سماحة الشَّيخ محمود سهلان العكراوي | الحديث الشريف
"وفي الجواب على قولهم هذا انطلق الإمام الصادق (عليه السلام) بالبناء على أنَّ قدرة الله مطلقةٌ، والإطلاق مستفادٌ من إثبات الربوبيَّة له تعالى فلا يكون أجنبيًا عن دعواهم، وهذه هي جهة الاشتراك في القول بين الإمام (عليه السلام) والزِّنديق في أن القدرة مطلقة.
في الفرض الأول من مجادلة الإمام (عليه السلام) للزِّنديق، وهو (كون الطينة أزليةً)، تساءل الإمام (عليه السلام) قائلًا: "فمن أين جاء الموت والفناء؟"، وهذا راجعٌ لقاعدةٍ عقائديَّة، هي: (لا بد أنْ يكون هذا الخلق مخلوقًا ممَّا يفنى، لا من الحيِّ الأزلي). ودعواهم بحسب الفرض تُثبت أزليَّة الطينة وأزليَّة الله تعالى فلا يوجد ما يأتي منه الموت والفناء.
في الفرض الثاني، وهو (كون الطينة ميتةً)، تبطل دعواهم كذلك، حيث قال (عليه السلام): "فلا بقاء للميِّت مع الأزليِّ القديم والميِّت لا يجيء منه حيٌ".
فائدة:
لسان المجادلة هو إمَّا وإمَّا، لأن الكلام يحتمل وجوهًا دائمًا، فنحتاج أن نعرف وجوه الكلام ومناقشتها، ثم تخليصه من الاحتمالات حتى نصل للحق. وهذا لا بد له من أصولٍ ومبادئ، ومنها في محاججة الإمام (عليه السلام) للزنديق: أن الله قادرٌ مطلقًا، وأن ما يفنى يُخلَق ممَّا يفنى".