تعرض الفقيه الألمعي المحدث البحراني (قدس سره) في حدائقه الناضرة [ج9 ص361] لحجية الإجماع واستدل في ذلك على العدم، بعد ذهابه إلى بطلان القول بالإجماع والاعتماد عليه في الأحكام الشرعية وعدم كونه مدركاً لها.
واستدل على ذلك بحديث الثقلين، وتقريبه:
أن حديث الثقلين حصر الحجية في الكتاب والسنة دون غيرهما، وهو يدل بالالتزام على سلب الحجية عن غير الكتاب والسنة كالإجماع وغيره.
قال صاحب الحدائق [ج9 362]: "والزاعم لكون ذلك مدركا شرعيا زائدا على ما ذكره صلى الله عليه وآله يحتاج إلى إقامة البرهان والدليل وليس له إلى ذلك سبيل إلا مجرد القال والقيل".
والجواب عن ذلك:
القول بحجية الإجماع لا يتنافى مع حديث الثقلين بعد قيام الدليل على حجيته لا على نحو الاستقلال، وإنما الحجية من باب الكاشفية عن حكم السنة.
وكذا الحال بالنسبة للعقل، فحجيته من باب الكاشفية عن حكم السنة لا على نحو الاستقلال، بل من حيث الملازمة بين حكم العقل وحكم السنة.
بعبارة أخرى: حجية الإجماع والعقل إنما هي في طول الكتاب والسنة لا في عرضهما حتى يتنافى ذلك مع دلالة حديث الثقلين من حصر الحجية بالكتاب والسنة، ونكتة الحجية هي الكاشفية لا الحجية الاستقلالية.
وعليه، فالاستدلال بحديث الثقلين على نفي حجية الإجماع تمسكا بالحصر غير تام. نعم، ما هو مسطور في بعض الكتب الأصولية التي تعرضت للإجماع والعقل ضمن الكتاب والسنة في مبحث مدارك الاستنباط – من دون التنبيه على عدم الاستقلالية أو الإشارة لنكتة الكاشفية – لابد وأن يحمل على التسامح، مع إرادة ما تم ذكره.
علما بأن دليل حجية الإجماع إنما هو من باب استكشاف رأي الإمام (عليه السلام)، وقد ذكرت عدة وجوه لاستكشاف ذلك، من قبيل الحس والتضمن أو اللطف أو الملازمة العادية، وتفصيل ذلك في المطولات الأصولية.
والحمد لله رب العلمين