والأمور إليك تصير يا من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير".
2/ ومنها: استحباب أن يختار الرفقة الملائمة من الثلاثة فصاعداً ويكره أن يسافر وحده، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شر الناس من سافر وحده ومنع رفده وضرب عبده.
وإذا اضطر للسفر وحده فليقل: "ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهم آنس وحشتي وأعني على وحدتي وأد غيبتي".
3/ ومنها: استحباب أن يُوصي والوصية بصورة عامة قسمان:
الأول الوصية الواجبة:
وهي التي يتوقف عليها تأدية واجب مالي كديون الناس ومنها الحقوق الشرعية المتعلقة بماله أو الثابتة في ذمته ويُلحق بها الحج إذا كان وجوبه مستقراً في ذمته بسبب استطاعته سابقاً مع تسامحه في تأديته في سنة الاستطاعة.
ومثل الواجب المالي- الواجب البدني كالصلاة والصوم ونحوهما من الواجبات البدنية إذا توقفت تأديتها على الإيصاء بها.
والقسم الثاني من الوصية:
هو المستحب بالنسبة إلى الأمور المستحبة.
4/ ومن مستحبات السفر التقاط خمس حصيات بعدد أولي العزم وذلك من أجل أن تكون معه في سفره وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ونبينا محمّد بن عبد الله (صلَّى الله عليهم أجمعين).
5/ ومنها: صلاة ركعتين عند إرادة السفر ويقول بعدهما: "اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي".
6/ ومنها: أن يجمع عياله عند إرادة السفر في بيت ثم يقول: "اللهم إني أستودعك الساعة نفسي وأهلي ومالي وديني وذريتي ودنياي وآخرتي اللهم احفظ الشاهد منا والغائب اللهم احفظنا واحفظ علينا اللهم اجعلنا في جوارك اللهم لا تسلبنا نعمتك ولا تغير ما بنا من عافيتك وفضلك".
ثم يقول: "مولاي انقطع الرجاء إلا منك وخابت الآمال إلا فيك أسألك إلهي بحق من حقه واجب عليك ممن جعلتَ له الحق عندك- أن تصلي على محمّد وآل محمّد وأن تقضي حاجتي".
ثم يقول: "محمّد أمامي وعلي ورائي وفاطمة فوق رأسي والحسن عن يميني والحسين عن يساري وعلي ومحمّد وجعفر وموسى وعلي ومحمّد وعلي والحسن والحجة عليهم السلام حولي".
"إلهي ما خلقت خلقاً خيراً منهم فاجعل صلاتي بهم مقبولة ودعواتي بهم مستجابة وحوائجي بهم مقضية وذنوبي بهم مغفورة وآفاتي بهم مدفوعة وأعدائي بهم مقهورة ورزقي بهم مبسوطاً".
ثم يقول: "اللهم صلى على محمّد وآل محمّد ثلاث مرات وبعدها يقول: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أريد سفراً فخر لي وأوضح لي فيه سبيل الرأي وفهمنيه وافتح لي عزمي بالاستقامة واشملني في سفري بالسلامة وأوفد لي جزيل الحظ والكرامة وأكلأنَي فيه بحريز الحفظ والحراسة برحمتك يا أرحم الراحمين بحق محمّد وآله الطاهرين"[1].
7/ ومنها: استحباب أن يفتتح سفره بالصدقة قائلاً: "اللهم إني اشتريت بهذه الصدقة سلامتي وسلامة ما معي اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل".
8/ ومنها: "استحباب إعلام اخوانه وجيرانه بسفره فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حق على المسلم إذا أراد سفراً أن يعلم إخوانه وحق على إخوانه إذا قدم أن يأتوه"[2].
وبمناسبة ذكر هذا المستحب أحب أن أذكر نصيحة وتنبيهاً يتعلق بما جرت العادة عليه لدى الكثيرين عندما يعزمون على السفر- من طلب أحدهم المسامحة ممن كان قد ذكره بسوء أو صدر منه عمل مضر به وهو غير مطلع عليه.
والنصيحة الأخوية التي أحب تقديمها في هذا المجال هي ترجيح ترك طلب المسامحة من ذلك إذا لم يكن الشخص الآخر مسبوقاً به بل يكفيه الاقتصار على الاستغفار له ولنفسه والتوبة لله سبحانه من تلك الخطيئة وذلك لأن إخباره بما صدر منه ضده من قول مثير أو عمل مضر يبعث في نفس الطرف المقابل الانفعال منه وقد يؤدي إلى العداوة والبغضاء والله سبحانه لم يحرم نقل الكلام المثير من شخص إلى مَن قيل في حقه- وهو المسمى بالنميمة إلا لأنه يؤدي إلى الخصومة والشحناء مع أن الملحوظ في الغالب عدم حصول المسامحة المطلوبة وإن حصلت فباللسان فقط خجلاً لا من القلب سماحاً وتسامحاً- وقد يصرح بعضهم بعدم المسامحة مع إعلان الموقف السلبي ضد من ذكره بسوء أو سبب له ضرراً مادياً أو معنوياً وغفلة الكثيرين عن هذه النتيجة السلبية واعتقادهم بلزوم طلب المسامحة هو الذي يوقعهم في المحذور المذكور ولذلك اقتضت المصلحة التنبيه على مرجوحية العادة المذكورة ورجحان تبديلها بالاستغفار فهي كفارة للذاكر بالسوء أو مسبب الضرر لغيره كما أنها دعاء لذلك الغير بالمغفرة والرضوان.
9/ ويستحب للمسافر أن يدعو بما يلي: "اللهم افتح لي في وجهي بخير واختم لي بخير وأعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ذرأ ومن شر ما برأ ومن شر كل دابة هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم- اللهم خل سبيلنا وأحسن سيرنا وأعظم غايتنا".
فإذا وضع رجله في الركاب أو في العربة أو نحوها فليقل: "بسم الله الرحمن الرحيم: بسم الله وبالله والله أكبر"
ثم يقول: "سبحان الله سبعاً ولا إله إلا الله سبعاً الحمد لله سبعاً"
فإذا علا الدابة أو نحوها فليقل: "الحمد لله الذي كرمنا وحملنا في البر والبحر ورزقنا من الطيبات وفضلنا على كثير من خلقه تفضيلاً سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين".
"الحمد لله الذي هدانا للإسلام وعلمنا القرآن ومنَّ علينا بمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم".
10/ ويستحب للمسافر أن يقول وهو سائر: اللهم خل سبيلنا وأحسن مسيرنا وأحسن عاقبتنا- وأن يكثر من التكبير والتحميد والاستغفار.
11/ ويستحب تشييع المسافر وتوديعه والدعاء له وأن يُقرأ في أذنه قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرءانَ لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ"[3] إن شاء الله، ثم يقول: "سر على بركة الله"[4].
12/ ويُستحب أيضاً الدعاء التالي للمسافر وغيره ويتأكد في حق الأول وهو المروي عن الإمام زين العابدين حيث رُوي عنه قوله (عليه السَّلام): "لا أبالي إذا قلتُ هذه الكلمات أن لو اجتمع علي الجن والإنس وهي بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وفي سبيل الله اللهم إني إليك أسلمتُ نفسي وإليك وجهت وجهي وإليك فوضت أمري فاحفظني بحفظ الإيمان من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومِن فوقي ومن تحتي وادفع عني بحولك وقوتك فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
13/ وذكر في المفاتيح أنه يستحب للمسافر في طريق الحج أن يساعد أصحابه في السفر ولا يُحجم عن السعي في حوائجهم كي ينفس الله عنه ثلاثاً وسبعين كربة ويجيره في الدنيا من الهم والغم ويُنفس كربه العظيم يوم القيامة.
وروي أن الإمام زين العابدين كان لا يسافر إلا مع رفقة لا يعرفونه ليخدمهم في الطريق لأنهم لو عرفوه لمنعوه من ذلك.
ومن الأخلاق الكريمة للرسول الأعظم (صلَّى الله عليه وآله وسلم) أنه كان مع صحابته في بعض الأسفار فأرادوا ذبح شاة يقتاتون بها فقال أحدهم علي ذبحها وقال آخر علي سلخ جلدها وقال ثالث علي طبخها فقال صلى الله عليه وآله وسلم وأنا علي الاحتطاب فقالوا يا رسول الله نحن نعمل ذلك فأجاب أنا أعلم أنكم تعملونه، ولكن لا يسرني أن أمتاز عليكم إن الله يكره أن يرى عبده قد فضل نفسه على أصحابه.
14/ ومن المستحبات المطلقة للمسافر وخصوصاً مع رفاقه في طريق سفره وعلى الأخص إذا كان لزيارة بيت الله الحرام- أن يحسن أخلاقه وأن يتزين بالحلم.
15/ ويستحب للمسافر إذا أشرف على قرية يريد دخولها أن يدعو بما يلي: "اللهم ربَّ السموات السبع وما أظلت ورب الأرضين السبع وما أقلت ورب الشياطين وما أضلت ورب الرياح وما ذرت ورب البحار وما جرت: إني أسألك خير هذه القرية وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها- اللهم يسر لي ما كان فيها من خير ووفق لي ما كان فيها من يسر وأعني على حاجتي يا قاضي الحاجات ويا مجيب الدعوات أدخلني مُدخل صدق وأخرجني مُخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً".
وإذا خاف سبُعاً أو هامة من هوام الأرض أو غير ذلك فليقل في ذلك المكان: "يا ذاريء ما في الأرض كلها بعلمه بعلمك يكون ما يكون مما ذرأت- لك السلطان على ما ذرأت ولك السلطان القاهر على كل شيء من كل شيء يضر من سبع أو هامة أو عارض من سائر الدواب بفطرته إدرأها عني واحجزها ولا تسلطها علي واحفظني من شرها وبأسها يا ألله يا ذا العلم العظيم حُطني واحفظني بحفظك من مخاوفي يا رحيم. فإذا قال ذلك لا تضره دواب الأرض التي تُرى والتي لا تُرى إن شاء الله تعالى".
ومن خاف كيد الأعداء واللصوص فليقل في ذلك المكان الذي خاف ذلك فيه: "يا أَخذاً بنواصي خلقه والشافع بها إلى قدرته والمنفذ فيها حكمه وخالقها وجاعل قضائه لها غالباً وكلهم ضعيف عند غلبته وثقتُ بك سيدي عند قوتهم إني مكيد لضعفي ولقوتك على من كادني تعرضتُ فسلمني منهم".
"اللهم إن حلتَ بيني وبينهم فذلك أرجوه منك وإن أسلمتني إليهم غيروا ما بي من نعمك يا خير المنعمين صلى على محمّد وآل محمّد ولا تجعل تغيير نعمك على يد أحد سواك ولا تغير أنتَ ما بي فقد ترى الذي يُراد بي فحُل بيني وبين شرهم بحق من تستجيب الدعاء به يا الله رب العالمين".
فإذا قال ذلك نصره الله على أعدائه.
ومن كان غائباً وأراد أن يؤديه الله سالماً مع قضاء حاجته فليقل في غربته: "يا جامعاً بين أهل الجنة على تآلف وشدة تواجد في المحبة ويا جامعاً بين طاعته وبين من خلقه لها ويا مفرجاً عن كل محزون ويا موئل كل غريب ويا راحمي في غربتي بحسن الحفظ والكلاءة والمعونة لي ويا مفرج ما بي من الضيق والحزن بالجمع بيني وبين أحبتي ويا مؤلفاً بين الأحباء لا تفجعني بانقطاع أوبة أهلي وولدي عني ولا تفجع أهلي بانقطاع أوبتي عنهم بكل مسائلك أدعوك فاستجب لي فذلك دعائي فارحمني يا أرحم الراحمين".
وإذا نزل في منزل فليقل: "رب أنزلني منزلاً مُباركاً وأنت خير المنزلين"، ثم يصلي ركعتين ويقول: "اللهم احفظني واكلأني"
وليودع الموضع وأهله فإن لكل موضع أهلاً من الملائكة فيقول: "السلام على ملائكة الله الحافظين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ورحمة الله وبركاته"[5].
والمستحب الأهم الذي يتمم غيره من مستحبات المسافر وغيره من المنطلقين في درب الرسالة هو ما روي عن الإمام الصادق من قوله (عليه السَّلام): "ما يُعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم تكن فيه ثلاث خصال خُلُقٌ يخالق به من صحبه وحلم يملك به غضبه وورع يحجزه عن معاصي الله تعالى".
وهذه الخصال الثلاث وإن كانت ثوباً معنوياً يحتاج المؤمن لأن يتجمل به في كل زمان ومكان ومع أي إنسان كما يحتاج لأن يتجمل بالثوب المادي في أغلب الأحوال- إلا أن الحاجة إلى التجمل بها تكون أشد وأمسَّ بالنسبة إلى من يسافر في طريق زيارة بيت الله الحرام وذلك بسبب بعد المسافة وزيادة المشقة التي يعاني منها أكثر المسافرين مع الصعوبة الذاتية الحاصلة لمن يؤدي مناسك الحج وخصوصاً في حالي الرمي والطواف نتيجة الازدحام الشديد.
كل هذه الخصوصيات تجعل المسافر في هذا السبيل على حالة استثنائية صعبة جداً تسبب له ضيقاً في صدره وسرعة انفعال لأي حادث يحصل على خلاف طبعه. وهنا يأتي دور حسن الخلق الذي يدفع صاحبه لأن يعاشرَ من صحبه في طريق الحج أو غيره بالمجاملة والمعروف فلا يصدر منه تصرف بالقول أو بالفعل يكون مثيراً لعاطفة غيره- وإذا صدرت من الغير ما يثير بطبعه فهو يقابله برحابه صدر وقوة صبر انطلاقاً من قوله تعالى: "وَالكَاظِمِينَ الْغَيظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"[6].
وحيث إن المسافر في طريق الحج يُعتبر في واقعه مسافراً إلى دار رحمة الله ومغفرته ليكفر سيئاته ويضاعف حسناته. والمتوقع ممن يكون سفره لهذه الغاية- أن يكون على حالة انقطاع لله سبحانه بالتوبة والإنابة إليه سبحانه بالاستقامة في خط التقوى والبعد عن كل ما يبعده عن رحمة الله ومغفرته وذلك يتمثل بالتجمل بالخصال الثلاث المذكورة.
فحسن الخلق يدعوه لأن يجامل الآخرين فلا يصدر منه ما يثيرهم وإذا صدر منهم ما يثيره عالجه بالحلم والصبر الجميل وإذا دفعته نفسه لأن يميل مع الهوى يميناً أو شمالاً تأتي صفة الورع لتمنعه من الانحراف وتثبت قدميه على صراط الحق القويم ونهجه المستقيم.
*********************************
آداب الاستعداد للسفر إلى حج بيت الله الحرام
1/ يعلم الإنسان المسلم أن الحج واجب عليه يجب أن يؤديه فيسعى إلى الاستعداد للسفر للحج إذا كان مستطيعاً لذلك.
2/ يحاول أن يتعلّم من الآخرين الأعمال التي يجب أن يؤديها الحاج ويسأل حتى عن الطريق.
3/ يأخذ معه ما يحتاجه في سفره.
4/ يحاول أن يوجه نفسه إلى عظمة هذا الواجب والذي فيه رضا الله عز وجل.
5/ يسافر مع من يثق بهم وأهل التقوى والورع ويكون متعاوناً لطيفاً مع من معه في سفره.
آداب الحاج المثالي:
1/ يفكر دائما في كيفية الاستفادة من أيام وجوده في الأماكن المقدسة فيستغل أوقاته بالدعاء والتوسل والمناجاة والصلاة وعمل المستحبات.
2/ يتجنب فعل أي عمل حرام حياءً وخوفاً من الله عز وجل. لأنه ضيف عند الله عز وجل والضيف لا يفعل شيء يغضب صاحب البيت.
3/ إن كان مع مجموعة من المؤمنين لا يترك صلاة الجماعة معهم لما فيها من الثواب ويشارك في مجالس الوعظ والإرشاد.
4/ يكون عنصراً فعالاً ومتعاوناً مع مرافقيه في السفر فلا يتكاسل عن العمل معهم في كل شيء يسأل عن أي شيء لا يعرفه خصوصا ما يتعلق بأعمال حجه.
*********************************
المستحبات عند بدء السفر
1/ ما يقرأ عند باب الدار: إذا خرج الإنسان للسفر قام على باب داره وقرأ الفاتحة أمامه وعن يمينه وعن شماله، والمعوذتين أمامه وعن يمينه وعن شماله، وقل هو الله أحد أمامه وعن يمينه وعن شماله، وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله.
ويدعو بهذا الدعاء: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعَثاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ المُنْقَلَبِ وَسُوءِ المَنْظَرِ في الأهْلِ وَالمالِ وَالوَلَدِ في الدُّنْيا وَالآخِرةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ في سَفَرِي هَذَا السُّرُورَ وَالعَمَلَ بِمَا يُرْضِيكَ عَنِّي، اللَّهُمَّ اقْطَعْ عَنِّي بُعْدَهُ وَمَشَقَّتَهُ وَاصْحَبْنِي فِيهِ، وَاخْلُفْنِي في أَهْلِي بِخَيْرٍ.
اللهُ أكبرُ "ثلاثا"، بِاللهِ أَخْرُجُ، وَبِاللهِ أَدْخُلُ، وَعَلَى اللهِ أَتَوَكَّلُ "ثلاث مرات"، اللَّهُمَّ افتَحْ لِي في وَجْهِي هَذَا بِخَيرٍ، وَاخْتِمْ لِي بِخَيْرٍ، وَقِنِي شَرَّ كُلِّ دَابَةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
اللَّهُمَّ احفَظنِي وَاحفَظْ مَا مَعِي، وَسَلِّمْنِي وَسَلِّمْ مَا مَعِي، وَبَلِّغْنِي وَبَلِّغْ مَا مَعِي بِبَلاغِكَ الحَسَنِ الجَمِيلِ. أَعُوذُ بِاللهِ مِمَّا عَاذَتْ مِنْهُ مَلائِكَةُ اللهِ، وَمِنْ شَرِّ هَذَا اليَوم، وَمِنْ شَرِّ الشَّيَاطِينَ، وَمِنْ شَرِّ مَن نَصَبَ لأولِيَاءِ اللهِ، وَمِنْ شَرِّ الجِنِّ وَالإِنْسِ، وَمِنْ شَرِّ السِّبَاعِ وَالهَوَامِ، وَشَرِّ رُكُوبِ المَحَارِمِ كُلِّهَا، أُجِيرُ نَفْسِي بِاللهِ مِنْ كُلِّ شَرٍّ".
2/ التصّدق: يستحب أن يقدم المسافر أمام سفره صدقة، قلّت أو كثُرت، يشتري بها سلامته. ويدعو بهذا الدعاء عند إخراجها في راحة يده: "يَا مَنْ يَدْفَعُ بِالصَدَقَةِ وَالدُّعَاءِ مِنْ أَعْنَانِ السَّمَاءِ مَا حَتَمَ وَابْرَمَ مِنْ سُوءِ القَضَاءِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَادْفَعْ بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ وَالدُّعَاءِ مَا حَتَمْتَ وَأَبْرَمْتَ مِنْ سُوءِ القَضَاءِ، وَسَائِرَ أنْوَاعِ البَّلاءِ، وَشَمَاتَةَ الحُسَّادِ وَالأَعْدَاءِ، وَافْتَحْ عَلَينَا بِهَا مَا أَنْتَ أَهْلُهُ مِنْ طُوْلِ البَّقَاءِ وَالنَّعْمَاءِ وَالآلاءِ وَالشِّفَاءِ وَالدَّوَاءِ، وَبُلُوغِ الرَّجَاءِ وَإِجَابَةِ الدُّعَاءِ، بِرَحمَتِكَ يَا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ إِنِّي اشتَرَيتُ بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ سَلامَتِي وَسَلامَةَ سَفَرِي وَمَا مَعِي، اللَّهُمَّ احفَظْنِي وَاحفَظْ مَا مَعِي وَسَلِّمْنِي وَسَلِّمْ مَا مَعِي وَبَلِّغْنِي وَبَلِّغْ مَا مَعِي بِبَلاغِكَ الجَمِيلِ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلتَ لِقَوْمٍ يَتَصَدَّقُونَ “وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ”، وَقَدْ عَلِمْتَ يَا اللهُ مَا جَرَى في الإِسْلامِ مِن اختِلاطِ الحَلالِ بِالحَرَامِ، فَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَنْ يَعُزُّ عَلَيْكَ، وَبِجَمِيعِ الوَسَائِلِ إِلَيكَ، أَنْ تُطَهِّرَ هَذَا مِنَ الأدْنَاسِ وَحُقُوقِ النَّاسِ وَالمُحَرَّمَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَتُصَالِحَ عَنِّي أَصْحَابَهُ مِنَ الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ، حَتَّى يَصِيرَ طَاهِرًا، يَصْلُحُ للصَّدَقَةِ بِينَ يَدَيكَ، وَعَرْضِهِ عَلَيكَ، وَالتَّقَرُبِ بِهِ إِلَيكَ.
إِنَّ هَذِهِ لَكَ وَمِنكَ وَهِيَ صَدَقَةٌ عَنْ مَوْلانَا صَاحِبِ العَصْرِ وَالزَّمَانِ -صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ- وَبَينَ يَدَيّ أَسْفَارِهِ وَحَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ في سَاعَاتِ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ، وَصَدَقَةٌ عَمَّنْ يُعِنِيهِ أَمْرُهُ، وَصَدَقَةٌ عَنِّي وَعَنْ ذُرِّيَتِي وَأَهْلِ عِنَايَتِي وَصُحْبَتِي وَمَا أَخْلِفُهُ، وَبَينَ يَدَيّ حَرَكَاتِي وَسَكَنَاتِي في سَاعَاتِ سَفَرِي بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ، لِتَكْفِيَهُ وَتَكْفِيَنَا بِهَا كُلَّ خَطَرٍ، مَا بَطَنَ وَمَا ظَهَرَ، وَتَفْتَحْ بِهَا -عَلَيهِ وَعَلَينَا- أَبْوَابَ المَسَارِ وَطُولَ الأَعمَارِ وَالانتِصَارِ، وَتُلهِمَنَا مَا فِيهِ رِضَاكَ، وَالدُّخُولَ في حِمَاكَ، وَالأَمَانَ في الدُنيَا وَيَومَ نَلقَاكَ، وَمَا فِيهِ كَمَالُ سَلامَتِنَا وَسَعَادَتِنَا في دُنيَانَا وَآخِرَتِنَا. اللَّهُمَّ فَتَلقَّاهَا بِالقَبُولِ، وَنَجَاحِ المَسؤُولِ، وَبُلُوغِ المَأمُولِ، بِرَحمَتِكَ يَا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ"
ثم تدفعها وتقرأ بعد ذلك هذا الدعاء: "لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ الحَلِيمُ الكَرِيمُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ العَلِيُّ العَظِيمُ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الأرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَينَهُنَّ وَمَا تَحتَهُنَّ وَرَبِّ العَرْشِ العَظِيمِ، وَسَلامٌ عَلَى المُرسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، اللَّهُمَّ كُنْ لِي جَارًا مِن كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَمِنْ كُلِّ شَيطَانٍ مَرِيدٍ، بِسْمِ اللهِ دَخَلْتُ وَبِسْمِ اللهِ خَرَجْتُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أُقَدِّمُ بَينَ يَدَي نِسيَانِي وَعَجَلَتِي: بِسْمِ اللهِ وَمَا شَاء اللهُ في سِفَرِي، ذَكَرْتُهُ أَمْ نَسِيتُهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ المُسْتَعَانُ عَلَى الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ، وَالخَلِيفَةُ في الأَهْلِ، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَينَا سَفَرَنَا، وَاطْوِ لَنَا الأَرْضَ، وَسَيِّرنَا بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا ظَهْرَنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقتَنَا، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهُمَّ نَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ المُنْقَلَبِ، وَسُوءِ المَنْظَرِ في الأَهْلِ وَالمَالِ وَالوَلَدِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَاصِرِي، اللَّهُمَّ اقْطَعْ عَنِّي بُعْدَهُ وَمَشَقَّتَهُ، وَاصْحَبنِي فِيهِ، وَاخْلُفنِي في أَهْلِي بِخَيرٍ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ".
3/ دعاء ركوب وسيلة النقل: إذا ركب الإنسان وسيلة نقله في سفره قرأ هذا الدعاء: "الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِلإِسْلامِ، وَعَلَّمَنَا القُرآنَ، وَمَنَّ عَلَينَا بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، سُبحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَه مُقرِنِينَ، وَإنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الحَامِلُ عَلَى الظَّهْرِ، وَالمُسْتَعَانُ عَلَى الأَمرِ، اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا بَلاغًا يَبْلُغُ إلى خَيرٍ، بَلاغًا يَبلُغُ إلى رِضْوَانِكَ وَمَغفِرَتِكَ، اللَّهُمَّ لا طَيَرَ إِلاَّ طَيَرُكَ، وَلا خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُكَ، وَلا حَافِظَ غَيرُكَ.
بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَمِنَ اللهِ وَإلَى اللهِ وَفي سَبِيلِ اللهِ، اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَسْلَمْتُ نَفْسِي وَإِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهي، وَإِلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْرِى، فَاحْفَظْني بِحِفْظِ الإيْمَانِ مِنْ بَيْنِ يَدَىّ وَمِنْ خَلْفي، وَعَنْ يَمينِي وَعَنْ شِمالِي، وَمِنْ فَوْقي وَمِنْ تَحْتِي وَادْفَعْ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاّ بِاللهَ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ".
4/ دعاء السفر: يقدم المسافر أمام توجهه للسفر قراءة الحمد والمعوذتين وآية الكرسي وسورة القدر وآخر آل عمران من قوله تعالى: "إنّ في خلق السماوات" وإلى آخر السورة وقراءة سورة التوحيد أحد عشر مرة، – وقد افتتحنا هذا الكتاب بذكرها فراجع -.
ثم يقرأ هذا الدعاء: "اللَّهُمَّ بِكَ يَصُولُ الصَّائِلُ، وَبِكَ يَطُولُ الطَّائِلُ، وَلا حَوْلَ لِكُلِّ ذِي حَولٍ إِلاَّ بِكَ، وَلا قُوَّةَ يِمتَازُهَا ذُو القُوَّةِ إِلاَّ مِنْكَ، أَسْألُكَ بِصَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ، وَعِترَتِهِ وَسُلالَتِهِ عَلَيهِ وَعَلَيهِمُ السَّلامُ، صَلِّ عَلَيهِ وَعَلَيهِمُ، وَاكفِنِي شَرَّ هَذَا اليَومِ وَضُرَّهُ، وَارزُقْنِي خَيرَهُ وَيُمْنَهُ، وَاقضِ لِي في مُتَصَرَّفَاتِي بِحُسنِ العَاقِبَةِ، وَبُلُوغِ المَحَبَّةِ، وَالظَّفَرِ بِالأمنِيَّةِ، وَكِفَايَةِ الطَّاغِيَةِ الغَوِيِّةِ، وَكُلِّ ذِي قُدْرَةٍ لِي عَلَى أَذِيِّةٍ، حَتَى أَكُونَ في جُنَّةٍ وَعِصْمَةٍ مِنْ كُلِّ بَلاءٍ وَنِقْمَةٍ، وَأَبْدِلنِي فِيهِ مِنَ المَخَاوِفِ أَمْنًا، وَمِنْ العَوَائِقِ فِيهِ يُسرًا، حَتَّى لا يَصُدَنِي صَادٌّ عَنِ المُرَادِ، وَلا يَحِلَّ بِيَّ طَارِقٌ مِن أَذَى العِبَادِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، وَالأُمُورُ إِلَيكَ تَصِيرُ، يَا مَن لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ"
*********************************
المستحبات أثناء السفر
1/ المحافظة على أداء الصلوات في أوقات فضيلتها: ويبتدئ وقت فضيلة الظهر من أول زوال الشمس إلى أن يبلغ الظل الحادث مثل طول الشاخص. ويبتدئ وقت فضيلة العصر بعد مضي مقدار أداء الظهر من الزوال، إلى أن يبلغ طول الظل الحادث مثلَي طول الشاخص. ويبتدئ وقت فضيلة المغرب، من المغرب الشرعي إلى أن يذهب الشفق، وهو الحمرة التي تكون في المغرب، وقد ذكر بعض الفقهاء امتداد فضيلة المغرب إلى ثلث أو ربع الليل. ويبتدئ وقت فضيلة العشاء من ذهاب الحمرة المغربية إلى ثلث الليل. ويبتدئ وقت فضيلة الصبح من طلوع الفجر الصادق إلى أن يسفر الصبح ويتجلل الأسفار السماء.
2/ الإكثار من ذكر الله: ينبغي للمسافر الإكثار من استغفار الله، ومن التسبيح، والتكبير، والتهليل، والتمجيد، والصلاة على محمد وآله عليهم السلام، فإن ذلك مدعاة لتيسير الأمور.
3/ الصّحبة الحسنة: في السفر تختلف على الإنسان صحبته، وداره، ولغة بلده، وتعاملاتها، مما يفرض على الإنسان صعوبات تتحدى مزاجه وأخلاقه، فإن سما في أخلاقه، وارتقى في سلوكه، وتأقلم في مزاجه وطباعه، كان سفره سهلا يسيرا بل وممتعا، أمّا إذا تعثر في ذلك..؟! كان سفره سفرا شاقا متعبا..، ولذلك يمكن القول إن السفر يحتاج إلى ثقافة ووعي خاصٍّ، فكثيرا ما نجد الكبير صغيرا في سفره، وكثيرا ما نجد أخلاق البعض تهتزّ وتحتكّ في السفر.
ولذلك وردت روايات على طريقة رسم الثقافة والسلوك المطلوب في السفر، ننقل لك بعضها كي تعيش في حدود وعيها:
1/ قيل لرسول الله (صلَّى الله عليه وآله): "يا رسول الله خرج معنا حاج فإذا نزلنا لم يزل يهلّل الله حتى نرتحل، فإذا ارتحلنا لم يزل يذكر الله حتى ننزل، فقال النبي (صلَّى الله عليه وآله): فمن كان يكفيه علف ناقته، وصنع طعامه؟ قالوا: كلّنا، فقال (صلَّى الله عليه وآله): كلكم خير منه".
2/ وعنه (صلَّى الله عليه وآله): "أنه أمر أصحابه بذبح شاة في سفر، فقال رجل من القوم: عليّ ذبحها، وقال الآخر: عليّ سلخها، وقال آخر: عليّ قطعها، وقال آخر: عليّ طبخها، فقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): عليّ أن ألقط لكم الحطب!. فقالوا: يا رسول الله لا تتعبنّ! بآبائنا وأمهاتنا أنت، نحن نكفيك؟!، قال: عرفت أنكم تكفوني، ولكنّ الله عزّ وجلّ يكره من عبده إذا كان مع أصحابه أن ينفرد من بينهم، فقام (صلَّى الله عليه وآله) يلقط الحطب لهم".
3/ عن الإمام الصادق "(عليه السَّلام)" قال: "قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمرهم، وأكثر التبسم في وجوههم، وكن كريما على زادك بينهم، وإذا دعوك فأجبهم، وإذا استعانوك فأعنهم، واغلبهم بثلاث: طول الصمت، وكثرة الصلاة، وسخاء النفس بما معك من دابة أو مال أو زاد. وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك… وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم، واسمع ممن هو أكبر منك سنًّا…".
4/ عن الإمام الصادق "(عليه السَّلام)": "المُرّوة في السفر كثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك، وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم، وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عز وجل".
5/ قراءة دعاء الفرج: "لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ الحَلِيمُ الكَرِيمُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ العَلِيُّ العَظِيمُ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الأرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَينَهُنَّ وَمَا تَحتَهُنَّ وَرَبِّ العَرْشِ العَظِيمِ، وَسَلامٌ عَلَى المُرسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، ثُمَّ قل: اللَّهُمَّ كُنْ لِي جَارًا مِن كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَمِنْ كُلِّ شَيطَانٍ رَجِيمٍ".
6/ قراءة هذا الدعاء: "اللَّهُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ في وَجْهِي هَذَا بِلا ثِقَةٍ مِنِّي لِغَيْرِكَ، وَلا رَجَاءٍ آوِي إِلَيْهِ إِلاَّ إِلَيْكَ، وَلا قُوَّةٍ أَتَّكِلُ عَلَيْهَا، وَلا حِيلَةٍ أَلْجَأُ إِلَيْهَا إِلاَّ طَلَبَ فَضْلِكَ وَابْتِغَاءَ رِزْقِكَ وَتَعَرُّضًا لِرَحْمَتِكَ، وَسُكُونًا إلى حُسْنِ عَادَتِكَ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا سَبَقَ لِي في عِلْمِكَ في سَفَرِي هَذَا مِمَّا أُحِبُ أو أَكْرَهُ، فَإِنَّ مَا أَوْقَعْتَ عَلَيهِ يَا رَبِّ مِن قَدَرِكَ فَمَحْمُودٌ فِيهِ بَلاؤُكَ، وَمُتَّضِحٌ عِنْدِي فِيهِ قَضَاؤُكَ، وَأَنْتَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ، وَعِندَكَ أُمُّ الكِتَابِ، اللَّهُمَّ فَاصرِفْ عَنِّى مَقَادِيرَ كُلِّ بَلاءٍ، وَمَقْضِيّ كُلِّ لأوَاءٍ، وَابسِطْ عَلَيَّ كَنَفًا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلُطْفًا مِنْ عَفْوكَ، وَسَعَةً مِنْ رِزْقِكَ، وَتَمَامًا مِنْ نِعْمَتِكَ، وَجماعًا مِنْ مَعَافَاتِكَ، وَأَوقِعْ عَلَيَّ فِيهِ جَمِيعَ قَضَائِكَ عَلَى مُوَافَقَةِ جِمِيعِ هَوَايَ في حَقَيقَةِ أَحسَنِ أَمَلِي، وَدَفْعِ مَا أَحْذَرُ فِيهِ وَمَا لا أَحْذَرُ عَلَى نَفْسِي وَدِينِي وَمَالِي مِمَّا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، وَاجْعَلْ ذَلِكَ خَيرًا لآخِرَتِي وَدُنْيَايَ، وَمَعَ مَا أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ أَنْ تَحْفَظَنِي فِيمَا خَلَّفْتُ وَرَائِي مِنْ أَهْلِي وَوِلدِي وَمَالِي وَمَعِيشَتِي وَحَزَانَتِي وَقَرَابَتِي وَإِخْوَانِي بِأَحْسَنِ مَا خَلَّفْتَ بِهِ غَائِبًا مِنَ المُؤمِنِينَ في تَحْصِينِ كُلِّ عَوَرٍ، وَحِفْظٍ مِنْ كُلِّ مَضيَعَةٍ، وَتَمَامِ كُلِّ نِعْمَةٍ، وَكِفَايَةِ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَسَتْرِ كُلِّ سَيِّئَةٍ، وَصَرْفِ كُلِّ مَحْذُورٍ، وَكَمَالِ كُلِّ مَا يَجْمَعْ لِي الرِّضَا وَالسُّرُورَ في جَمِيعِ أُمُورِي، وَافْعَلْ ذَلِكَ بِي بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَالسَّلامُ عَلَيهِ وَعَلَيهِمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ".
7/ عند الخوف: من أوجس في نفسه خوفا لسبب ما في أثناء السفر فليقل: "اعتَصَمْتُ بِكَ يَا رَبِّ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ في نَفْسِي فَاعْصِمْنِي مِنْ ذَلِكَ" فيُعصم من ذلك.
8/ قراءة آية الكرسي في السّفر: في كلّ ليلة فإنها تجعل صاحبها في سلامة وأمن, ويقول بعدها: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَسِيرِي عِبَرًا وَصَمْتي تَفَكُّرًا وَكَلامِي ذِكْرًا".
9/ الدعاء بعد الصلاة بما ورد: عن حذيفة بن منصور قال: صحبت أبا عبد الله "(عليه السَّلام)" وهو متوجه إلى مكة فلما صلى قال: "اللَّهُمَّ خَلِّ سَبِيلَنَا، وَأَحْسِنْ تَسْيِيرَنَا، وَأَحْسِنْ عَافِيَتَنَا"، وكلما صعد أكمة قال: "اللَّهُمَّ لَكَ الشَّرَفُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ".
10/ -عند الاقتراب من المنطقة التي يريد دخولها: إذا أشرف على القرية التي يريد دخولها فليقل – حين يراها -: "اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظَلَّتْ، وَرَبَّ الأَرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقَلَّتْ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينَ وَمَا أَضَلَّتْ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَّتْ، وَرَبَّ البِحَارِ وَمَا جَرَّتْ، إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ القَرْيَةِ وَخَيرَ مَا فِيهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا، اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي مَا كَانَ فِيهَا مِنْ خَيرٍ، وَوَفِّقْ لِي مَا كَانَ فِيهَا مِن يُسْرٍ، وَأَعِنِّي عَلَى حَاجَتِي، يَا قَاضِيَ الحَاجَاتِ، وَيَا مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ، أَدْخِلنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ، وَأَخْرِجنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلطَانًا نَصِيرًا".
................................................
[1] - هذا الدعاء وما تقدمه من الأدعية مأخوذ من الجزء الأول من مفتاح الجنات للمرحوم الأمين (رحمه الله).
[2] - من كتاب تحفة الحاج للشيخ هادي الساعدي صفحة 33 والمنقول عنه هو المستحبان 7 و 8.
[3] - سورة القصص: الآية: 85.
[4] - هذا الدعاء والسابق عليه منقول عن مفتاح الجنات، ج1 ص 247.
[5] - مفتاح الجنات للسيد الأمين "رحمه الله" ج1 ص 250.
[6] - سورة آل عمران، الآية: 134.